بسم الله الرحمن الرحيم 6 - كتاب الحيض الحيض : مصدر حاض يحيض حيضاً ، وهو في اللغة : السيلان يقال : حاض الوادي إذا سالَ . وفي الاصطلاح : جريان دم المرأة في أوقات معلومة يُرخيه رحم المرأة بعد بلوغها . من حِكَم الله تعالى فيه: 1- إنّه علامة على بلوغ المرأة ، فتتعلق بها الأحكام الشرعية. 2- علامة لعدة المطلقة . 3- استحالته لتغذية الجنين في بطن أمه . 4- استحالته لبناً لتغذية الرضيع . 5- فإذا كانت غير حامل ولا مرضعة خرج منها في أوقات معلومة . بَابُ الأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ إِذَا نُفِسْنَ 204 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، تَقُولُ : خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلَّا الْحَجَّ ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ : (( مَا لَكِ أَنُفِسْتِ ؟ )) . قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ : (( إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ )) . قَالَتْ : وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ . الشرح والبيان : معاني الكلمات : (لاَ نَرَى إِلا الْحَجَّ) أي : لا نقصد في سفرنا إلا الحج . (بِسَرِفَ) موضع قريب من مكة المكرمة . (أَنُفِسْتِ) قال النووي : بضم النون وفتحها في الحيض والنفاس ، ولكن الضم في الولادة والفتح في الحيض أكثر . الشرح الإجمالي : قال ابن بطّال رحمه الله : الحديث يدل على أنَّ الحيض مكتوبٌ على بنات آدم ، ومن بعدهنَّ من البنات كما قال عليه الصلاة والسلام ، وهو من أصل خلقتهنَّ الذي فيه صلاحهنَّ ، قال تعالى في زكريا : { وأصلحنا له زوجه } . قال أهل التأويل : يعني رد الله عليها حيضتها ، ألا ترى أنَّ المرأة إذا ارتفع حيضها ؛ فإنَّها لا تحمل ، وهذه عادة لا تنخرم وقصة إبراهيم حين بُشّر بالولد : ( وامرأته قائمة فضحكت ) قال قتادة : حاضت ، فدَلَ على أنَّ الحيض كان قبل بني اسرائيل . وفي هذا الحديث أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه خرجوا قاصدين حج بيت الله الحرام معهم عائشة رضي الله عنها حتى إذا كانوا في منطقة سرف القريبة من مكة حاضت عائشة فدخل عليها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فوجدها تبكي ، فقال لها : ( مَا لَكِ أَنُفِسْتِ ؟) فأجابت : أنْ نعم . فأمرها أنْ تقضي ما يقضي الحاج ، ولكنَّها لا تطوف في البيت . ومطابقة الحديث للباب : في قوله : (فَاقْضِي مَا يَقْضِى الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْت). قال الحافظ ابن حجر : وسقطت هذه الترجمة من أكثر الروايات غير أبي ذر وأبي الوقت وترجم بالنفساء إشعاراً بأنَّ ذلك يطلق على الحائض لقول عائشة في الحديث : (حِضْتُ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم لها : (أَنُفِسْتِ ؟) . معنى الحديث : تحدثنا أم المؤمنين عائشة قائلةً : (خرَجْنَا لاَ نَرَى إِلا الْحَجَّ) أي : أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع محرمين بالحج مفرداً ، لا يعتقدون أنَّهم يحرمون إلا به . قالت : (فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ) وهو موضع معروف قريب من مكة على بُعْدِ أميال منها . (حِضْتُ) أي : أتاها ما يأتي النساء . قالت: (فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي) أي : حزناً ؛ لأنَّها ظنت أنَّ الحيض يفسد عليها حجها . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَا لَكِ أَنُفِسْتِ ؟ ، قلت : نعم) . قوله : (أَنُفِسْتِ) بكسر الفاء ، وفتح النون وضمها لغتان مشهورتان : أفصحهما : الفتح أي : أحضت ، ويقال في النفاس الذي هو الولادة : نفست بضم النون وفتحها أيضًا . فقال لها رسول الله مواسياً لها : (إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ) أي : فلا لائمة على من أصابها منه ، فهي معذورة ؛ لأنَّه أمرٌ قدريٌّ قدّره الله عليهن ، فلا يفسد به الحج ، وهذا تسلية لها وتخفيف لهمِّها ، ومعناه : إنكِ لست مختصة به . ثم أمرها بما يجب عليها أنْ تفعله ، وقد نزل بها ذلك فقال : (فَاقْضِي مَا يَقْضِى الْحَاجُّ) . فأمرها بفعل ما يفعله الحاج من المناسك ، ثم استثنى فقال : (غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ) أي : حتى تطهري . قالت : (وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ) . زاد في رواية : (غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) ، وهذه الجملة هي غاية الاستثناء ، من العمل كعمل بقية الحجّاج الذين لم يصابوا بما أصيبت به ، في بقية المناسك ، فإذا ذهب عنها ما وجدت ، فعلتْ ما فعلوا بغير استثناء ، ولا نهي . ومثل الحائضِ النفساءُ ، والجنبُ ، والمحدث ، فيصح منهم كل أفعال الحج وأقواله إلا الطواف ، فإنه يشترط فيه الطهارة . من فوائد الحديث : 1- إنَّ الحيض كتبه الله على بنات آدم ، ومن بعدهن من النساء . 2- حرصُ عائشة على أنْ لا يفوتها أجرُ أفعال الحج حتى إنَّها بكتْ لما حاضتْ خوفاً من ذلك . 3- حسن تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته ، وإرشاده لهم ، ورحمته بهم ، ومواساته لهم ، وتخفيفه عنهم . 4- لا يجوز للحائض أنْ تطوف في البيت . 5- جواز الإهداء والأضحية بالبقر ، وأنَّه يكون عن سبعة أشخاص . 6- فيه أنَّ الحيض دم طبيعية في المرأة ، فهو عذر شرعي . 7- فيه أنَّ الحيض لا يفسد الحج . 8- فيه أنَّ الحيض يمنع من الطواف . 9- فيه أنَّه يجوز إهداء الرجل عن غيره . 10- استدل به مالك على أن التضحية بالبقر أفضل من البُدن ، وذهب الشافعي وغيره إلى أن التضحية بالبُدن أفضل من البقر ؛ لتقديم البدنة على البقرة في حديث ساعة الجمعة .
بسم الله الرحمن الرحيم
6 - كتاب الحيض
الحيض : مصدر حاض يحيض حيضاً ، وهو في اللغة : السيلان يقال : حاض الوادي إذا سالَ .
وفي الاصطلاح : جريان دم المرأة في أوقات معلومة يُرخيه رحم المرأة بعد بلوغها .
من حِكَم الله تعالى فيه:
1- إنّه علامة على بلوغ المرأة ، فتتعلق بها الأحكام الشرعية.
2- علامة لعدة المطلقة .
3- استحالته لتغذية الجنين في بطن أمه .
4- استحالته لبناً لتغذية الرضيع .
5- فإذا كانت غير حامل ولا مرضعة خرج منها في أوقات معلومة .
بَابُ الأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ إِذَا نُفِسْنَ
204 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، تَقُولُ : خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلَّا الْحَجَّ ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ : (( مَا لَكِ أَنُفِسْتِ ؟ )) . قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ : (( إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ )) . قَالَتْ : وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ .
الشرح والبيان :
معاني الكلمات :
(لاَ نَرَى إِلا الْحَجَّ) أي : لا نقصد في سفرنا إلا الحج .
(بِسَرِفَ) موضع قريب من مكة المكرمة .
(أَنُفِسْتِ) قال النووي : بضم النون وفتحها في الحيض والنفاس ، ولكن الضم في الولادة والفتح في الحيض أكثر .
الشرح الإجمالي : قال ابن بطّال رحمه الله : الحديث يدل على أنَّ الحيض مكتوبٌ على بنات آدم ، ومن بعدهنَّ من البنات كما قال عليه الصلاة والسلام ، وهو من أصل خلقتهنَّ الذي فيه صلاحهنَّ ، قال تعالى في زكريا : { وأصلحنا له زوجه } . قال أهل التأويل : يعني رد الله عليها حيضتها ، ألا ترى أنَّ المرأة إذا ارتفع حيضها ؛ فإنَّها لا تحمل ، وهذه عادة لا تنخرم وقصة إبراهيم حين بُشّر بالولد : ( وامرأته قائمة فضحكت ) قال قتادة : حاضت ، فدَلَ على أنَّ الحيض كان قبل بني اسرائيل .
وفي هذا الحديث أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه خرجوا قاصدين حج بيت الله الحرام معهم عائشة رضي الله عنها حتى إذا كانوا في منطقة سرف القريبة من مكة حاضت عائشة فدخل عليها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فوجدها تبكي ، فقال لها : ( مَا لَكِ أَنُفِسْتِ ؟) فأجابت : أنْ نعم . فأمرها أنْ تقضي ما يقضي الحاج ، ولكنَّها لا تطوف في البيت .
ومطابقة الحديث للباب : في قوله : (فَاقْضِي مَا يَقْضِى الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْت).
قال الحافظ ابن حجر : وسقطت هذه الترجمة من أكثر الروايات غير أبي ذر وأبي الوقت وترجم بالنفساء إشعاراً بأنَّ ذلك يطلق على الحائض لقول عائشة في الحديث : (حِضْتُ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم لها : (أَنُفِسْتِ ؟) .
معنى الحديث : تحدثنا أم المؤمنين عائشة قائلةً : (خرَجْنَا لاَ نَرَى إِلا الْحَجَّ) أي : أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع محرمين بالحج مفرداً ، لا يعتقدون أنَّهم يحرمون إلا به .
قالت : (فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ) وهو موضع معروف قريب من مكة على بُعْدِ أميال منها .
(حِضْتُ) أي : أتاها ما يأتي النساء .
قالت: (فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي) أي : حزناً ؛ لأنَّها ظنت أنَّ الحيض يفسد عليها حجها .
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَا لَكِ أَنُفِسْتِ ؟ ، قلت : نعم) .
قوله : (أَنُفِسْتِ) بكسر الفاء ، وفتح النون وضمها لغتان مشهورتان :
أفصحهما : الفتح أي : أحضت ، ويقال في النفاس الذي هو الولادة : نفست بضم النون وفتحها أيضًا .
فقال لها رسول الله مواسياً لها : (إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ) أي : فلا لائمة على من أصابها منه ، فهي معذورة ؛ لأنَّه أمرٌ قدريٌّ قدّره الله عليهن ، فلا يفسد به الحج ، وهذا تسلية لها وتخفيف لهمِّها ، ومعناه : إنكِ لست مختصة به .
ثم أمرها بما يجب عليها أنْ تفعله ، وقد نزل بها ذلك فقال : (فَاقْضِي مَا يَقْضِى الْحَاجُّ) .
فأمرها بفعل ما يفعله الحاج من المناسك ، ثم استثنى فقال : (غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ) أي : حتى تطهري .
قالت : (وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ) .
زاد في رواية : (غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) ، وهذه الجملة هي غاية الاستثناء ، من العمل كعمل بقية الحجّاج الذين لم يصابوا بما أصيبت به ، في بقية المناسك ، فإذا ذهب عنها ما وجدت ، فعلتْ ما فعلوا بغير استثناء ، ولا نهي .
ومثل الحائضِ النفساءُ ، والجنبُ ، والمحدث ، فيصح منهم كل أفعال الحج وأقواله إلا الطواف ، فإنه يشترط فيه الطهارة .
من فوائد الحديث :
1- إنَّ الحيض كتبه الله على بنات آدم ، ومن بعدهن من النساء .
2- حرصُ عائشة على أنْ لا يفوتها أجرُ أفعال الحج حتى إنَّها بكتْ لما حاضتْ خوفاً من ذلك .
3- حسن تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته ، وإرشاده لهم ، ورحمته بهم ، ومواساته لهم ، وتخفيفه عنهم .
4- لا يجوز للحائض أنْ تطوف في البيت .
5- جواز الإهداء والأضحية بالبقر ، وأنَّه يكون عن سبعة أشخاص .
6- فيه أنَّ الحيض دم طبيعية في المرأة ، فهو عذر شرعي .
7- فيه أنَّ الحيض لا يفسد الحج .
8- فيه أنَّ الحيض يمنع من الطواف .
9- فيه أنَّه يجوز إهداء الرجل عن غيره .
10- استدل به مالك على أن التضحية بالبقر أفضل من البُدن ، وذهب الشافعي وغيره إلى أن التضحية بالبُدن أفضل من البقر ؛ لتقديم البدنة على البقرة في حديث ساعة الجمعة .