0:00 بدء المجلس. 2:32 تلخيص أ. منى لما سبق تناوله من المسألة: نص المسألة علة حذف "الواو" من "يعد" ونحوه. - فسر الكوفيون حذف "الواو" بأنه للفرق بين اللازم والمتعدي، فربطوا حذف "الواو" بكون الفعل متعديا. وفسر البصريون حذفها بالثقل ووقوع الواو بين الياء والكسرة، فربطوا حذف "الواو" بكون عين الفعل مكسورة. ومن ثم فالمسألة جدلية، تتصل بتفسير الحكم الثابت نقلا، وليس بإثبات أو نفي حكم من أحكام اللغة نفسها. - بالنسبة لحجة الكوفيين رأى د. محمد أن الكوفيين أسسوا العلة التي يقوم عليها القياس، وهي إثبات أن اللازم والمتعدي يجتمعان في الفعل المثال، فكأنه أشار إلى قياس مطوي قاس فيه الفعل المثال على ما يرد له صنفان بجامع لزوم الفرق أو منع اللبس بين الصنفين، أي لما تغير الفعلان اللازم والمتعدي واشترك فيما فاؤه "واوا" أردنا أن نفرق بينهما. وللتوضيح أضاف: عمود القياس عند الكوفيين هو الحذف للفرق، أثبته في المقيس المستدل له الذى هو المثال الواوي بأن الاشتراك يكون بين اللازم والمتعدي في المثال الواوي، إذا هو مفتقر إلى الفرق، فمن هنا جاء حذف الواو مع المتعدي دون اللازم للفرق بينهما، ثم علل حذفها مع المتعدي دون اللازم بطول الجملة مع المتعدي، والحذف يكون طلبا للتخفيف، والتخفيف ناتج عن ثقل، والشيء الطويل أولى بالحذف من القصير. - ورأى د. تامر أن العلة هي الفرق، فما الدليل على هذه العلة؟ ربما يكون قد أجرى قياس ماهية أو قياس قاعدة كلية، فهذه الأفعال التي حذفت منها "الواو" إتفقت مع أفعال أخرى في شيء وغايرتها في شيء، والقاعدة تقول: (كل لفظين إتفقا في شيء وتغايرا في شيء وجب أن يفرق بينهما في الحكم)، فكان الفرق هو علة الحذف في "وعد، يعد" و "وجل، يجل" ثم أكمل د. تامر فقال: فأما قوله: "فكان المتعدي أولى بالحذف" فهذا تعليل لاختيارهم الحذف من المتعدي دون اللازم، وليس خاصا بأصل الشيء الذي نبحث فيه، يعني وليس خاصا بأصل الحكم. هنا تدخل د. رمضان وعلق تعليقا مفيدا، قال: موضوع الإعلال للفرق ليس في الحذف فقط، بل -أيضا- في الإبدال، ففي وزن "فعل" يصححون في الأسماء مثل "حذوة" ويعلون في الصفات مثل "دنيا" ففي "دنيا" قلبت "الواو" "ياء" لإقامة الفرق، والإعلال -دائما- يكون في الثقيل لا في الخفيف، فالفعل المتعدي أثقل من اللازم، وكذلك الصفة أثقل من الإسم. ويرى د. رمضان أن للكوفيين في ذلك فضلا على البصريين. وسأله د. تامر هل كلام الكوفيين مضطرد؟ فأجاب د. رمضان: ليس مضطردا، ولكن الأفعال المتعدية التي ثبتت فيها "الواو" قليلة. - وقد دار نقاش حول الظاهر من كلام الكوفيين في قولهم: "فكان المتعدي أولى بالحذف" هل يفهم منه تقدم المعلول على العلة؟ أي تقدم الحذف على التعدي، وانتهى إلى أنهم أرادوا أن يؤيدوا اختصاص المتعدي بالحذف بأن التعدية توازن النقص الحاصل من الحذف، يعني ليس المقصود منه كلاما مناقضا لكون العلة تسبق المعلول. - وفي رد الكوفيين لقول البصريين: أنه لا يجوز أن يقال إنما حذفوا "الواو" لوقوعها بين "ياء" و"كسرة"، قال د. محمد: أن الكوفيين لم يعتبروا ذلك ذلك إيرادا عليهم، بل ردوا الدليل البصري، وهذه من الأمور التي لا تأتي كثيرا في المسائل، أن نرى الكوفيين يردون الدليل البصري. وكان رد الكوفيين على دليل البصريين على جزئين، الأول: قالوا: إذا كان مرجع الأمر إلى "الياء والكسر" فأن حرف المضارعة قد يأتي "همزة" أو "تاء" أو "نون" فلا تقع "الواو" بين عدوتها "الياء والكسر" فكان ينبغي ألا تحذف. فهنا رد علة البصريين بتخلف العكس، لأنه لا يوجد اجتماع "الواو" بين "الياء والكسرة" في بعض الأفعال، ومستندهم في ذلك السماع الذي جاء ب "أعد ونعد وتعد" والجزء الثاني من رد الكوفيين على البصريين قالوا: لو كانت علة الحذف وقوع "الواو" بين "ياء وكسر" لحذف "الواو" في "أوعد ويوعد"، وهنا العلة قائمة والحذف لم يرد، فهذا نقد للعلة، فسره بهذا د. محمد، ووافقه د. تامر علي تكييف الجزئين (تخلف عكس ثم نقض علة).
1:00:08 د. تامر: بين الأنباري دوران العلة التي ذكرها البصريون متمسكا بالاستصحاب، ودوران العلة يعني وجدوها مع وجود الحكم، فالحكم الذي هو حذف "الفاء" وجد لوجود العلة، وهو وقوعه بين الياء والكسر، وقد أثبت هذا الوقوع بالاستصحاب. د. محمد: الأنباري لا يريد الاستدلال، وإنما هو في سياق الرد علي "ولغ يلغ" بأنها لم تخرج عن علة البصريين، لأن الكسرة موجودة في الأصل ولم يغب إلا لعلة، فهو يريد أن يثبت قيام العلة. وما دام الحديث عن العلة إذا هو حديث عن القياس، فالاستصحاب لاعلة معه، بل هو إبقاء للحكم السابق؛ لعدم وجود علة مثبتة أو ناقلة عنه. أما لو قامت العلة فحينئذ يكون قياسا. والاستصحاب لا يستدل به إلا عند إنعدام النقل والقياس. والأنباري يريد أن يثبت أن العلة قائمة، ولا يريد أن يقول أنه على الرغم من غياب العلة سأثبت الحكم، بل هو يثبتها تقديرا. 1:09:56 تتمة قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين. 1:11:09 لا أرى في هذه الفقرة إلا استطراد، بذكر صور "وجل يوجل". د. سليمان: قوله: "فكذلك ههنا" يوحى بقياس. د. محمد: هو يقيس قياس فرعي، يؤسس للغة "يِيجَل"، من باب الاستطراد. 1:14:40 تتمة قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين.
33:40 د. إسلام: هناك قاعدة شافعية تقول: (ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم). د. تامر: المقصد من هذه القاعدة أنه حينما تحدث واقعة، فيحكم النبي صلى الله عليه وسلم فيها بحكم من دون أن يستفصل عن أحوالها، فهذا الحكم ينزل منزلة العموم، بمعنى أن الحكم يكون لجميع الحالات. د. محمد: هذه القاعدة مناطها إثبات الحكم، وليس الاستدلال والجدل، والمقام -هنا- مقام إثبات علة، وإثبات العلة قائم ثبوتها على إلغاء الفرق، ونفيها علي إقامة الفارق، فلا يمكن ترك التفصيل، والمثال الذي معنا مرتبط بعلة، فلابد أن يكون قاطعا في هذه العلة، وهذا المثال صالح لكلا العلتين، فبالتالي لا يمكن الاستدلال به على أحدهما. 41:45 د. إسلام: هل هذا المثال داخل تحت باب تكافؤ الأدلة؟ د. محمد: سأتعامل مع (تكافؤ الأدلة) بالمعنى المعجمي لا الاصطلاحي. تكافؤ الأدلة يكون حينما يستدل مستدل بقياس -مثلا-، ويستدل آخر بقياس آخر، وكلا القياسين غير منخرمي العلة، أما لو استدل مستدل بقياس في مقابل النقل فهذا قياس فاسد الاعتبار. وتكافؤ الأدلة مختلف عن حالة أن يحتمل الشاهد أكثر من حكم، والشاهد لو احتمل التأويل -لا مجرد أن يتساوي فيه حكمان- فقد انتقض، وهذه الأمثلة تحتمل العلتين بالتساوي، مما يسقط الاحتجاج بها. 43:54 د. تامر: لما لا نكيف رد الأنباري علي أنه معارضة العلة؟ د. محمد: معارضة العلة تكون حينما تقطع بعلة ما، فتقول هذا علته كذا، أما لو قلت هذا مندرج تحت علتي فقد أثبتت الاحتمال. لو نظرنا إلى هذه الأمثلة على أنها مطابقة لكلا العلتين، لكانت محتملة لهما معا، ومن ثم لا يصلح الاحتجاج بها لإحدى العلتين. وربما يصلح كلامه لأن يكون معارضة علة من باب أنه أراد أن يرفع العلة السابقة، ويثبت علته، وهذا أقوى. د. تامر: أنا أميل إلى معارضة العلة. 47:45 (؟): رد الأنباري من باب تعارض العلل، حتى أن ابن جني ذكر: "الحكم في هذا المعنى من موضعين، أحدهما الحكم الواحد تتجاذب كونه العلتان أو أكثر منهما، والآخر الحكمان في الشيء الواحد المختلفان دعت إليهما علتان مختلفتان" هذا في أول الباب. د. محمد: "دعت إليهما علتان مختلفتان" هذا نص في المثال الذي نحن فيه. في رأيي أن رد الأنباري قائم فيه الأمران، معارضة العلة، وسقوط الاستدلال بالمثال إذا احتمل العلتين. وأنا أفهم تعارض العلة على أنه رفع لعلة الخصم، وإثبات لعلتي، لكن الحالة التي ذكرها ابن جني هي إثبات للاحتمال. 50:39 د. سليمان: الفقرة الأولى من رد الأنباري فيها نقض علة صريح، أما الفقرة الثانية فنقض العلة فيها ضمنيا، حيث أنه أسس لاطراد علة البصريين. د. محمد: لقد قلت: "أثبت دوران الحكم مع علته عدمًا؛ فقد غاب الحذف بغياب الكسر في نحو: يوجل.". ثم قلت: "بيَّن الأنباري أن هذين المثالين لا يخرجان عن علة البصريين التي تجعل الحذف رهنًا بوقوع الواو بين ياء وكسرة." ثم قلت: "معارضة العلة". د. سليمان: معارضة العلة لا تظهر؛ لأن الأمثلة التي ستأتي بعد ذلك يريد أن يؤسس بها لعلة البصريين، فلماذا حذفت في "ولغ يلغ" رغم وجود الياء مع الفتح؟ د. محمد: الأنباري في سياق نقض أدلة الكوفيين، وبالتالي هو يبين عدم صلاحية الاستشهاد بالمثال؛ لكونه يحتمل العلتين، فهو لا يريد تأسيس دليل البصريين. د. سليمان: كلامه الأول فيه تصريح بنقد العلة، ثم بعد ذلك بدا كأنه يؤسس، فالأمثلة التي يذكرها الكوفيون يؤسسها علي مذهب البصريين. د. محمد: نعم، فرد علة الخصم يحتاج إلى تأسيس علتي. معارضة العلة قد تكون نافية للحكم في جوهرها ولو على سبيل الاحتمال، فمجرد قيام الاحتمال ينفي صلاحية العلة؛ لأنها حينئذ لن تكون قطعية. فحينئذ معارضة العلة هي المصطلح الفني، والاحتمال هو الجوهر. معارضة العلة أعم من الاحتمال؛ حيث توجد طرق أخرى لها، مثل: نفي علة الخصم، أو مع نفيك لعلة الخصم تثبت علة أخرى. 57:19 تتمة قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين. 58:35 قدر الأنباري العلة (إثباتها أصلًا لا نطقًا)، فهو وجه غياب العلة عن بعض السماع الذي قام فيه الحكم، دون العلة بإقامة العلة بحسب الأصل، وعليه نقض دليل السماع الذي يمكن الاعتراض به عليهم، وهو الذي يثبت حذف الواو مع غياب كسر العين بتقدير العلة (إثباتها أصلًا لا نطقًا)، وأثبت ما يسوغ الخروج لفظًا عن الحكم أصلًا. ويمكن -أيضا- صياغة رده علي النحو التالي: (قاس "ولغ يلغ" على المحذوف لعلة في حكم وجوده بجامع أن المحذوف لعلة كالمذكور، وهذا قد حذفت كسرته لكون اللام حرفًا حلقيًّا فكأنه في حكم المكسور.
16:45 قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين. 17:44 ردّ الأنباري على مذهب الكوفيين بتخلف العكس؛ إذ قام حذف الواو مع تخلف علة التعدي. ومستند تخلف العكس السماع. 19:32 تتمة قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين. 19:43 بيَّن الأنباري أن هذين المثالين لا يخرجان عن علة البصريين التي تجعل الحذف رهنًا بوقوع الواو بين ياء وكسرة. وعليه فلا حجة للكوفيين فيه؛ لأنه متى احتمل المثال أكثر من علة سقط الاستشهاد به علي أحدهما. لابد للمثال من أن يستقل بعلة حتى يستشهد به عليها. 24:31 د. سليمان: يمكن الجمع بين العلتين. د. محمد: الجمع بين العلتين ينقضهما معا؛ فالمثال ينبغي أن يحتمل علة واحدة، وإلا فينبغي البحث عن غيره؛ فمراد الاحتجاج بيان أن هذا الحكم مرتبط بتلك العلة، وكون المثال يحتمل العلتين يسقط هذا المراد. د. سليمان: علة الكوفيين علة تركيبية، وعلة البصريين علة صوتية، هل الكوفيون يرفضون دليل البصريين؟ فدليل الأنباري أكد على سيرورة العلة التي يذكرها البصريون دون التعرض لنقد علة الكوفيين. د. محمد: العلتان متقابلتان فلا يمكن الجمع بينهما، فأما أن تقول بالعلة الصوتية كما ذهب البصريون، أو تقول بالعلة الدلالية الصرفية كما ذهب الكوفيون، والأنباري -هنا- يدفع توهم أن "وَجِل يَوْجَل"، و"وَحِلَ يَوْحَل"، تخرم العلة بتوضيحه أن "الواو" في تلك الأفعال لم تقع بين ياء وكسرة. د. سليمان: هل يمكن اعتبار كلام الأنباري تأسيسا للعلة البصرية، دون التعرض لنقد العلة الكوفية؟ د. محمد: نعم. وفي تأسيسه لعلته ردا على العلة المقابلة؛ لأن الكوفيين قد استخدموا هذه الافعال على أنها مثال للازم، فرد الانباري بأن تلك الافعال تحتمل العلتين معا، مما يسقط الاستدلال بها؛ عملا بالقاعدة الأوسع: (الدليل إذا تتطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال).
- وبالنسبة للدليل البصري رأى د. محمد أن البصريين أثبتوا علة الاستثقال، ومن ثم طلب التخفيف، قالوا: حذفت "الواو" لوقوعها بين "الياء والكسر" فربطتوها بالثقل، ووجدوا الثقل قائما، فكأنما قاسوا المضارع المثال الواوي على الثقيل في حكم الحذف للتخفيف، ثم استدلوا بقياس التخفيف بحذف "الواو" عند اجتماع "ياء وواو وكسرة" على التخفيف بالإدغام عند إجتماع "ياء وواو" في مثل "سيد وميت" قياس أولى بجامع اجتماع مثلين فأكثر، وقال: فإذا كان اجتماع "ياء وواو" يمكن إدغامهما تخفيفا؛ كراهة اجتماع مثلين، فإن اجتماع "الياء والواو والكسرة" أولى بالتخفيف، وليس متاحا الإدغام هنا؛ لأن الأول ليس ساكنا، فلم يبقي إلا التخفيف بالحذف، ثم جعلوا حذف "الواو" مع "الهمزة والتاء والنون" قياس طرد على حذفها مع "الياء". - وافق د. تامر على القول بقياس الحذف على الادغام في "سيد وميت" بجامع الثقل، لكنه توقف في القول بأنه قياس أولى؛ لأنه لم ترد في النص كلمة قياس أولى. ولكن د. محمد رد عليه بأنه هنا ورد لفظ إثنين، وهنا لفظ ثلاثة فيوحي بالأولى. - أما الرد على كلمات الكوفيين، فرأى د. محمد أن الأنباري نقض علة الكوفيين -التى هي علة الفرق بين اللازم والمتعدي- بتخلف العكس. ورد الحذف مع اللازم، فلم يعد الحذف صالحا لفرق المتعدي من اللازم، فعلة الفرق غير موجودة والحذف موجود، إذا الرد بتخلف العكس. ويرى د. محمد أنه رد استدلال الكوفيين ب "يوجل ويوحل" كأنه يقول: أثبت علتي في مقابل علتكم، أي أثبت دوران الحكم مع علته عدما، أي لما عدم الكسر في "وجل يوجل" و"وحل يوحل" عدم حذف "الواو" ولا نظر في ذلك لما قال الكوفيين، هو يريد ضمنيا أن ينفي كون ثبوت "الواو" للزوم وحذفها للتعدي كما قال الكوفيون. ثم أراد أن يتخلص من الاعتراض عليه في "ولغ يلغ" ففيها لزوم وحذف، قال: أن حركة عين الفعل الأصلية هي الكسر، فقدر الكسر وجعل فتح العين لوقوع حرف الحلق "لاما". يقول د. محمد: فهي عندي عله مقدرة، والمحذوف لسبب في حكم المذكور، الأصل أن تكون اللام بالكسر، والكسر قائم لأن لغيابه سبب وهو حلقية اللام. إذا اعترض الأنباري علي اعتراض الكوفيين بحذف "الواو" في "ولغ يلغ" رغم غياب الكسر؛ وذلك بوجود الكسر تقديرا على الأصل وليس على اللفظ. وفسر العدول عن الأصل -الكسر- إلى الفتح بحلقية العين. - أما د. تامر فقال: أن الأنباري بدأ بمعارضة علة الكوفيين في "وجل يوجل" فهو يعارض علة بعلة، فعدم الحذف ليس للفرق بين اللازم والمتعدي، بل لعدم وجود علة للحذف، أي لعدم وقوع "الواو" بين "الياء والكسرة". وتساءل د. تامر: هل نقول رد بمعارضة علة الكوفيين بعلة أخرى؟ أم نقول نفى العلة لعدم وجود تغيير؟ رد د. محمد وقال: نقول بمعارضة العلة؛ فالكوفي يقول: عندما انتفى التعدي ثبتت "الواو"، والبصري يقول: عندما انتفى الكسر ثبتت "الواو" - ثم قال د. تامر في "ولغ يلغ" أنه رد باستصحاب أصل الكسر، يعني علل الحذف مع غياب العلة الظاهرة بأن العلة موجودة في الأصل، فكأنما تمسك بالأصل فقال: الحذف مبني على أن الأصل "يَفِعل" فقد وقعت "الواو" بين "ياء وكسر" في الأصل، وقد استصحبنا هذا الأصل مع وجود التغيير وهو فتح عين الفعل لكون "لامه" حرفا حلقيا، وهذه صورة من صور الاستصحاب. ثم بعد ذلك كان استطراد بذكر ما جاء على الأصل مثل "نطح ينطح" لامه حلقية وعينه مفتوحة أصلا، و"نعق ينعق" عينه حلقية ومفتوحة كذلك.
0:00 بدء المجلس.
2:32 تلخيص أ. منى لما سبق تناوله من المسألة: نص المسألة علة حذف "الواو" من "يعد" ونحوه.
- فسر الكوفيون حذف "الواو" بأنه للفرق بين اللازم والمتعدي، فربطوا حذف "الواو" بكون الفعل متعديا. وفسر البصريون حذفها بالثقل ووقوع الواو بين الياء والكسرة، فربطوا حذف "الواو" بكون عين الفعل مكسورة.
ومن ثم فالمسألة جدلية، تتصل بتفسير الحكم الثابت نقلا، وليس بإثبات أو نفي حكم من أحكام اللغة نفسها.
- بالنسبة لحجة الكوفيين رأى د. محمد أن الكوفيين أسسوا العلة التي يقوم عليها القياس، وهي إثبات أن اللازم والمتعدي يجتمعان في الفعل المثال، فكأنه أشار إلى قياس مطوي قاس فيه الفعل المثال على ما يرد له صنفان بجامع لزوم الفرق أو منع اللبس بين الصنفين، أي لما تغير الفعلان اللازم والمتعدي واشترك فيما فاؤه "واوا" أردنا أن نفرق بينهما.
وللتوضيح أضاف: عمود القياس عند الكوفيين هو الحذف للفرق، أثبته في المقيس المستدل له الذى هو المثال الواوي بأن الاشتراك يكون بين اللازم والمتعدي في المثال الواوي، إذا هو مفتقر إلى الفرق، فمن هنا جاء حذف الواو مع المتعدي دون اللازم للفرق بينهما، ثم علل حذفها مع المتعدي دون اللازم بطول الجملة مع المتعدي، والحذف يكون طلبا للتخفيف، والتخفيف ناتج عن ثقل، والشيء الطويل أولى بالحذف من القصير.
- ورأى د. تامر أن العلة هي الفرق، فما الدليل على هذه العلة؟ ربما يكون قد أجرى قياس ماهية أو قياس قاعدة كلية، فهذه الأفعال التي حذفت منها "الواو" إتفقت مع أفعال أخرى في شيء وغايرتها في شيء، والقاعدة تقول: (كل لفظين إتفقا في شيء وتغايرا في شيء وجب أن يفرق بينهما في الحكم)، فكان الفرق هو علة الحذف في "وعد، يعد" و "وجل، يجل"
ثم أكمل د. تامر فقال: فأما قوله: "فكان المتعدي أولى بالحذف" فهذا تعليل لاختيارهم الحذف من المتعدي دون اللازم، وليس خاصا بأصل الشيء الذي نبحث فيه، يعني وليس خاصا بأصل الحكم.
هنا تدخل د. رمضان وعلق تعليقا مفيدا، قال: موضوع الإعلال للفرق ليس في الحذف فقط، بل -أيضا- في الإبدال، ففي وزن "فعل" يصححون في الأسماء مثل "حذوة" ويعلون في الصفات مثل "دنيا" ففي "دنيا" قلبت "الواو" "ياء" لإقامة الفرق، والإعلال -دائما- يكون في الثقيل لا في الخفيف، فالفعل المتعدي أثقل من اللازم، وكذلك الصفة أثقل من الإسم.
ويرى د. رمضان أن للكوفيين في ذلك فضلا على البصريين.
وسأله د. تامر هل كلام الكوفيين مضطرد؟ فأجاب د. رمضان: ليس مضطردا، ولكن الأفعال المتعدية التي ثبتت فيها "الواو" قليلة.
- وقد دار نقاش حول الظاهر من كلام الكوفيين في قولهم: "فكان المتعدي أولى بالحذف" هل يفهم منه تقدم المعلول على العلة؟ أي تقدم الحذف على التعدي، وانتهى إلى أنهم أرادوا أن يؤيدوا اختصاص المتعدي بالحذف بأن التعدية توازن النقص الحاصل من الحذف، يعني ليس المقصود منه كلاما مناقضا لكون العلة تسبق المعلول.
- وفي رد الكوفيين لقول البصريين: أنه لا يجوز أن يقال إنما حذفوا "الواو" لوقوعها بين "ياء" و"كسرة"، قال د. محمد: أن الكوفيين لم يعتبروا ذلك ذلك إيرادا عليهم، بل ردوا الدليل البصري، وهذه من الأمور التي لا تأتي كثيرا في المسائل، أن نرى الكوفيين يردون الدليل البصري. وكان رد الكوفيين على دليل البصريين على جزئين، الأول: قالوا: إذا كان مرجع الأمر إلى "الياء والكسر" فأن حرف المضارعة قد يأتي "همزة" أو "تاء" أو "نون" فلا تقع "الواو" بين عدوتها "الياء والكسر" فكان ينبغي ألا تحذف.
فهنا رد علة البصريين بتخلف العكس، لأنه لا يوجد اجتماع "الواو" بين "الياء والكسرة" في بعض الأفعال، ومستندهم في ذلك السماع الذي جاء ب "أعد ونعد وتعد"
والجزء الثاني من رد الكوفيين على البصريين قالوا: لو كانت علة الحذف وقوع "الواو" بين "ياء وكسر" لحذف "الواو" في "أوعد ويوعد"، وهنا العلة قائمة والحذف لم يرد، فهذا نقد للعلة، فسره بهذا د. محمد، ووافقه د. تامر علي تكييف الجزئين (تخلف عكس ثم نقض علة).
1:00:08 د. تامر: بين الأنباري دوران العلة التي ذكرها البصريون متمسكا بالاستصحاب، ودوران العلة يعني وجدوها مع وجود الحكم، فالحكم الذي هو حذف "الفاء" وجد لوجود العلة، وهو وقوعه بين الياء والكسر، وقد أثبت هذا الوقوع بالاستصحاب. د. محمد: الأنباري لا يريد الاستدلال، وإنما هو في سياق الرد علي "ولغ يلغ" بأنها لم تخرج عن علة البصريين، لأن الكسرة موجودة في الأصل ولم يغب إلا لعلة، فهو يريد أن يثبت قيام العلة. وما دام الحديث عن العلة إذا هو حديث عن القياس، فالاستصحاب لاعلة معه، بل هو إبقاء للحكم السابق؛ لعدم وجود علة مثبتة أو ناقلة عنه. أما لو قامت العلة فحينئذ يكون قياسا. والاستصحاب لا يستدل به إلا عند إنعدام النقل والقياس. والأنباري يريد أن يثبت أن العلة قائمة، ولا يريد أن يقول أنه على الرغم من غياب العلة سأثبت الحكم، بل هو يثبتها تقديرا.
1:09:56 تتمة قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين.
1:11:09 لا أرى في هذه الفقرة إلا استطراد، بذكر صور "وجل يوجل". د. سليمان: قوله: "فكذلك ههنا" يوحى بقياس. د. محمد: هو يقيس قياس فرعي، يؤسس للغة "يِيجَل"، من باب الاستطراد.
1:14:40 تتمة قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين.
33:40 د. إسلام: هناك قاعدة شافعية تقول: (ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم). د. تامر: المقصد من هذه القاعدة أنه حينما تحدث واقعة، فيحكم النبي صلى الله عليه وسلم فيها بحكم من دون أن يستفصل عن أحوالها، فهذا الحكم ينزل منزلة العموم، بمعنى أن الحكم يكون لجميع الحالات. د. محمد: هذه القاعدة مناطها إثبات الحكم، وليس الاستدلال والجدل، والمقام -هنا- مقام إثبات علة، وإثبات العلة قائم ثبوتها على إلغاء الفرق، ونفيها علي إقامة الفارق، فلا يمكن ترك التفصيل، والمثال الذي معنا مرتبط بعلة، فلابد أن يكون قاطعا في هذه العلة، وهذا المثال صالح لكلا العلتين، فبالتالي لا يمكن الاستدلال به على أحدهما.
41:45 د. إسلام: هل هذا المثال داخل تحت باب تكافؤ الأدلة؟ د. محمد: سأتعامل مع (تكافؤ الأدلة) بالمعنى المعجمي لا الاصطلاحي. تكافؤ الأدلة يكون حينما يستدل مستدل بقياس -مثلا-، ويستدل آخر بقياس آخر، وكلا القياسين غير منخرمي العلة، أما لو استدل مستدل بقياس في مقابل النقل فهذا قياس فاسد الاعتبار. وتكافؤ الأدلة مختلف عن حالة أن يحتمل الشاهد أكثر من حكم، والشاهد لو احتمل التأويل -لا مجرد أن يتساوي فيه حكمان- فقد انتقض، وهذه الأمثلة تحتمل العلتين بالتساوي، مما يسقط الاحتجاج بها.
43:54 د. تامر: لما لا نكيف رد الأنباري علي أنه معارضة العلة؟ د. محمد: معارضة العلة تكون حينما تقطع بعلة ما، فتقول هذا علته كذا، أما لو قلت هذا مندرج تحت علتي فقد أثبتت الاحتمال. لو نظرنا إلى هذه الأمثلة على أنها مطابقة لكلا العلتين، لكانت محتملة لهما معا، ومن ثم لا يصلح الاحتجاج بها لإحدى العلتين. وربما يصلح كلامه لأن يكون معارضة علة من باب أنه أراد أن يرفع العلة السابقة، ويثبت علته، وهذا أقوى. د. تامر: أنا أميل إلى معارضة العلة.
47:45 (؟): رد الأنباري من باب تعارض العلل، حتى أن ابن جني ذكر: "الحكم في هذا المعنى من موضعين، أحدهما الحكم الواحد تتجاذب كونه العلتان أو أكثر منهما، والآخر الحكمان في الشيء الواحد المختلفان دعت إليهما علتان مختلفتان" هذا في أول الباب. د. محمد: "دعت إليهما علتان مختلفتان" هذا نص في المثال الذي نحن فيه. في رأيي أن رد الأنباري قائم فيه الأمران، معارضة العلة، وسقوط الاستدلال بالمثال إذا احتمل العلتين. وأنا أفهم تعارض العلة على أنه رفع لعلة الخصم، وإثبات لعلتي، لكن الحالة التي ذكرها ابن جني هي إثبات للاحتمال.
50:39 د. سليمان: الفقرة الأولى من رد الأنباري فيها نقض علة صريح، أما الفقرة الثانية فنقض العلة فيها ضمنيا، حيث أنه أسس لاطراد علة البصريين. د. محمد: لقد قلت: "أثبت دوران الحكم مع علته عدمًا؛ فقد غاب الحذف بغياب الكسر في نحو: يوجل.". ثم قلت: "بيَّن الأنباري أن هذين المثالين لا يخرجان عن علة البصريين التي تجعل الحذف رهنًا بوقوع الواو بين ياء وكسرة." ثم قلت: "معارضة العلة". د. سليمان: معارضة العلة لا تظهر؛ لأن الأمثلة التي ستأتي بعد ذلك يريد أن يؤسس بها لعلة البصريين، فلماذا حذفت في "ولغ يلغ" رغم وجود الياء مع الفتح؟ د. محمد: الأنباري في سياق نقض أدلة الكوفيين، وبالتالي هو يبين عدم صلاحية الاستشهاد بالمثال؛ لكونه يحتمل العلتين، فهو لا يريد تأسيس دليل البصريين. د. سليمان: كلامه الأول فيه تصريح بنقد العلة، ثم بعد ذلك بدا كأنه يؤسس، فالأمثلة التي يذكرها الكوفيون يؤسسها علي مذهب البصريين. د. محمد: نعم، فرد علة الخصم يحتاج إلى تأسيس علتي. معارضة العلة قد تكون نافية للحكم في جوهرها ولو على سبيل الاحتمال، فمجرد قيام الاحتمال ينفي صلاحية العلة؛ لأنها حينئذ لن تكون قطعية. فحينئذ معارضة العلة هي المصطلح الفني، والاحتمال هو الجوهر. معارضة العلة أعم من الاحتمال؛ حيث توجد طرق أخرى لها، مثل: نفي علة الخصم، أو مع نفيك لعلة الخصم تثبت علة أخرى.
57:19 تتمة قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين.
58:35 قدر الأنباري العلة (إثباتها أصلًا لا نطقًا)، فهو وجه غياب العلة عن بعض السماع الذي قام فيه الحكم، دون العلة بإقامة العلة بحسب الأصل، وعليه نقض دليل السماع الذي يمكن الاعتراض به عليهم، وهو الذي يثبت حذف الواو مع غياب كسر العين بتقدير العلة (إثباتها أصلًا لا نطقًا)، وأثبت ما يسوغ الخروج لفظًا عن الحكم أصلًا.
ويمكن -أيضا- صياغة رده علي النحو التالي: (قاس "ولغ يلغ" على المحذوف لعلة في حكم وجوده بجامع أن المحذوف لعلة كالمذكور، وهذا قد حذفت كسرته لكون اللام حرفًا حلقيًّا فكأنه في حكم المكسور.
16:45 قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين.
17:44 ردّ الأنباري على مذهب الكوفيين بتخلف العكس؛ إذ قام حذف الواو مع تخلف علة التعدي.
ومستند تخلف العكس السماع.
19:32 تتمة قراءة أ. فرح لجواب الأنباري عن كلمات الكوفيين.
19:43 بيَّن الأنباري أن هذين المثالين لا يخرجان عن علة البصريين التي تجعل الحذف رهنًا بوقوع الواو بين ياء وكسرة. وعليه فلا حجة للكوفيين فيه؛ لأنه متى احتمل المثال أكثر من علة سقط الاستشهاد به علي أحدهما. لابد للمثال من أن يستقل بعلة حتى يستشهد به عليها.
24:31 د. سليمان: يمكن الجمع بين العلتين. د. محمد: الجمع بين العلتين ينقضهما معا؛ فالمثال ينبغي أن يحتمل علة واحدة، وإلا فينبغي البحث عن غيره؛ فمراد الاحتجاج بيان أن هذا الحكم مرتبط بتلك العلة، وكون المثال يحتمل العلتين يسقط هذا المراد. د. سليمان: علة الكوفيين علة تركيبية، وعلة البصريين علة صوتية، هل الكوفيون يرفضون دليل البصريين؟ فدليل الأنباري أكد على سيرورة العلة التي يذكرها البصريون دون التعرض لنقد علة الكوفيين. د. محمد: العلتان متقابلتان فلا يمكن الجمع بينهما، فأما أن تقول بالعلة الصوتية كما ذهب البصريون، أو تقول بالعلة الدلالية الصرفية كما ذهب الكوفيون، والأنباري -هنا- يدفع توهم أن "وَجِل يَوْجَل"، و"وَحِلَ يَوْحَل"، تخرم العلة بتوضيحه أن "الواو" في تلك الأفعال لم تقع بين ياء وكسرة. د. سليمان: هل يمكن اعتبار كلام الأنباري تأسيسا للعلة البصرية، دون التعرض لنقد العلة الكوفية؟ د. محمد: نعم. وفي تأسيسه لعلته ردا على العلة المقابلة؛ لأن الكوفيين قد استخدموا هذه الافعال على أنها مثال للازم، فرد الانباري بأن تلك الافعال تحتمل العلتين معا، مما يسقط الاستدلال بها؛ عملا بالقاعدة الأوسع: (الدليل إذا تتطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال).
- وبالنسبة للدليل البصري رأى د. محمد أن البصريين أثبتوا علة الاستثقال، ومن ثم طلب التخفيف، قالوا: حذفت "الواو" لوقوعها بين "الياء والكسر" فربطتوها بالثقل، ووجدوا الثقل قائما، فكأنما قاسوا المضارع المثال الواوي على الثقيل في حكم الحذف للتخفيف، ثم استدلوا بقياس التخفيف بحذف "الواو" عند اجتماع "ياء وواو وكسرة" على التخفيف بالإدغام عند إجتماع "ياء وواو" في مثل "سيد وميت" قياس أولى بجامع اجتماع مثلين فأكثر، وقال: فإذا كان اجتماع "ياء وواو" يمكن إدغامهما تخفيفا؛ كراهة اجتماع مثلين، فإن اجتماع "الياء والواو والكسرة" أولى بالتخفيف، وليس متاحا الإدغام هنا؛ لأن الأول ليس ساكنا، فلم يبقي إلا التخفيف بالحذف، ثم جعلوا حذف "الواو" مع "الهمزة والتاء والنون" قياس طرد على حذفها مع "الياء".
- وافق د. تامر على القول بقياس الحذف على الادغام في "سيد وميت" بجامع الثقل، لكنه توقف في القول بأنه قياس أولى؛ لأنه لم ترد في النص كلمة قياس أولى.
ولكن د. محمد رد عليه بأنه هنا ورد لفظ إثنين، وهنا لفظ ثلاثة فيوحي بالأولى.
- أما الرد على كلمات الكوفيين، فرأى د. محمد أن الأنباري نقض علة الكوفيين -التى هي علة الفرق بين اللازم والمتعدي- بتخلف العكس. ورد الحذف مع اللازم، فلم يعد الحذف صالحا لفرق المتعدي من اللازم، فعلة الفرق غير موجودة والحذف موجود، إذا الرد بتخلف العكس.
ويرى د. محمد أنه رد استدلال الكوفيين ب "يوجل ويوحل" كأنه يقول: أثبت علتي في مقابل علتكم، أي أثبت دوران الحكم مع علته عدما، أي لما عدم الكسر في "وجل يوجل" و"وحل يوحل" عدم حذف "الواو" ولا نظر في ذلك لما قال الكوفيين، هو يريد ضمنيا أن ينفي كون ثبوت "الواو" للزوم وحذفها للتعدي كما قال الكوفيون.
ثم أراد أن يتخلص من الاعتراض عليه في "ولغ يلغ" ففيها لزوم وحذف، قال: أن حركة عين الفعل الأصلية هي الكسر، فقدر الكسر وجعل فتح العين لوقوع حرف الحلق "لاما". يقول د. محمد: فهي عندي عله مقدرة، والمحذوف لسبب في حكم المذكور، الأصل أن تكون اللام بالكسر، والكسر قائم لأن لغيابه سبب وهو حلقية اللام.
إذا اعترض الأنباري علي اعتراض الكوفيين بحذف "الواو" في "ولغ يلغ" رغم غياب الكسر؛ وذلك بوجود الكسر تقديرا على الأصل وليس على اللفظ. وفسر العدول عن الأصل -الكسر- إلى الفتح بحلقية العين.
- أما د. تامر فقال: أن الأنباري بدأ بمعارضة علة الكوفيين في "وجل يوجل" فهو يعارض علة بعلة، فعدم الحذف ليس للفرق بين اللازم والمتعدي، بل لعدم وجود علة للحذف، أي لعدم وقوع "الواو" بين "الياء والكسرة".
وتساءل د. تامر: هل نقول رد بمعارضة علة الكوفيين بعلة أخرى؟ أم نقول نفى العلة لعدم وجود تغيير؟
رد د. محمد وقال: نقول بمعارضة العلة؛ فالكوفي يقول: عندما انتفى التعدي ثبتت "الواو"، والبصري يقول: عندما انتفى الكسر ثبتت "الواو"
- ثم قال د. تامر في "ولغ يلغ" أنه رد باستصحاب أصل الكسر، يعني علل الحذف مع غياب العلة الظاهرة بأن العلة موجودة في الأصل، فكأنما تمسك بالأصل فقال: الحذف مبني على أن الأصل "يَفِعل" فقد وقعت "الواو" بين "ياء وكسر" في الأصل، وقد استصحبنا هذا الأصل مع وجود التغيير وهو فتح عين الفعل لكون "لامه" حرفا حلقيا، وهذه صورة من صور الاستصحاب.
ثم بعد ذلك كان استطراد بذكر ما جاء على الأصل مثل "نطح ينطح" لامه حلقية وعينه مفتوحة أصلا، و"نعق ينعق" عينه حلقية ومفتوحة كذلك.