مناقشة رواية: خبز على طاولة الخال ميلاد| محمد النعاس

الرواية: خبز على طاولة الخال ميلاد
المؤلف: محمد النعاس
دار النشر: مسكيلياني
النوع: رواية ليبية (جائزة البوكر العربية 2022)
عدد الصفحات: 358
تقييم جدو: 8.5/10
تقييم سقراط: 8/10
المراجعة: لـ(جدو الشايب)
تستند الرواية إلى المثل الليبي الشائع "عيلة وخالها ميلاد" الذي يطلق على الأسر المتحرّرة من قيد التقاليد وسلطة الأب والتي لا تخضع لقوانين الاحتشام والأعراف المفروضة من المجتمع المنغلق على عاداته.
تحكي الرواية قصّة ميلاد من منظوره وحده، وهو (مع ما جرى له) حالة خاصّة من حالات المجتمع الليبي يمكن تعميمها، ميلاد ابن لمالك فرن (كوشة) مذ كان طفلا احترف صناعة الخبز، ووجد فيه حياته، وتعلّم منه ما تعلّم، وربما أخذ عنه صفاته القمحيّة، ميلاد شاب غير متعلّم غير مثقّف، بسيط يقال عنه في المجتمع الذكوري إنّه رجل مستأنث، ميلاد الذكر الوحيد لأمّه وأبيه تربّى مع أخواته واستأنس بهنّ، فجعل يميل إلى الأعمال المنزليّة الأنثوية ولا يجيد أعمال الرجال، حسب تقسيمات المجتمع الافتراضية للأعمال بين الذكر والأنثى في هذا العصر، ميلاد أحبّ زينب المتحرّرة الساخطة على المنظومة الاجتماعية، وهي اعتقدت أنّها وجدت في ميلاد ضالّتها فأحبّته أو حسبت، فتزوجا ومارس هو أعمال المنزل من طبخ وغسل وتنظيف بينما لجأت هي إلى العمل الخارجي، أي أنّهما تبادلا الأدوار الاجتماعية الاقتصادية المتعارف عليها، إلّا إنّ الرجل يعاني من مأزق نفسي فهو أخذ عن الأنثى ضعفها أيضا، تعرّض لقسوة والده الذي يريده أن يكون رجلا، وظلم عمه الذي أكل نصيبه مستغلّا، وسلطة زوجه وأخواته وأمه، وسيطرة ابن عمه العبسي عليه وتسخيره له في قضاء شؤونه، كما تعرّض إلى هزّات نفسيّة عميقة لدى انضمامه إلى العسكريّة مجبرا، كلّ هذا جعل منه وحشا ساكنا، وحشا خاضعا منتظرا لحظة الصفر كقنبلة موقوتة، محتاجا إلى جدحة نار أو شرارة كبريت كي ينفجر بركانا باردا بليدا وقد كان في آخر الرواية..
اختيار الخبز أو (الصمّون) في العمل مهمّ فهو يعكس العلاقة الحميميّة بين الليبيّين وهذا المنتج القمحي الذي وظّف البشر لخدمة بقائه كما يقول يوفال نوح هراري ويتبنى الكاتب هذا القول في روايته، فشكّلت عجينة الخبز بعجينة الرواية مزاجا رائعا إن صحّ التعبير.
قد يشعر القارئ أنّ ألفاظ ومشاهد الجنس مبالغ فيها داخل العمل وإن جاءت موظّفة توظيفا خدم النص، إلا أنّها تبقى جريئة خادشة للحياء بشكل صريح، وبرأيي كانت هذه الجرأة من العوامل التي منحت الرواية البوكر.
في العمل إشارات لفظيّة ومعنويّة خفيّة لبعض تفاصيل حياة الليبيّين في الثمانينات والتسعينات مثل سيّارة البيجو ٤٠٤، الحناء، البراكات أو الأكواخ، الكوشة، مقولات الأخ القائد في كتابه الأخضر مثل شركاء لا أجراء، البيض المقلي والتونة، صابون الوراكينة، المرَزْنة، حلاقة البانكي أو البانكس، الفراشيّة، الإمبي شلمبي، الجن، السواني، أسماء بعض المطربين، بعض المأكولات البحرية، الشهور الليبية، الجماهيرية، وغيرها، وقد شرح المؤلف بعضها وترك البعض..
اللغة جميلة غير متكلّفة قويّة والحوارات واقعيّة والسرد ذكي والأسلوب ممتع والرسالة دعوة إلى التحّرر ورفض القيود وقد نتّفق أو نختلف حول مضمونها إلّا أنّ العمل متقن ويستحق البوكر كما أرى.
-------------------------------------------------------------------
كل خميس نناقش كتابا أو رواية على تطبيق googlemeet وننشر رابط اللقاء هنا t.me/socratiat
-------------------------------------------------------------------
جدو الشايب على كودريدز / 131995211
سقراط على كودريدز / 98296570
#سقراطيات #جدو_الشايب

[@hussamalhamadani3753]

شكرا جدا مناقشة رائعة

[@BookClub-BC]

الرواية الليبية الفائزة بجائزة البوكر العربية ٢٠٢٢..
كل أسبوع نناقش كتابا أو رواية على تطبيق googlemeet وننشر رابط اللقاء في t.me/socratiat
والانضمام متاح للجميع 😍