فضل الفقه أعظم دليل على فضيلة الشيء النظر إلى ثمرته. ومن تأمل ثمرة الفقه علم أنه أفضل العلوم. فإن أرباب المذاهب فاقوا على الخلائق أبداً، وإن كان في زمن أحدهم من هو أعلم منه بالقرآن أو بالحديث أبو باللغة. واعتبر هذا بأهل زماننا فإنك ترى الشاب يعرف مسائل الخلاف الظاهرة فيستغني ويعرف حكم الله تعالى في الحوادث ما لا يعرفه النحرير من باقي العلماء. وكما رأينا مبرزاً في علم القرآن أو في الحديث أو في التفسير أو في اللغة لا يعرف مع الشيخوخة معظم أحكام الشرع. وربما جهل عمل ما ينويه في صلاته، على أنه ينبغي للفقيه ألا يكون أجنبياً عن باقي العلوم. فإنه لا يكون فقيهاً. بل يأخذ من كل علم بخط ثم يتوفر على الفقه فإنه عز الدنيا والآخرة.
فصل الفقر بلاء ومنقصة ليس في الدنيا أنفع للعلماء من جمع المال للاستغناء عن الناس، فإنه إذا ضم إلى العلم حيز الكمال. وإن جمهور العلماء شغلهم العلم عن الكسب، فاحتاجوا إلى ما لا بد منه. وقل الصبر فدخوا مداخل شانتهم وإن تأولوا فيها، إلا أن غيرها كان أحسن لهم. فالزهري مع عبد الملك، وأبو عبيدة مع طاهر بن الحسين، وابن أبي الدنيا مؤدب المعتضد، وابن قتيبة صدر كتابه بمدح الوزير. وما زال خلف من العلماء والزهاد يعيشون في ظل جماعة من المعروفين بالظلم. وهؤلاء وإن كانوا سلكوا طريقاً من التأويل فإنهم فقدوا من قلوبهم وكمال دينهم أكثر مما نالوا من الدنيا. وقد رأينا جماعة من المتصوفة والعلماء يغشون الولاة لأجل نيل ما في أيديهم، فمنهم من يداهن ويرائي، ومنهم من يمدح بما لا يجوز، ومنهم من يسكت عن منكرات إلى غير ذلك من المداهنات وسببه الفقر. فعلمنا أن كمال العز وبعد الرياء إنما يكون في البعد عن العمال الظلمة. ولم نر من صح له هذا إلا في أحد رجلين. إما من كان له مال كسعيد بن المسيب كان يتجر في الزيت وغيره، وسفيان الثوري كانت له بضائع، وابن المبارك. وإما من كان شديد الصبر قنوعاً بما رزق وإن لم يكفه كبشر الحافي، وأحمد ابن حنبل. ومتى لم يجد الإنسان كصبر هذين، ولا كمال أولئك، فالظاهر تقلبه في المحن والآفات. وربما تلف دينه. فعليك يا طالب العلم بالاجتهاد في جمع المال للغنى عن الناس فإنه يجمع لك دينك. فما رأينا في الأغلب منافقاً في التدين والتزهد والتخشع ولا آفة طرأت على عالم إلا بحب الدنيا، وغالب ذلك الفقر. فإن كان له ما يكفيه ثم يطلب بتلك المخالطة الزيادة، فذلك معدود في أهل الشره، خارج عن حيز العلماء، نعوذ بالله من تلك الأحوال.
بارك الله فيكم و بارك بكم و جزاكم الله عنا كل الخير
كلامكم درر
فضل الفقه
أعظم دليل على فضيلة الشيء النظر إلى ثمرته. ومن تأمل ثمرة الفقه علم أنه أفضل العلوم.
فإن أرباب المذاهب فاقوا على الخلائق أبداً، وإن كان في زمن أحدهم من هو أعلم منه بالقرآن أو بالحديث أبو باللغة.
واعتبر هذا بأهل زماننا فإنك ترى الشاب يعرف مسائل الخلاف الظاهرة فيستغني ويعرف حكم الله تعالى في الحوادث ما لا يعرفه النحرير من باقي العلماء.
وكما رأينا مبرزاً في علم القرآن أو في الحديث أو في التفسير أو في اللغة لا يعرف مع الشيخوخة معظم أحكام الشرع.
وربما جهل عمل ما ينويه في صلاته، على أنه ينبغي للفقيه ألا يكون أجنبياً عن باقي العلوم. فإنه لا يكون فقيهاً.
بل يأخذ من كل علم بخط ثم يتوفر على الفقه فإنه عز الدنيا والآخرة.
فصل الفقر بلاء ومنقصة
ليس في الدنيا أنفع للعلماء من جمع المال للاستغناء عن الناس، فإنه إذا ضم إلى العلم حيز الكمال.
وإن جمهور العلماء شغلهم العلم عن الكسب، فاحتاجوا إلى ما لا بد منه.
وقل الصبر فدخوا مداخل شانتهم وإن تأولوا فيها، إلا أن غيرها كان أحسن لهم. فالزهري مع عبد الملك، وأبو عبيدة مع طاهر بن الحسين، وابن أبي الدنيا مؤدب المعتضد، وابن قتيبة صدر كتابه بمدح الوزير. وما زال خلف من العلماء والزهاد يعيشون في ظل جماعة من المعروفين بالظلم.
وهؤلاء وإن كانوا سلكوا طريقاً من التأويل فإنهم فقدوا من قلوبهم وكمال دينهم أكثر مما نالوا من الدنيا.
وقد رأينا جماعة من المتصوفة والعلماء يغشون الولاة لأجل نيل ما في أيديهم، فمنهم من يداهن ويرائي، ومنهم من يمدح بما لا يجوز، ومنهم من يسكت عن منكرات إلى غير ذلك من المداهنات وسببه الفقر.
فعلمنا أن كمال العز وبعد الرياء إنما يكون في البعد عن العمال الظلمة.
ولم نر من صح له هذا إلا في أحد رجلين.
إما من كان له مال كسعيد بن المسيب كان يتجر في الزيت وغيره، وسفيان الثوري كانت له بضائع، وابن المبارك.
وإما من كان شديد الصبر قنوعاً بما رزق وإن لم يكفه كبشر الحافي، وأحمد ابن حنبل.
ومتى لم يجد الإنسان كصبر هذين، ولا كمال أولئك، فالظاهر تقلبه في المحن والآفات. وربما تلف دينه.
فعليك يا طالب العلم بالاجتهاد في جمع المال للغنى عن الناس فإنه يجمع لك دينك. فما رأينا في الأغلب منافقاً في التدين والتزهد والتخشع ولا آفة طرأت على عالم إلا بحب الدنيا، وغالب ذلك الفقر.
فإن كان له ما يكفيه ثم يطلب بتلك المخالطة الزيادة، فذلك معدود في أهل الشره، خارج عن حيز العلماء، نعوذ بالله من تلك الأحوال.