بَابُ دَلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ ، وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ ، وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ . 214 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ ، قَالَ : (( خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا )) . قَالَتْ : كَيْفَ أَتَطَهَّرُ ؟ قَالَ : (( تَطَهَّرِي بِهَا )) . قَالَتْ : كَيْفَ ؟ قَالَ : (( سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي )) . فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ . الشرح والبيان : معاني الكلمات : (فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ) قطعة من صوف أو قطن أو جلد وضع فيها المسك . (فَاجْتَبَذْتُهَا) جذبتها إلي . مطابقة الحديث للباب : في قوله : (خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا) . وقيل : ترجم البخاري على هذا الحديث بــــ (دَلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا) ولم ينص عليه فيه ، لأنَّه أراد أصل الحديث ، واكتفى بما ورد على غير شرطه في مسلم منه ، فإنَّه قال فيه : (ثم تصب على رأسها ، فتدلكه دلكًا شديدًا) . معنى الحديث : تحدثنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قائلة : (أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيض) أي : أنَّ تلك المرأة سألت النَّبيَّ عن كيفية الغسل الواجب ، عند انقضاء مدة الحيض . قال بعض أهل العلم : هذه السائلة هي أسماء بنت شكل ، وقال الخطيب : إنها أسماء بنت يزيد بن السكن . ثم بيّن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، (فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ) فعلّمها كيفية ذلك الغسل ، وقد جاء تبيين ذلك في روايةٍ لمسلم قال لها : (تأخذ إحداكنَّ ماءها وسدرتها فتطهّرُ فتحسنُ الطُّهورَ ، ثُمَّ تصبُّ على رأسها فتدلُكُهُ دلكاً شديداً ، حتَّى تبلغ شؤون رأسِها ، ثُمَّ تصب عليهِ الماء) . ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : (خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ) الفرصة : هي القطعة من الصوف أو القطن أو غيره ، مأخوذ مِن فرصت الشيء : أي : قطعته ، وقوله : (مِنْ مِسْكٍ) أي : مطيّبة بالمسك . (فَتَطَهَّرِي بِهَا) قالت : (كَيْفَ أَتَطَهَّرُ ؟) أي : كيف أتطهر بتلك الفرصة ؟ قال: (تَطَهَّرِي بِهَا) مقتصراً على ما أمرها أول مرة ، ولم يبين أكثر من ذلك . فأعادتْ عليه فــ (قَالَتْ : كَيْفَ؟) ، قال: (سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي) أي : أنَّه سبّح الله تعجباً من عدم فهمها لما قال ، ثم أعاد عليها الكلمة نفسها ، سالكاً مسلك الإيجاز مما يستحيا منه . فأدركت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستحيا من ذكره . فبيَّنت لتلك السائلة ما عسر عليها فهمه . فقالت رضي الله عنها : (فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ) أي : أنها جذبتها إليها ، لتعلّمها . فقالتْ لها : (تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ) أي : امسحي بتلك الفرصة ، التي وضع فيها المسك موضع خروج الدم ، يعني : الفرج ، وذلك لإزالة الرائحة منه . ومعنى قوله : (تَطَهَّرِي بِهَا) أي : تنظفي بها . من فوائد الحديث : 1- وجوب غسل المرأة إذا ذهبت عنها حيضتها ، ويشرع لها أنْ تدلك جسدها زيادةً في الطهر . 2- مشروعية استخدام الحائض للطيب لتذهب عنها أثر الدم ورائحته . 3- قال المحاملي : يستحب لها أنْ تطيّب كل موضع أصابه الدم من الجسد . 4- شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه . 5- التسبيح عند سماع أو رؤية ما يتعجب منه . 6- يستحب الكناية فيما يتعلق بذكر العورات أو ما يستحيا من ذكره . 7- جواز سؤال المرأة للعالم فيما يخص أمور دينها ، حتى لو كان المسؤول عنه مما يستحيا منه . 8- حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم وتكراره للجواب حتى يتنبه السائل على مقصوده من إجابته ويفهمه . 9- جواز سماع الرجل لصوت المرأة إذا كان في ذلك مصلحة . 10- فيه أنه يستحب للمرأة أن تتتبع أثر الدم بالمسك لتطيّب الموضع عند انقطاع دمها من عادتها . 11- فيه استعمال الكنايات في العلم فيما يتعلق بالعورات . 12- فيه أن للسائل أن يستفهم العلم إذا لم يفهم من أول مرة . 13- فيه تكرار الجواب ، لمن استفهم العلم . 14- فيه أن لمن حضر مجلس العلم أن يُفهِم من لم يفهم . 15- فيه أنه لا مذمة على من سأل عن أمر دينه . 16- فيه ما كانت عليه أم المؤمنين رضي الله عنها من حسن الفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . 17- فيه ما كانت عليه أم المؤمنين رضي الله عنها من حسن البديهة. 18- فيه منقبة للسائلة لحرصها على تفهُم العلم .
بَابُ دَلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ ،
وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ ، وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ .
214 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ ، قَالَ : (( خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا )) . قَالَتْ : كَيْفَ أَتَطَهَّرُ ؟ قَالَ : (( تَطَهَّرِي بِهَا )) . قَالَتْ : كَيْفَ ؟ قَالَ : (( سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي )) . فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ .
الشرح والبيان :
معاني الكلمات :
(فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ) قطعة من صوف أو قطن أو جلد وضع فيها المسك .
(فَاجْتَبَذْتُهَا) جذبتها إلي .
مطابقة الحديث للباب : في قوله : (خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا) .
وقيل : ترجم البخاري على هذا الحديث بــــ (دَلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا) ولم ينص عليه فيه ، لأنَّه أراد أصل الحديث ، واكتفى بما ورد على غير شرطه في مسلم منه ، فإنَّه قال فيه : (ثم تصب على رأسها ، فتدلكه دلكًا شديدًا) .
معنى الحديث : تحدثنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قائلة : (أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيض) أي : أنَّ تلك المرأة سألت النَّبيَّ عن كيفية الغسل الواجب ، عند انقضاء مدة الحيض .
قال بعض أهل العلم : هذه السائلة هي أسماء بنت شكل ، وقال الخطيب : إنها أسماء بنت يزيد بن السكن .
ثم بيّن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، (فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ) فعلّمها كيفية ذلك الغسل ، وقد جاء تبيين ذلك في روايةٍ لمسلم قال لها : (تأخذ إحداكنَّ ماءها وسدرتها فتطهّرُ فتحسنُ الطُّهورَ ، ثُمَّ تصبُّ على رأسها فتدلُكُهُ دلكاً شديداً ، حتَّى تبلغ شؤون رأسِها ، ثُمَّ تصب عليهِ الماء) .
ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : (خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ) الفرصة : هي القطعة من الصوف أو القطن أو غيره ، مأخوذ مِن فرصت الشيء : أي : قطعته ، وقوله : (مِنْ مِسْكٍ) أي : مطيّبة بالمسك .
(فَتَطَهَّرِي بِهَا) قالت : (كَيْفَ أَتَطَهَّرُ ؟) أي : كيف أتطهر بتلك الفرصة ؟
قال: (تَطَهَّرِي بِهَا) مقتصراً على ما أمرها أول مرة ، ولم يبين أكثر من ذلك .
فأعادتْ عليه فــ (قَالَتْ : كَيْفَ؟) ، قال: (سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي) أي : أنَّه سبّح الله تعجباً من عدم فهمها لما قال ، ثم أعاد عليها الكلمة نفسها ، سالكاً مسلك الإيجاز مما يستحيا منه .
فأدركت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستحيا من ذكره .
فبيَّنت لتلك السائلة ما عسر عليها فهمه .
فقالت رضي الله عنها : (فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ) أي : أنها جذبتها إليها ، لتعلّمها .
فقالتْ لها : (تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ) أي : امسحي بتلك الفرصة ، التي وضع فيها المسك موضع خروج الدم ، يعني : الفرج ، وذلك لإزالة الرائحة منه .
ومعنى قوله : (تَطَهَّرِي بِهَا) أي : تنظفي بها .
من فوائد الحديث :
1- وجوب غسل المرأة إذا ذهبت عنها حيضتها ، ويشرع لها أنْ تدلك جسدها زيادةً في الطهر .
2- مشروعية استخدام الحائض للطيب لتذهب عنها أثر الدم ورائحته .
3- قال المحاملي : يستحب لها أنْ تطيّب كل موضع أصابه الدم من الجسد .
4- شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه .
5- التسبيح عند سماع أو رؤية ما يتعجب منه .
6- يستحب الكناية فيما يتعلق بذكر العورات أو ما يستحيا من ذكره .
7- جواز سؤال المرأة للعالم فيما يخص أمور دينها ، حتى لو كان المسؤول عنه مما يستحيا منه .
8- حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم وتكراره للجواب حتى يتنبه السائل على مقصوده من إجابته ويفهمه .
9- جواز سماع الرجل لصوت المرأة إذا كان في ذلك مصلحة .
10- فيه أنه يستحب للمرأة أن تتتبع أثر الدم بالمسك لتطيّب الموضع عند انقطاع دمها من عادتها .
11- فيه استعمال الكنايات في العلم فيما يتعلق بالعورات .
12- فيه أن للسائل أن يستفهم العلم إذا لم يفهم من أول مرة .
13- فيه تكرار الجواب ، لمن استفهم العلم .
14- فيه أن لمن حضر مجلس العلم أن يُفهِم من لم يفهم .
15- فيه أنه لا مذمة على من سأل عن أمر دينه .
16- فيه ما كانت عليه أم المؤمنين رضي الله عنها من حسن الفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
17- فيه ما كانت عليه أم المؤمنين رضي الله عنها من حسن البديهة.
18- فيه منقبة للسائلة لحرصها على تفهُم العلم .
نحبك في الله شيخنا
وادعوا الله أن يرزقنا لقائك والطلب من فضيلتكم
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل
جزاكم الله خيرا
جزاك الله خيرا