46- وردي وثُنائيته مع شاعر الشّعب محجوب شريف آخر فترة داخل معتقل كوبر (2) ((الجزء الثاني)) وكانت الإشارة الثالثة لاحقاً الوساطة التـي قام بـها الـمرحوم عـمر الـحاج موسـى والـمرحوم أحـمد عبد الـحليـم وحاولا عبـرها إقناع نـميـري بأنّ وردي غيـر منظّم سياسيّاً وليس عضواً فـي الـحزب الشّيوعـي وأنّه فقط متعاطف مع اليسار وقد أصبح سـجنه لـمدّة عام بعيداً عن جـمهوره وعوده وأغانيه درساً كافـياً له فاجتـمع نـميـري بنائبه اللواء الباقر وبرئيس جهاز الأمن القومـي عبد الوهاب إبراهيـم وناقشـهـما بـخصوص فكرة إطلاق سراح وردي فاتّفقوا أن يُسأل وردي من مأمور السّـجن إن كانت لديه رغبة يريـد منـهم تـحقيقـها لـه متوقّعيـن أن يطلب وردي إطلاق سراحه وبالفعل سأل مأمور سـجن كوبـر وردي عـمّا يرغب فيه وأجاب وردي فوراً بأنّه يرغب فـي أن يـحضروا له عودَهُ ونقل مأمور السّـجن رغبة وردي للّواء الباقر والفريـق عبد الوهاب وكان تعليق اللواء الباقر السّاخر: هو وردي دا نـحن لـمّا اعتقلناه اعتقلناه عشان راكب دبّابة ؟؟؟ ما اعتقلناه عشان عودو دا وبعد أكثر من عام ووردي في معتقل كوبر أطلّ شـهر رمضان وبعد أن جرت العديـد من الوساطات واعتبارات أنّ وردي عـموماً لـم يشارك مشاركة مباشرة فـي انقلاب ولـم يشارك فـي اجتـماعات حزبيّة أو تخطيطيّة ولـم يـحـمل السّلاح ولـم يكن يعلـم بالـمـحاولة قبـل وقوعـها وليس له عضويّة رسـميّة فـي حزب سياسـي ولـمثل هذه الإعتبارات تـمّ الـجّلوس مع وردي بغية إلزامه بعدم معارضة النظام وبالإبتعاد عن السيّاسة ودهاليـزها والـتّركيـز علـى الغناء والـتّلـحيـن وتـحديداً علـى الأغانـي العاطفيّة والإبتعاد عن أناشيـد أكتوبر والأُغنيات النّضاليّة التي صنعها مع شاعرها محجوب شريف واعتاد علَىَ تلحينها وغنائها داخل معتقل كوبر وكان وردي وقتها قد قام بتلحين أغنية عاطفيّة واحدة اعتبرها رمزيّة هي أغنية (أرحل) للشّاعر التِّيجاني سعيد محمود والتي لحّنها وردي بنفس الأسلوب عبر تحفيظه المقاطع التي كان يلحّنها شفاهةً لزملاء الزّنزانة وأظننا نعلم قصّة الأغنية التي تمّ تهريبها لوردي داخل شبشب أتاه من زوجته عند زيارتها له وقتها وسنعود لقصّة أُغنية (أرحل) عند التّوثيق لها تمّ الجّلوس مع وردي للإتّفاق معه وإطلاق سراحه حتّـى يـمكن بث أعـماله عبـر الإذاعة والتلفزيون بعد منعها وبعد الإجتماع بوردي من داخل المعتقل لـم يوقّع وردي علـَىَ أيّ إقرار رسـمـي أو تعـهُّد مكتوب بل جادل جداله الـمعتاد ودافع عن حقوقه الدستورية كـمواطن وفـي نـهاية الـمطاف تـمّ إطلاق سراح وردي أخيـراً بعد قرابة عام وربع عام قضاها خلف القضبان ليخرج وردي أخيـراً من الـمعتقل في شهر سبتمبر من العام 1972 تحيّاتي لؤي #وردي_التوثيق_الشامل_أغنيات_الشاعر_محجوب__شريف_تومبلباي
46- وردي وثُنائيته مع شاعر الشّعب محجوب شريف آخر فترة داخل معتقل كوبر (1) ((الجزء الأوّل)) عندما طرحت مايو شعاراتها الإشتراكية احتفى بها محجوب شريف ووردي وهما لم يكن لديهما أيّ انتماء حزبي وإنما تشرّبا بالإشتراكيّة كمفاهيم اجتماعية تربّيا عليها في ترحالهما بين الريف والمدينة وبعد التجارب السياسيّة التي مرّت بها البلاد وعايشاها كمواطنَين احتفىَ محجوب بِمايو وكتب قصائده كانفعال بالشّعارات المطروحة في بداية أيّام مايو الأولَىَ ولكن بعد أشهُر من نظام نميري كتب محجوب في جريدة الفجر كلمة شرف يعاتب ويلوم فيها النظام حيث استشعر وقتها مجافاة نميري لشعاراته وكانت هناك محاولات لجعله بوق للنظام وكما قال محجوب: لست ترزي لنظام مايو وهذا الرّد كان لوزير التّعليم عندما طلب منه أن يكتب قصيدة تمجّد التغيير في المنهج والسلّم التّعليمي الذي طرحه الوزير محيي الدّين صابر وزير مايو للتعليم كذلك محاولات مفسدة محجوب حينها من مخابرات النظام المايوي التي شرعت في دعوات جلسات سكْر وبنقو وقد كان هو المعلّم الخلوق المنتمي بصدق لمهنته وبالتّالي شعر بالإشمئزاز من سلوكهم المفضوح النّوايا واستمرّت المواجهات مع النّظام في قصائد لاحقة مثل لا حارسنا ولا فارسنا وهي نقد ذاتي كتبه فيها وفي غيرها وأعلن هذا النقد في أكثر من منبر ودفع ثمن ذلك الموقف اعتقالات وفصل من العمل طيلة حكم نميري الدكتاتوري وقد حرق محجوب ديوان قصائد كان من ضمنها قصيدة حارسنا وفارسنا كما حرق زهرة شبابه مفصولاً ومعتقلاً وبعد ذكرَىَ يوليو الأولَىَ تمَّ ترحيـل مـحـجوب شريف من سجن كوبر لسـجن شالا بالفاشر وبقىَ وردي في كوبر لتنقطع الثُّنائيّة حينها مؤقّتاً وكان أثناء تواجدهما داخل معتقل كوبر بعد حوالي سبعة أشهر من اعتقالهما قد حدث فـي السّابع والعشرون من فبراير عام 1972 أن تـمّ التّوقيـع علـى اتّفاقيّة أديس أبابا واعتُمِد تاريخ الثالث من مارس عام 1972 تاريخاً رسميّاً للإحتفال بالإتفاقية والتـي أقرّت الـحُكـم الذاتـي الإقليـمـي وأُعلن يوم الثالث من مارس يوماً للوحدة الوطنيّة وانطلق الاحتفال بالـمناسبة فـي مدينة جوبا بـحضور جعفر نـميـري وكالعادة تـمّ إرسال مـجـموعة من الـمطربيـن للـحفل فكان من ضمنـهـم أحـمد الـمصطفـى وحسن عطيّة وعبد العزيـز مـحـمّد داؤود وغاب الـمعتقل وردي علَـىَ غيـر العادة نسبة لاعتقاله منذ الثاني والعشرين من يوليو عام 1971 وفي جوبا قدّم الـمطربون وصلاتـهـم الغنائيّة وفـي بالـهـم زميلـهـم وردي وكان جعفر نـميـري سعيداً بالـمناسبة فكان يطلب من أبـي داؤود أن يـجلس بـجانبه وأن يـحكـي له آخر النكات ويضـحك عالياً بعد كل طرفة يـحكيـها أبو داؤود فرأَىَ أحـمد الـمصطفـى أنّ هذه سانـحة مـمتازة ليفاتـح أبو داؤود نـميـري فـي موضوع وردي فطلب أحـمد الـمصطفـى من أبـي داؤود أن يطلب من نـميـري العفو عن وردي مستغلاً مزاج نـميـري الـمعتـدل يومـها وبالفعل جلس أبو داؤود بـجانب نـميـري وحكَـىَ لنـميـري طرائف أضـحكتـه وفـجأة قال لـنـميـري: يا ريّس لو سـمحت لـي عندي سؤال بـخصوص زميـلنا مـحـمّد وردي فاكفـهرّ وجه نـميـري وحلّت تكشيـرة مـحل الإبتسامة وسأل بصوت راعد: مـحـمّد وردي مالو ؟؟؟؟ فأجاب أبو داؤود بسـخريّته الـمعهودة: لا بس عاوز أسأل حاتعدموه متيـن ؟ وانفـجر نـميـري ضاحكاً وكانت هذه بـمثابة أوّل إشارة لنـميـري تعلن عن رغبات جادّة ترغب في إطلاق سراح وردي وقبل توقيـع اتّفاقيّة أديس أبابا أحسّ قذّافـي أن نـميـري يتّـجه لأفريقيا بدلاً عن الإعتـماد علَـىَ تـحالفـهـم الثّلاثـي مصر - ليبيا - السودان وأنّه بذلك قطعاً لا يؤمن إيـماناً كافياً بـمبدأ الوحدة العربية الذي كان قذّافـي يـحلــم به فتـحرّك نـميـري فـي سلسلة زيارات خلال شـهر أبريـل من العام 1972 للإمارات والسعودية وبعض دول الـخليـج لكن قذّافـي كان قد بدأ العداء ضد نـميـري وأحسّ أنّه انـخدع من نـميـري فيـما يـختصّ بتوجّه حركة يوليو وانقلاب نـميـري علـى اليسار مثـلـما فعل السّادات فـي مصر والذي بدأ قذّافـي فـي معاداته كذلك بعد رحيـل الزعيـم عبد الناصر فكان أن رفض القذافـي دعوة من نـميـري لزيارة الـخرطوم بمناسبة الإحتفال بالعيد الثالث لـمايو وكان حينها الرّئيس التّشادي وأول رئيس لتشاد فرانسوا تومبالباي والذي كان مُعلّماً كوردي قبل أن يصبح رئيساً مثلما كان وردي مُعلّماً قبل أن يصبح فناناً وكان صديقاً مقرباً لوردي يحبّه ويحب أغنياته وكان يدعو وردي لزيارة تشاد في مختلف المناسبات لإحياء الحفلات وكان الرّئيس التّشادي فرانسوا تومبالباي قد زار الخرطوم زيارةً لخمسة أيّام لدعم مباحثات اتّفاقية الوحدة الوطنية زيارة بدأت في الثّامن من فبراير من العام 1972 وخلال برنامـج الزيارة فاجأ الرّئيس التّشادي تومبلباي نـميـري بسؤالٍ عن غياب مـحـمد وردي عن السّاحة فأخبـره نـميـري بأنّ وردي تارك الغناء الذي يـجيده وعامل فيـها سياسـي ومباري الشّيوعييـن لذلك فـهو معتقل لأكثر من نصف العام فنصح تومبالباي نـميـري ألّا يستعدي أمثال وردي وأن يعفو عنه ويطلق سراحه وكانت هذه بـمثابة ثانـي إشارة لنـميـري تعلن عن رغبات جادّة ترغب في إطلاق سراح وردي تحيّاتي لؤي #وردي_التوثيق_الشامل_أغنيات_الشاعر_محجوب__شريف_تومبلباي
46- وردي وثُنائيته مع شاعر الشّعب محجوب شريف
آخر فترة داخل معتقل كوبر (2)
((الجزء الثاني))
وكانت الإشارة الثالثة لاحقاً الوساطة التـي قام بـها الـمرحوم عـمر الـحاج موسـى والـمرحوم أحـمد عبد الـحليـم وحاولا عبـرها إقناع نـميـري بأنّ وردي غيـر منظّم سياسيّاً وليس عضواً فـي الـحزب الشّيوعـي وأنّه فقط متعاطف مع اليسار وقد أصبح سـجنه لـمدّة عام بعيداً عن جـمهوره وعوده وأغانيه درساً كافـياً له فاجتـمع نـميـري بنائبه اللواء الباقر وبرئيس جهاز الأمن القومـي عبد الوهاب إبراهيـم وناقشـهـما بـخصوص فكرة إطلاق سراح وردي فاتّفقوا أن يُسأل وردي من مأمور السّـجن إن كانت لديه رغبة يريـد منـهم تـحقيقـها لـه متوقّعيـن أن يطلب وردي إطلاق سراحه
وبالفعل سأل مأمور سـجن كوبـر وردي عـمّا يرغب فيه وأجاب وردي فوراً بأنّه يرغب فـي أن يـحضروا له عودَهُ ونقل مأمور السّـجن رغبة وردي للّواء الباقر والفريـق عبد الوهاب وكان تعليق اللواء الباقر السّاخر:
هو وردي دا نـحن لـمّا اعتقلناه
اعتقلناه عشان راكب دبّابة ؟؟؟
ما اعتقلناه عشان عودو دا
وبعد أكثر من عام ووردي في معتقل كوبر أطلّ شـهر رمضان وبعد أن جرت العديـد من الوساطات واعتبارات أنّ وردي عـموماً لـم يشارك مشاركة مباشرة فـي انقلاب ولـم يشارك فـي اجتـماعات حزبيّة أو تخطيطيّة ولـم يـحـمل السّلاح ولـم يكن يعلـم بالـمـحاولة قبـل وقوعـها وليس له عضويّة رسـميّة فـي حزب سياسـي
ولـمثل هذه الإعتبارات تـمّ الـجّلوس مع وردي بغية إلزامه بعدم معارضة النظام وبالإبتعاد عن السيّاسة ودهاليـزها والـتّركيـز علـى الغناء والـتّلـحيـن وتـحديداً علـى الأغانـي العاطفيّة والإبتعاد عن أناشيـد أكتوبر والأُغنيات النّضاليّة التي صنعها مع شاعرها محجوب شريف واعتاد علَىَ تلحينها وغنائها داخل معتقل كوبر
وكان وردي وقتها قد قام بتلحين أغنية عاطفيّة واحدة اعتبرها رمزيّة هي أغنية (أرحل) للشّاعر التِّيجاني سعيد محمود والتي لحّنها وردي بنفس الأسلوب عبر تحفيظه المقاطع التي كان يلحّنها شفاهةً لزملاء الزّنزانة وأظننا نعلم قصّة الأغنية التي تمّ تهريبها لوردي داخل شبشب أتاه من زوجته عند زيارتها له وقتها وسنعود لقصّة أُغنية (أرحل) عند التّوثيق لها
تمّ الجّلوس مع وردي للإتّفاق معه وإطلاق سراحه حتّـى يـمكن بث أعـماله عبـر الإذاعة والتلفزيون بعد منعها
وبعد الإجتماع بوردي من داخل المعتقل لـم يوقّع وردي علـَىَ أيّ إقرار رسـمـي أو تعـهُّد مكتوب بل جادل جداله الـمعتاد ودافع عن حقوقه الدستورية كـمواطن وفـي نـهاية الـمطاف تـمّ إطلاق سراح وردي أخيـراً بعد قرابة عام وربع عام قضاها خلف القضبان ليخرج وردي أخيـراً من الـمعتقل في شهر سبتمبر من العام 1972
تحيّاتي
لؤي
#وردي_التوثيق_الشامل_أغنيات_الشاعر_محجوب__شريف_تومبلباي
46- وردي وثُنائيته مع شاعر الشّعب محجوب شريف
آخر فترة داخل معتقل كوبر (1)
((الجزء الأوّل))
عندما طرحت مايو شعاراتها الإشتراكية احتفى بها محجوب شريف ووردي وهما لم يكن لديهما أيّ انتماء حزبي وإنما تشرّبا بالإشتراكيّة كمفاهيم اجتماعية تربّيا عليها في ترحالهما بين الريف والمدينة وبعد التجارب السياسيّة التي مرّت بها البلاد وعايشاها كمواطنَين
احتفىَ محجوب بِمايو وكتب قصائده كانفعال بالشّعارات المطروحة في بداية أيّام مايو الأولَىَ ولكن بعد أشهُر من نظام نميري كتب محجوب في جريدة الفجر كلمة شرف يعاتب ويلوم فيها النظام حيث استشعر وقتها مجافاة نميري لشعاراته
وكانت هناك محاولات لجعله بوق للنظام وكما قال محجوب: لست ترزي لنظام مايو وهذا الرّد كان لوزير التّعليم عندما طلب منه أن يكتب قصيدة تمجّد التغيير في المنهج والسلّم التّعليمي الذي طرحه الوزير محيي الدّين صابر وزير مايو للتعليم
كذلك محاولات مفسدة محجوب حينها من مخابرات النظام المايوي التي شرعت في دعوات جلسات سكْر وبنقو وقد كان هو المعلّم الخلوق المنتمي بصدق لمهنته وبالتّالي شعر بالإشمئزاز من سلوكهم المفضوح النّوايا واستمرّت المواجهات مع النّظام في قصائد لاحقة مثل لا حارسنا ولا فارسنا وهي نقد ذاتي كتبه فيها وفي غيرها وأعلن هذا النقد في أكثر من منبر ودفع ثمن ذلك الموقف اعتقالات وفصل من العمل طيلة حكم نميري الدكتاتوري
وقد حرق محجوب ديوان قصائد كان من ضمنها قصيدة حارسنا وفارسنا كما حرق زهرة شبابه مفصولاً ومعتقلاً
وبعد ذكرَىَ يوليو الأولَىَ تمَّ ترحيـل مـحـجوب شريف من سجن كوبر لسـجن شالا بالفاشر وبقىَ وردي في كوبر لتنقطع الثُّنائيّة حينها مؤقّتاً
وكان أثناء تواجدهما داخل معتقل كوبر بعد حوالي سبعة أشهر من اعتقالهما قد حدث فـي السّابع والعشرون من فبراير عام 1972
أن تـمّ التّوقيـع علـى اتّفاقيّة أديس أبابا واعتُمِد تاريخ الثالث من مارس عام 1972
تاريخاً رسميّاً للإحتفال بالإتفاقية والتـي أقرّت الـحُكـم الذاتـي الإقليـمـي وأُعلن يوم الثالث من مارس يوماً للوحدة الوطنيّة وانطلق الاحتفال بالـمناسبة فـي مدينة جوبا بـحضور جعفر نـميـري
وكالعادة تـمّ إرسال مـجـموعة من الـمطربيـن للـحفل فكان من ضمنـهـم أحـمد الـمصطفـى وحسن عطيّة وعبد العزيـز مـحـمّد داؤود وغاب الـمعتقل وردي علَـىَ غيـر العادة نسبة لاعتقاله منذ الثاني والعشرين من يوليو عام 1971
وفي جوبا قدّم الـمطربون وصلاتـهـم الغنائيّة وفـي بالـهـم زميلـهـم وردي وكان جعفر نـميـري سعيداً بالـمناسبة فكان يطلب من أبـي داؤود أن يـجلس بـجانبه وأن يـحكـي له آخر النكات ويضـحك عالياً بعد كل طرفة يـحكيـها أبو داؤود
فرأَىَ أحـمد الـمصطفـى أنّ هذه سانـحة مـمتازة ليفاتـح أبو داؤود نـميـري فـي موضوع وردي فطلب أحـمد الـمصطفـى من أبـي داؤود أن يطلب من نـميـري العفو عن وردي مستغلاً مزاج نـميـري الـمعتـدل يومـها
وبالفعل جلس أبو داؤود بـجانب نـميـري وحكَـىَ لنـميـري طرائف أضـحكتـه وفـجأة قال لـنـميـري:
يا ريّس لو سـمحت لـي عندي سؤال بـخصوص زميـلنا مـحـمّد وردي فاكفـهرّ وجه نـميـري وحلّت تكشيـرة مـحل الإبتسامة وسأل بصوت راعد:
مـحـمّد وردي مالو ؟؟؟؟
فأجاب أبو داؤود بسـخريّته الـمعهودة:
لا بس عاوز أسأل حاتعدموه متيـن ؟
وانفـجر نـميـري ضاحكاً
وكانت هذه بـمثابة أوّل إشارة لنـميـري تعلن عن رغبات جادّة ترغب في إطلاق سراح وردي
وقبل توقيـع اتّفاقيّة أديس أبابا
أحسّ قذّافـي أن نـميـري يتّـجه لأفريقيا بدلاً عن الإعتـماد علَـىَ تـحالفـهـم الثّلاثـي مصر - ليبيا - السودان وأنّه بذلك قطعاً لا يؤمن إيـماناً كافياً بـمبدأ الوحدة العربية الذي كان قذّافـي يـحلــم به فتـحرّك نـميـري فـي سلسلة زيارات خلال شـهر أبريـل من العام 1972
للإمارات والسعودية وبعض دول الـخليـج لكن قذّافـي كان قد بدأ العداء ضد نـميـري وأحسّ أنّه انـخدع من نـميـري فيـما يـختصّ بتوجّه حركة يوليو وانقلاب نـميـري علـى اليسار مثـلـما فعل السّادات فـي مصر والذي بدأ قذّافـي فـي معاداته كذلك بعد رحيـل الزعيـم عبد الناصر فكان أن رفض القذافـي دعوة من نـميـري لزيارة الـخرطوم بمناسبة الإحتفال بالعيد الثالث لـمايو
وكان حينها الرّئيس التّشادي وأول رئيس لتشاد فرانسوا تومبالباي والذي كان مُعلّماً كوردي قبل أن يصبح رئيساً مثلما كان وردي مُعلّماً قبل أن يصبح فناناً
وكان صديقاً مقرباً لوردي يحبّه ويحب أغنياته وكان يدعو وردي لزيارة تشاد في مختلف المناسبات لإحياء الحفلات
وكان الرّئيس التّشادي فرانسوا تومبالباي قد زار الخرطوم زيارةً لخمسة أيّام لدعم مباحثات اتّفاقية الوحدة الوطنية
زيارة بدأت في الثّامن من فبراير من العام 1972
وخلال برنامـج الزيارة فاجأ الرّئيس التّشادي تومبلباي نـميـري بسؤالٍ عن غياب مـحـمد وردي عن السّاحة فأخبـره نـميـري بأنّ وردي تارك الغناء الذي يـجيده وعامل فيـها سياسـي ومباري الشّيوعييـن لذلك فـهو معتقل لأكثر من نصف العام فنصح تومبالباي نـميـري ألّا يستعدي أمثال وردي وأن يعفو عنه ويطلق سراحه
وكانت هذه بـمثابة ثانـي إشارة لنـميـري تعلن عن رغبات جادّة ترغب في إطلاق سراح وردي
تحيّاتي
لؤي
#وردي_التوثيق_الشامل_أغنيات_الشاعر_محجوب__شريف_تومبلباي