بَابُ الطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ 213 - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ ، إِلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، وَلاَ نَكْتَحِلَ ، وَلاَ نَتَطَيَّبَ ، وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلا ثَوْبَ عَصْبٍ ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا في نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ . الشرح والبيان : معاني الكلمات : (نُنْهَى) أي : ينهانا النبي صلى الله عليه وسلم . (نُحِدَّ) من الإحداد ، وهو الامتناع عن الزينة والطيب . (فَوْقَ ثَلاَثٍ) أي : ثلاثة أيام . (نَكْتَحِل) نستخدم الكحل . (نَتَطَيَّب) نضع من الطيب . (ثَوْب عَصْبٍ) وهو ضرب من برود اليمن يعصب غزله أي : يجمع ثم يصبغ ثم ينسج . (عِنْدَ الطُّهْرِ) عند الطهر من الحيض . (نُبْذَةٍ) قطعه . (كُسْتِ أَظْفَارٍ) قيل : إنَّ الأظفار : ضرب من العطر يشبه الأظفار ، وقال في المشارق : القسط بخور معروف ، وكذلك الأظفار . ومطابقة الحديث للباب : في قولها : (وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا في نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ) . معنى الحديث : تقول أم عطية : (كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ) أي : لما كنَّا في أيام حياة النبي ، فإنَّه كان ينهانا عن ترك الزينة ؛ لأجل الحداد والحزن على الميّت أكثر من ثلاثة أيام . وقولها : (نُحِد) بضم أوله وكسر ثانيه، أو بفتح أوله وضم ثانيه ، فيجيء منه رباعيًّا وثلاثيًّا . وقولها : (فَوْقَ ثَلاَثٍ) أي : الليالي مع أيامها . ثم استثنت من ذلك الحداد على الزوج فقالت : (إِلا عَلَى زَوْجٍ) أي : إلا المرأة التي مات زوجها ، فإنَّ ظاهره ، وجوب الإحداد على كل من هي ذات زوج ، سواء فيه المدخول بها وغيرها ، مدة (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) أي : أنَّها لا تحل حتى تدخل ليلة الحادي عشر ، وهو قول الجمهور . ثم ذكرتْ أفراداً من الزينة المنهي عنها في تلك الحال ، فقالت : (وَلاَ نَكْتَحِلَ ، وَلاَ نَتَطَيَّبَ ، وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلا ثَوْبَ عَصْبٍ) وهي برود من اليمن يعصب غزله ، ثم ينسج ، فيأتي موشيًّا ؛ لبقاء ما عصب منه أبيض ؛ لأنَّه لم يأخذه صبغ ، وقيل : هي برود مخططة . قالت : (وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا في نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ) النبذة : هي القطعة اليسيرة ، وقولها : (كُسْتِ) بضم الكاف وسكون السين ، وفي مسلم : (قسط) ، وهو نوع من الطيب ، شكله على شكل ظفر الإنسان يوضع في البخور ، وقال ابن بطّال وابن التين : وصوابه : كست ظفار ، نسبة إلى ظفار ، ساحل من سواحل عدن ، فرخص النَّبيُّ للحادة بعد غسلها من محيضها أنْ تضع شيئاً منه لتطيّيب الموضع وإزالة الرائحة الكريهة . قالت : (وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ) قال بعض أهل العلم : النَّهْي للتنزيه ، ونسب هذا القول إلى الجمهور . وَقَالَ الثَّوْريُّ : اتِّبَاع النِّسَاء الْجَنَائِز بِدعَة . وَرخّص فِيهِ مَالك ، وَكَرِهَهُ للشابة . وَنقل الْعَبدَرِي عَن مَالك : يكره إلا أَنْ يكون الْمَيِّت وَلَدهَا أَو والدها أَو زَوجهَا ، وَكَانَت مِمَّن يخرج مثلها لمثله . من فوائد الحديث : 1- مشروعية استخدام المرأة للطيب إذا طهرت من حيضتها لإزالة الرائحة الكريهة الناتجة عن الدم . 2- إنَّ المرأة الداخلة في الحداد أو العدة لا يجوز لها استخدام الطيب ، ومع ذلك رخص لها إذا كانت حائضاً أنْ تستخدم شيئاً من البخور لإذهاب الرائحة ؛ لأنَّها تستقبل الصلاة ، فكان من باب أولى أنْ تستخدمه المرأة غير الداخلة في الحداد . 3- نهي المرأة عن إتباع الجنائز . 4- حث الشريعة الإسلامية على النظافة والاهتمام بها . 5- لا يجوز الحداد فوق ثلاثة أيام واستثني من ذلك حداد المرأة على زوجها أربعة أشهر وعشراً . 6- فيه أنَّ المرأة إذا مات حميم لها ، فلها أنْ تمتنع من الزينة ثلاثة أيام متتابعة ، وتبدأ بالعد من الليلة التي تستقبلها إلى آخر ثالثها . 7- وفيه النهي عن الكحل للحادة . 8- استدلوا بهذا الحديث على أنَّه يحرم على الحادة أكل طعام فيه طيب . 9- فيه وجوب الْإِحْدَاد على كل امرأة ذَات زوج . 10- فِيهِ تَحْرِيم لبس الثِّيَاب المعصفرة ، على الحادة .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم .
براك الله فيك يا شيخنا
كثرة الاعجابات واكتابة تعليقات
تساهم في انتشار دروس الحديث والتفسير
وجزاكم اللَّهُ خيراً
بارك الله فيكم
بَابُ الطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ
213 - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ ، إِلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، وَلاَ نَكْتَحِلَ ، وَلاَ نَتَطَيَّبَ ، وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلا ثَوْبَ عَصْبٍ ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا في نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ .
الشرح والبيان :
معاني الكلمات :
(نُنْهَى) أي : ينهانا النبي صلى الله عليه وسلم .
(نُحِدَّ) من الإحداد ، وهو الامتناع عن الزينة والطيب .
(فَوْقَ ثَلاَثٍ) أي : ثلاثة أيام .
(نَكْتَحِل) نستخدم الكحل .
(نَتَطَيَّب) نضع من الطيب .
(ثَوْب عَصْبٍ) وهو ضرب من برود اليمن يعصب غزله أي : يجمع ثم يصبغ ثم ينسج .
(عِنْدَ الطُّهْرِ) عند الطهر من الحيض .
(نُبْذَةٍ) قطعه .
(كُسْتِ أَظْفَارٍ) قيل : إنَّ الأظفار : ضرب من العطر يشبه الأظفار ، وقال في المشارق : القسط بخور معروف ، وكذلك الأظفار .
ومطابقة الحديث للباب : في قولها : (وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا في نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ) .
معنى الحديث :
تقول أم عطية : (كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ) أي : لما كنَّا في أيام حياة النبي ، فإنَّه كان ينهانا عن ترك الزينة ؛ لأجل الحداد والحزن على الميّت أكثر من ثلاثة أيام .
وقولها : (نُحِد) بضم أوله وكسر ثانيه، أو بفتح أوله وضم ثانيه ، فيجيء منه رباعيًّا وثلاثيًّا .
وقولها : (فَوْقَ ثَلاَثٍ) أي : الليالي مع أيامها .
ثم استثنت من ذلك الحداد على الزوج فقالت : (إِلا عَلَى زَوْجٍ) أي : إلا المرأة التي مات زوجها ، فإنَّ ظاهره ، وجوب الإحداد على كل من هي ذات زوج ، سواء فيه المدخول بها وغيرها ، مدة (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) أي : أنَّها لا تحل حتى تدخل ليلة الحادي عشر ، وهو قول الجمهور .
ثم ذكرتْ أفراداً من الزينة المنهي عنها في تلك الحال ، فقالت : (وَلاَ نَكْتَحِلَ ، وَلاَ نَتَطَيَّبَ ، وَلاَ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلا ثَوْبَ عَصْبٍ) وهي برود من اليمن يعصب غزله ، ثم ينسج ، فيأتي موشيًّا ؛ لبقاء ما عصب منه أبيض ؛ لأنَّه لم يأخذه صبغ ، وقيل : هي برود مخططة .
قالت : (وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا في نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ) النبذة : هي القطعة اليسيرة ، وقولها : (كُسْتِ) بضم الكاف وسكون السين ، وفي مسلم : (قسط) ، وهو نوع من الطيب ، شكله على شكل ظفر الإنسان يوضع في البخور ، وقال ابن بطّال وابن التين : وصوابه : كست ظفار ، نسبة إلى ظفار ، ساحل من سواحل عدن ، فرخص النَّبيُّ للحادة بعد غسلها من محيضها أنْ تضع شيئاً منه لتطيّيب الموضع وإزالة الرائحة الكريهة .
قالت : (وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ) قال بعض أهل العلم : النَّهْي للتنزيه ، ونسب هذا القول إلى الجمهور .
وَقَالَ الثَّوْريُّ : اتِّبَاع النِّسَاء الْجَنَائِز بِدعَة .
وَرخّص فِيهِ مَالك ، وَكَرِهَهُ للشابة .
وَنقل الْعَبدَرِي عَن مَالك : يكره إلا أَنْ يكون الْمَيِّت وَلَدهَا أَو والدها أَو زَوجهَا ، وَكَانَت مِمَّن يخرج مثلها لمثله .
من فوائد الحديث :
1- مشروعية استخدام المرأة للطيب إذا طهرت من حيضتها لإزالة الرائحة الكريهة الناتجة عن الدم .
2- إنَّ المرأة الداخلة في الحداد أو العدة لا يجوز لها استخدام الطيب ، ومع ذلك رخص لها إذا كانت حائضاً أنْ تستخدم شيئاً من البخور لإذهاب الرائحة ؛ لأنَّها تستقبل الصلاة ، فكان من باب أولى أنْ تستخدمه المرأة غير الداخلة في الحداد .
3- نهي المرأة عن إتباع الجنائز .
4- حث الشريعة الإسلامية على النظافة والاهتمام بها .
5- لا يجوز الحداد فوق ثلاثة أيام واستثني من ذلك حداد المرأة على زوجها أربعة أشهر وعشراً .
6- فيه أنَّ المرأة إذا مات حميم لها ، فلها أنْ تمتنع من الزينة ثلاثة أيام متتابعة ، وتبدأ بالعد من الليلة التي تستقبلها إلى آخر ثالثها .
7- وفيه النهي عن الكحل للحادة .
8- استدلوا بهذا الحديث على أنَّه يحرم على الحادة أكل طعام فيه طيب .
9- فيه وجوب الْإِحْدَاد على كل امرأة ذَات زوج .
10- فِيهِ تَحْرِيم لبس الثِّيَاب المعصفرة ، على الحادة .
جزاكم الله خيرا