#خطبة_الجمعة

แชร์
ฝัง
  • เผยแพร่เมื่อ 23 ก.ย. 2024
  • الله الرحمن الرحيم
    خطبة الجمعة
    ليوم: 02 ربيع الأول 1446ه، الموافق ل 06 شتنبر 2024
    في موضوع: «أثر الإيمان في تحصين المسلم»
    إنَّ مما تضافرت عليه الآيات القرآنية، والأحاديث النَّبوية، أنَّ الحسنات يُذهبن السَّيئات، وأنَّ المؤمن ما يزال بخير ما تمسَّك بإيمانه، وأقبل على عمله بجدٍّ وإتقان، غير أنَّ طبيعة الضّعف البشري التي تلازم الإنسان، ولا تكاد تنفك عنه إلا باعتصامه بالإيمان، وما يقتضيه من أعمال صالحة تُحصِّنه من الارتهان لشهوات النفس أو الخضوع لنزغ الشيطان.
    اليوم نخص الحديث عن نوع من الضّعف الذي قد يطال الإنسان فينال منه، ألا وهو: الاستسلام للشهوة الحرام، واستحسان لذاتها، ذلك أن النفس جُبلت على اتباع الهوى، والميل إلى الملذات، والخضوع للشهوات، وهذا ما أعلمنا به ربنا، في سياق التنبيه والتحذير عند قوله تعالى:
    اِ۪عْلَمُوٓاْ أَنَّمَا اَ۬لْحَيَوٰةُ اُ۬لدُّنْي۪ا لَعِبٞ وَلَهْوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٞ فِے اِ۬لَامْوَٰلِ وَالَاوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ اَعْجَبَ اَ۬لْكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَر۪يٰهُ مُصْفَرّاٗ ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماٗۖ .
    والنَّاظر في آي الذِّكر الحكيم، وفي أحاديث سيِّد المرسلين، يلحَظ أنَّ رأس الشَّهوات، وسبب المعاصي والذُّنوب هو حبُّ الدُّنيا واتِّباع ملذَّاتها، والغفلة عن الآخرة، وما به تستقيم النَّفس وتصلح.
    وهذا ما يؤكده قول رسول الله ﷺ، في حديث القصعة المشهور، في بيانه لسبب الضّعف الذي قد يلحق بالفرد كما الأمَّة:
    «... وليقذفن الله في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: «حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت».
    فاستيلاء حبِّ الدُّنيا على قلب العبد يُنسيه بالضَّرورة صلاح نفسه، وصلاح آخرته، ويورثه الغفلة التي هي أصل كلِّ داء، وسبب كلِّ عناء ومشقة.
    وحتى لا تأسر الذُّنوب والمعاصي العبد، وتخضعه لسلطانها، فتح الله له باب التَّوبة التي تجُبُّ ما قبلها، يقول ربُّنا الكريم:
    قُلْ يَٰعِبَادِيَ اَ۬لذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَيٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اِ۬للَّهِۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ يَغْفِرُ اُ۬لذُّنُوبَ جَمِيعاًۖ اِنَّهُۥ هُوَ اَ۬لْغَفُورُ اُ۬لرَّحِيمُۖ
    عباد الله: إنَّ هذا الحديث الشَّريف فضلا على بيانه لبعض أسرار محبَّة الله ورسوله، وأثرها على العبد، فإنَّه يدل أيضاً على أن المعصية قد تُضعف الإيمان ولكنَّها لا تنفيه، كما عليه إجماع أهل السُّنة من عدم التَّكفير بالمعصية، وأوَّلُوا نفْيَ الإيمان في قول النَّبي ﷺ:
    «لا يزني الزَّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السَّارق حين يسرق وهو مؤمن»
    بنفي كمال الإيمان الذي أضعفته المعصية.
    وإذا كان العبد معرَّضاً لتغلُّب الشَّهوات عليه، فليتسلَّح بالإيمان القوي، المؤسَّس على اليقظة الإيمانية الدَّائمة والرَّقابة الإلهية، ومحاسبة النَّفس على أنفاسها، وملازمة الذِّكر في سائر الأوقات؛ إذ المعصية إنَّما تقع في ساعة الغفلة، لقول الله تعالى:
    اِنَّ اَ۬لذِينَ اَ۪تَّقَوِاْ اِذَا مَسَّهُمْ طَٰٓئِفٞ مِّنَ اَ۬لشَّيْطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَۖ .
    وقد ساق لنا القرآن الكريم قصة أبينا آدم عليه السَّلام للموعظة والفهم، حيث خاطب الشيطانُ فيه شهوتَين عظيمتين، قال الحقُّ سبحانه، وهو يحكي لنا عن الإغواء الشَّيطاني لآدم عليه السَّلام:
    هَلَ اَدُلُّكَ عَلَيٰ شَجَرَةِ اِ۬لْخُلْدِ وَمُلْكٖ لَّا يَبْل۪يٰۖ
    فانتصر الضعف البشري بهذا الإغراء على أبينا آدم عليه السَّلام، بسبب الغفلة، كما بين ذلك الحقُّ سبحانه:
    وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَيٰٓ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُۥ عَزْماٗۖ
    فالغفلة إذاً هي أهم أسباب ضعف المؤمن، ولا سبيل لطردها إلا ذكر الله تعالى، وهو ما نفهمه عنه جل جلاله عندما ألهَم سيِّدنا آدم أن يقول:
    رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ اَ۬لْخَٰسِرِينَۖ
    فليس لأحد أن يأمن على نفسه من مسِّ الشَّيطان، ولو كان تقياً، إلا أن يتحصن بالإيمان أولا، ويتسلَّح بسلاح المحافظة على الطَّهارة، وأداء الصَّلاة في وقتها، والتَّصدق على فقراء المسلمين، والإكثار من ذكر الله تعالى، ولذلك شرع النَّبي ﷺ، لكلِّ مكانٍ، وزمانٍ، وحالٍ ذكراً، فإن غفلت ـ أيها المؤمن ـ عن ذكر الله جعلت للشَّيطان سلطاناً على نفسك، ويسَّرت له السَّبيل إلى قلبك بالوسوسة والخذلان، ثم الاستسلام لشرِّ الشَّهوات والأهواء.
    عصمني الله وإيَّاكم من الغفلة ووسوسة الشَّيطان، وألهمنا اليقظة والأُنس بذكر الرَّحمن.
    الخطبة الثانية:
    أما بعد؛ فيا عباد الله، إنَّ ما شَغل ويشغَلُ العلماء أكثر من أيِّ وقت مضى، هو: كيف السَّبيل إلى تحصيل الحياة الطِّيبة الموعودة في القرآن؟ ولماذا لم يعطِ الإيمان ولا العمل الصَّالح ثمارهما المرجوةَ في سُلوك النَّاس ومعاملاتهم وممارساتهم اليومية؟
    وما أشرنا إليه من تغلُّب النَّفس، والهوى، والشَّيطان؛ إن هو إلا بعض الأمثلة التي أَلِفَ النَّاس ذكرها، وإلا، فأين أثر الإيمان في المعاملات؟، وأين هو في تقليل الكلف عن النَّاس، ورفع الحرج والعَنَتِ عنهم؟، وأين هو في المحافظة على المال العام بعدم الغُلول فيه؟ وأين أثر العمل الصَّالح في إتقان العمل وتجويده، والنُّصح في القيام بالواجب في جميع المستويات، ومختلف الأعمال، كتعليم أبناء المسلمين، ومعالجة المرضى، وعدم الغشِّ في التِّجارة، وعدم احترام القوانين الجاري بها العمل في تدبير الشَّأن العام، وعدم إضاعة الوقت في أوقات العمل؟ وقس على هذا كلِّه سائر المهن والأعمال، حيث ينبغي للمؤمن أن يجتهد في أدائها باعتبارها عبادات يكون له أجر الإخلاص والأمانة فيها، تماماً كما يكون عليه وزر الغشِّ والخيانة فيها.
    فكلُّها واجبات يلزم القيام بها، وأمانات يجب أداء حقِّها، وفق مقتضيات الإيمان والعمل الصَّالح، حتى تجلب لصاحبها الأجر في الدُّنيا، فيهنأ عيشه فيها، ثم يسعد بالنَّعيم المقيم في الآخرة

ความคิดเห็น •