نسأل الله لنا الهدى والنور وأن يحينا على الحق ويتوفنا عليه وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ...... سأل مهم للشيخ هل هذه الطريقة أو الطرق الصوفية الأخرى كان الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام يعلمونها ويعملون بها أن أنها حدثت بعدهم إن كانوا يعلمونها ويعملون بها إننا كلنا صوفية واليأتي بالدليل على ذلك وإن كان غير ذلك فاليراجع الشيخ نفسه خاصة وأنه قد جال في العلم نسأل الله لنا وله الهداية
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والرد على المدعو الهوساوي يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق) لنا أن نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن هذه الفتن وعين أهل الحق فيها وذلك في حياته صلى الله عليه وسلم فلا معنى حينئذ للقول لم لم يروه يقظة بعد وفاته ليخبرهم بما أخبرهم به في حياته . روى الإمام احمد في مسنده والإمام مسلم في صحيحه من حديث الزهري عن أبى إدريس الخولاني سمعت حذيفة بن اليمان يقول : (والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة وما ذاك أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني من ذلك شيئاً أسره إلى لم يكن حدث به غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلساً أنا فيه سئل عن الفتن وهو يعد فيهن ثلاث لا تذوق شيئاً منهن كرياح الصيف منها صغار ومنهن كبار قال حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيري). وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن حذيفة رضي الله عنه قال ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابه هؤلاء وإنه ليكون منه الشيء فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه ). ثامناً : من يطلب التفصيل في الأدلة الخمس فليستمع : ا-إن الخلاف في سقيفة بني ساعدة بين المهاجرين والأنصار كان على الخلافة وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجه الحق في ذلك فقال ( الأئمة من قريش ) وهو حديث متواتر نص على تواتره الحافظ بن حجر في فتح الباري. وعن علي رضي الله عنه قال يا رسول الله من نؤمر بعدك قال إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة وإن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً لا تأخذه في الله لومة لائم وإن تؤمروا علياً ولا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الطريق المستقيم . ( رواه أحمد والبزار والطبراني ورجال البزار ثقات قاله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوبكر وعمر وعثمان يعني في الخلافة . ( قال الحافظ الهيثمي رواه البزار والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح ) . 2- وأما الخلاف بين أبى بكر الصديق والسيدة فاطمة رضي الله عنهما وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجه الحق فقال : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) وقد احتج بذلك أبوبكر الصديق رضي الله عنه ورضيت السيدة فاطمة رضي الله عنها وصلى الله وسلم على أبيها. 3- وأما الخلاف بين على وأصحابه وبين طلحة والزبير والسيدة عائشة رضي الله عنهم جميعاً وقد أخبر رسول الله صلى عليه وسلم بوجه الحق ففي الحديث عن أبى سعيد الخدري قال : (كنا عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من المهاجرين والأنصار فقال ألا أخبركم بخياركم قالوا بلى قال الموفون المطيبون إن الله يحب الخفي التقي قال ومر علي بن أبي طالب فقال الحق مع ذا الحق مع ذا) ( قال الحافظ الهيثمي رواه أبو يعلى ورجاله ثقات ) وعن زيد بن وهب قال بينا نحن حول حذيفة إذ قال : (كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وسلم فرقتين يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف فقلنا يا أبا عبد الله وإن ذلك لكائن و قال بعض أصحابه يا أبا عبد الله فكيف نصنع إذا أدركنا ذلك الزمان فقال أنظروا الفرقة التي تدعو إلى أمر علي فالزموها فإنها على الهدى). (قال الحافظ الهيثمي رواه البزار ورجاله ثقات ) وعن عمير بن سعيد قال : ( كنا جلوساً مع ابن مسعود وأبو موسى عنده وأخذ الوالي رجلاً فضربه وحمله على جمل فجعل الناس يقولون : الجمل الجمل فقال رجل يا أبا عبد الرحمن هذا الجمل الذي كنا نسمع قال : فأين البارقة ). ( قال الحافظ الهيثمي رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ) . 4- الخلاف بين سيدنا على كرم الله وجهه والخوارج أقول لا معنى لهذا فالخوارج ليس فيهم صحابة وإنما هم كلاب النار كما ورد في الحديث الصحيح والأمة كلها مجمعة على ضلالهم وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقال طوبى لمن قتلهم أو قتلوه وقال لئن أنا أدركنهم لأقتلنهم قتل عاد وقال تقتلهم أولى الطائفتين بالحق وقد ظهر مصداق ذلك فقتلهم سيدنا على بن أبي طالب وأصحابه . 5- الخلاف بين سيدنا على ومعاوية رضي الله عنهما. لقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجه الحق في ذلك . فعن أبى سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فقال أبوبكر أنا هو يا رسول الله قال لا قال عمر أنا هو يا رسول الله قال لا ولكنه خاصف النعل وكان أعطى علياً نعله يخصفها ). ( قال الحافظ الهيثمي رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح ) وعن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال :( مازال جدي كافأ سلاحه حتى قتل عمار بصفين فسل سيفه فقاتل حتى قتل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقتله الفئة الباغية ). (قال الحافظ الهيثمي رواه احمد والطبراني وفيه أبو معشر وفيه لين ). أقول : قوله ( فيه لين ) لا يضره فقد يقال في من يجب قبوله (فيه لين ) وقد تطلق هذه العبارة في بعض رجال الصحيح وإنما فائدتها ترجيح من لم يقل فيه ذلك على من قيل فيه عند التعارض أفاده الإمام العلامة ابن الوزير في كتابه (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم ) فانظره على أن حديث عمار تقتله الفئة الباغية متواتر رواه جمع كبير من الصحابة منهم أبو سعيد الخدري وأبو قتادة الأنصاري وأم سلمة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وخزيمة بن ثابت وعمرو بن حزم وعثمان بن عفان وأبو هريرة وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبو رافع وجابر بن سمرة وزيد بن أبى أوفى وأبو اليسر وكعب بن عمرو وكعب بن مالك وزياد بن الفرد وأبو أمامة الباهلي وعائشة بنت أبى بكر الصديق وعمار بن ياسر وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبى سفيان رضي الله عنهم جميعاً. فإذا علمت جميع ذلك عرفت بطلان حجة ذلك المنكر في هذا الاستدلال البارد وتيقنت سقوطها جملة وتفصيلا وماذا بعد الحق إلا الضلال . تاسعاً : إن الحافظ بن أبي جمرة في شرحه على مختصر صحيح البخاري نقل رؤية النبي صلى الله عليه وملم في اليقظة عن السلف والخلف قال : (وقد ذكر عن السلف والخلف إلى هلم جرا عن جماعة ممن كانوا رأوه صلى الله عليه وسلم في النوم وكانوا ممن يحملون هذا الحديث على ظاهره فرأوه بعد ذلك في اليقظة ). وفى كتاب (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ) تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر فيه أن الإمام سعيد بن المسيب وهو من كبار التابعين كان يسمع الأذان والإقامة من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام معركة الحرة وكذا أخرجه الزبير بن بكار في كتاب أخبار المدينة والإمام محمد بن سعد في كتاب الطبقات الكبرى والإمام الدارمي في المسند. عاشراً : إن هؤلاء يقولون أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لم تنقل عن أحد من الصحابة وهذه شهادة على النفي وهى مردودة عند الفقهاء فإنه لا حجة في عدم النقل على أن هذا الزعم مردود أيضاً بما نقل عن الصحابي ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار قال فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقيل يا ابن ثعلبة إنك لتغرر وتحمل على القوم فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده ثم يتراءى لي أصحابي فاحمل حتى أكون مع أصحابي قال فعمر زماناً طويلاً من دهره ). ( قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني وإسناده حسن ).
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والرد على المدعو الهوساوي يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق) القول الحق أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي ) . وهذا الحديث النبوي الشريف هو حجة من يقول بروية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ولنكشف لكل عن وجه الحجية فاستمع : أولاً : هذا حديث صحيح في أعلى درجات الصحة اتفق البخاري ومسلم على إخراجه وقد قال الإمام ابن الصلاح إن اتفاق البخاري ومسلم على إخراج حديث يقوم مقام التواتر . ثانياً : إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة من الممكنات التي تدخل تحت القدرة الإلهية ومن ادعى أنها من المستحيلات الذاتية فهو غالط غلطاً عظيماً فإن روية مخلوق لمخلوق أمر ممكن سواء كان المخلوق المرئي في الدنيا أم في الآخرة والقاعدة التي عليها المحققون من العلماء أن الممكن الذي يدخل تمت القدرة الإلهية لا يتم إخراجه عن هذا الإمكان إلا بنص صريح كما أن القاعدة التي عليها المحققون من العلماء أن العدل إذا أخبر بأمر ممكن فلا وجه لتكذيبه وأما من يقول : يحتمل أنه وهم فيقال له : إن الاحتمالات لا تتأسس عليها الحقائق . ثالثاً : إن إحالة الألفاظ عن مدلولاتها في اللسان العربي بغير موجب يوجب ذلك لا تقبله القواعد العلمية ولفظ (اليقظة ) الظاهر منه عند الإطلاق هو (ضد النوم ) فصرفه إلى غير ذلك مماحكة ومماحلة قال الإمام العلامة ابن الأثير في كتابه (النهاية في غريب الحديث والأثر) في حرف الياء : ((اليقظة) : قد تكرر في الحديث ذكر اليقظة والاستيقاظ وهو الانتباه من النوم ). رابعاً : أجمع أئمة هذه الأمة المعصومة في إجماعها على أن ظواهر الشرع هي الجادة عند اختلاف العلماء واشتباك الآراء قال الإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي في كتابه ( روضة الناظر) : ( متى دار اللفظ بين الحقيقة والمجاز فهو للحقيقة ولا يكون مجملاً إلا أن يدل دليل على أنه أريد به المجاز إذ لو جعلنا كل لفظ أمكن التجوز فيه مجملاً لتعذرت الاستفادة من أكثر الألفاظ واختل مقصود الوضع وهو التفاهم ولأن واضع الاسم لمعنى إنما وضعه ليكتفى به فيه فكأنه قال : ما سمعتم هذه اللفظة فافهموا ذلك المعنى فيجب حمله عليه إلا أن يغلب المجاز بالعرف كالأسماء العرفية فتصير حينئذ الحقيقة كالمتروكة ) . بل قد صرح بعض العلماء أن ترك الاحتمال الظاهر الراجح إلى الاحتمال الخفي المرجوح كترك النص إلى غيره وان كان الثاني أقبح وأفحش إلا أنهما مشتركان في القبح والفحش والتحريم . خامساً : إن علماء الأصول مجمعون على أن المخصص إذا لم يوجد فاللفظ على عمومه والتخصيص بغير مخصص باطل عند الجميع والأدلة التي يخصص بها العموم هي : دليل الحس ودليل العقل والإجماع والنص الخاص والمفهوم بالفحوى ودليل الخطاب وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تقريره واحداً من أمته بخلاف موجب العموم وقول الصحابي وقياس نص خاص إذا عارض عموم نص آخر. وفى بعض هذه الأدلة اختلاف بين العلماء في حجيتها في تخصيص العموم ومع ذلك فما هو دليل تخصيص العموم في حديث ( فسيراني في اليقظة ) قال الحافظ بن أبى جمرة في شرحه على مختصر صحيح البخاري : ( هل هذا على العموم في حياته عليه السلام وفى مماته أو في حياته لا غير؟ اللفظ يعطى العموم ومن يدعى الخصوص فيه بغير مخصص منه صلى الله عليه وسلم فمتعسف ). وقول من قال هي روية يوم القيامة هو أيضاً تخصيص بغير مخصص بل قال الحافظ بن حجر العسقلاني في (فتح الباري) : ( لا فائدة في هذا التخصيص ). وكذا قال الحافظ السيوطي في (تنوير الحلك ) والقاضي أبوبكر بن العربي المالكي في (عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي) وقال الحافظ : (لأنه سيراه يوم القيامة في اليقظة جميع أمته من رآه في النوم ومن لم يره ). ( قلت ) : بل سيراه أيضاً من غير وبدل فيختلجون دون الحوض فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال له إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا علن أعقابهم القهقرى فيقول سحقاً سحقاً لمن غير بعدي. ولنختم هذا المبحث بما ذكره الحافظ الفقيه الإمام العلامة ابن حجر الهيثمي في كتابه (الفتاوي الحديثية ) : (سئل : هل تمكن روية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فأجاب : أنكر ذلك جماعة وجوزه آخرون وهو الحق فقد أخبر بذلك من لا يتهم من الصالحين بل استدل بحديث البخاري : ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) أي بعين رأسه وقيل بعين قلبه واحتمال إرادة القيامة بعيد من لفظ اليقظة على أنه لا فائدة في التقييد حينئذ لان أمته كلهم يرونه يوم القيامة من رآه في المنام ومن لم يره في المنام . وفى شرح بن أبى جمرة الأحاديث التي انتقاها من البخاري ترجيح بقاء الحديث على عمومه في حياته ومماته لمن له أهلية الإتباع للسنة ولغيره ومن يدعي الخصوص بغير تخصيص منه صلى الله عليه وسلم فقد تعسف ثم ألزم منكر ذلك بأنه غير مصدق بقول الصادق وبأنه جاهل بقدرة القادر وبأنه منكر لكرامات الأولياء مع ثبوتها بدلائل السنة الواضحة ومراده بعموم ذلك وقوع رؤية اليقظة الموعود بها لمن رآه في النوم ولو مرة واحدة تحقيقاً لوعده الشريف الذي لا يخلف وأكثر ما يقع ذلك للعامة قبل الموت عند الاحتضار فلا تخرج روحه من جسده حتى يراه وفاء بوعده أما غيرهم فيحصل لهم ذلك قبل ذلك بقلة أو بكثرة بحسب تأهلهم وتعقلهم وإتباعهم للسنة إذ الإخلال بها مانع كبير).
التجانيون يعلنون يقول الشيخ الدكتور عمر مسعود التجاني فى كتابه الرد على الافريقي دفاعاً عن الطريقة التجانية القول الفصل اولاً تمهيد:- ليس في التجانيين مبتدع - ولله الحمد - وليس فيهم معتزلة ولاقدرية ولا جبرية ولا جهمية بل هم على عقيدة اهل السنة والجماعة يحبون الصوفية قاطبة ويسلمون للاولياء جميعاً ويلتمسون لما اشكل من كلامهم خير المحامل بناءاً علي قاعدة حسن الظن بالمسلمين قال صلي الله عليه وسلم . [اياك والظن فان الظن اكذب الحديث ] رواه البخاري . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : [رايت النبي صلي الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول (ما اطيبك واطيب ريحك ما اعظمك واعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحمة المؤمن اعظم عند الله تعالي حرمة منك : ماله ودمه وان يظن به خيراً )] اخرجه بن ماجه في سننه ولكن التجانيين - مع حسن ظنهم بعباد الله لا يرون أي ولي من الاولياء يبلغ مرتبة الصحابه مهما عمل - لا شيخهم التجاني رضي الله عنه ولا غيره - انظر جواهر المعاني (1/142) ولا يرون الاولياء والصحابة يبلغون مرتبة الانبياء انظر جواهر المعاني (2/72) ولا يرون أي ورد يساوي القران فكيف يكون افضل منه. و التجانيون يتعبدون بقراءة القران ويحفظونه ويحافظون علي احكامه اشد المحافظة وبشارات الطريق لا تعدو عندهم انها بشارات يسرون بها ولا تغرهم ولا تحملهم علي ترك العمل ولا علي الامن من مكر الله عز وجل (فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون )، ومن فعل ذلك فليس من اهل الطريق. والمسائل التي ينكرها عليهم خصومهم تنحصر في امرين : احدهما : كذب وافتراء من جزره لا اصل له في الطريق وثانيهما : محرف عن اصل صحيح مطابق للشرع الشريف وما سوى ذلك من المسائل التي ينكرها عليهم خصومهم - مما لا يرجع الي هذين الامرين. فان التجانيين يسعهم ما يسع الامة. واذا اختلف علماء المسلمين في مسالة فالتجانيون ليسوا بمكلفين الا باتباع ما وضح لديهم دليله ما دامت المسالة معتبرة عند علماء المسلمين من المسائل الخلافية :من اجتهد فاصاب فيها فله اجران ومن اجتهد فاخطأ فله اجر واحد فالكل ماجور والحمد لله اما الكذب والتحريف فيبوء بهما الاثم وليس يجني الا علي نفسه والموعد الله . وتصوروا رجلا يقول لرجل : انت تقول ان النبي صلي الله عليه وسلم كتم ما امر بتبليغه ؟ فيجيبه الاخر : حاشا وكل ان اقول ذلك ..... ابرأ الي الله من ذلك. ويقول المنكر ان كلامك يلزم منه هذا القول. فيجيبه الاخر: كلا ..... لا يلزم ولا اقصده. فيقول له المنكر: لا ..... بل انت تقصده. اما اهل الانصاف فانهم يقولون : ياايها الملزم بما لا يلزم ..... هلا شققت قلبه ؟!!!!.. ان اهل الطريقة التجانية وغيرها من اهل الطرق يحتقرون تلك الحملات الجائرة الظالمة ولذلك لم تصادف رواجاً وزادت أهل الطريق تمسكاً بها . لماذا ؟ لانهم لا يشكون في ان خصوم الطريقة مبطلون . ولا يفهم الوصف لسلوك الطريقة معني إلا صحبة قوم صالحين يؤمنون بالله ويتقونه قد جعل لهم الرحمن وداً وظهرت لهم آثار محبة الله عز وجل[ فإذا أحببته كنت سمعة الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش به ورجله التي يمشى بها ولئن سألني لأعطينه ولئن أستعاذني لأعيذته] رواه البخاري، كم ظهرت عليهم آثار معية الله الخاصة بالذاكرين الله كثيراً والذاكرات يقول الله [إنا عند ظن عبدي وأنا معه إن ذكرني] . فقوم هذه صفتهم يصدق عليهم[هم القوم لا يشقي بهم جليسهم] ولو كان جليسهم [ليس منهم إنما جاء لحاجة]رواه البخاري ، ولو كانت صفة الجليس أنه [عبد خطاء فجلس معهم] رواه مسلم. وقد قال صلى الله عليه وسلم. [مثل الجليس الصالح كصاحب المسك] هذه الطريقة كما نعرفها وكما تلقيناها . . وما سوى ذلك فلا نعرفه . . . ولا نرفع به رأساً. ثانياً : (هذا بيان للناس): (1)أن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن صلاة الفاتح من القرآن كما زعم من زعم - وهو كذوب - بل يعتقدون أن وحي النبوة قد انقطع بلحوقة صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ومن اعتقد أن صلاة الفاتح من القرآن فهو كاذب وكافر كفراً يخرج من الملة. (2) أن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شئياً مما أمر بتبليغه ومستحيل أن يؤمر بتبليغ ورد صلاة الفاتح أو بيان فضلها فيكتم شئياً من ذلك ومن اعتقد ذلك فهو كافر بالله ورسوله لا يقبل من صرفاً ولا عدلاً. .. وصلاة الفاتح كانت معروفة قبل أن يولد الشيخ التجاني رضى الله عنه وفضلها كان أيضاَ معروفاً وقد صرح الشيخ التجاني رضى الله عنه بذلك كما هو مذكور في جواهر المعاني(1/135) وأنه أطلع على ذلك في كتاب (وردة الجيوب) وأنه كان يصلى بها على رسول الله صلى الله عليه من حين رجوعه من الحج إلي بلوغه مدينة تلمسان ومن حين رحيله منها إلي بلدة أبي سمغون ثم أخذ يصلي على رسول صلى الله وسلم بصيغة[صلاة تعدل جميع صلوات أهل محبتك] ثم رجع إلي صلاة الفاتح بعد رؤيا رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بذلك.. فإذا كان هذا هو صريح قول الشيخ التجاني رضى الله عنه فهل يعقل أن ينسب إليه القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كتم الورد أو كتم صلاة الفاتح أو كتم فضلها مع اعتقاد أن الله أمره بتبليغ ذلك. . ألا يعرف الناس معني الإنصاف ؟!!! وقد سئل الشيخ التجاني رضى الله عنه - كما في جواهر المعاني(1/207) [قلت للشيخ رضى الله عنه هل يطرأ النسيان على الرسل قبل تبليغ ما أمروا به كما طرأ بعد التبليغ؟] قال : لا. . ولو نسى شئياً مما أمر بتبليغه إلي الخلق لبعث إليه الملك وذكره به ليتم الدين الذي أراده سبحانه وتعالى لأنه هو الحافظ له حتى يكمل ما أراده من شرعه. هذا هو قول الشيخ التجاني رضى الله عنه فأنظر هل يلتئم مع ما يبهته خصومه؟!! وإذا كان الشيخ التجاني رضى الله عنه يعتقد أن الرسل لا ينسون ما أمروا بتبليغه فكيف يعتقد فيهم أنهم يكتمون ما أمروا بتبليغه؟!! أليس في الناس أنصاف؟!! اللهم أشهد. . . اللهم أشهد!!! أنهم يحاربون أوليائك بالكذب عليهم!!!. (3)إن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن هناك - بعد الرسول صلى الله عليه وسلم تشريعاً بأي وجه من الوجوه وما جاء به صلى الله عليه وسلم مستحيل أن ينسخ شي منه أو يزاد شي عليه ومن زعم ذلك فهو كافر خارج عن الإسلام والعياذ بالله. قال الشيخ التجاني رضى الله عنه كما في جواهر المعاني (1/247). [إن الحكم المقرر في الشرائع من الرسل عليهم الصلاة والسلام لا ينحل عقدة إلا بنبوه وأما الولاية فليس في وسعها هذا] وقال الشيخ التجاني رضى الله عنه - كما في جواهر المعاني (2/116) إن التشريع بأحداث حكم لم يكن سابقاً - طلباً للفعل أو طلباً للترك أو تعبداً أو إباحة أو نقض حكم سابق في الشريعة فتبدل بحكم آخر فهذا لا سبيل للأولياء إليه إذ هذا متوقف على النبوة فقط] والتجانيون وإن كانو يقولون برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة - ودليلهم حديث البخاري ومسلم[من رآني في المنام فسيراني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي] - إلا أن مشاهدات الأولياء عندهم ليست بحجة في شرع الله تعالى - لا في الاشتقلال بالحكم ولا في تقييد مطلقة ولا في تخصيص عمومه - وإنما الحجة هي الشريعة المحمدية ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ليست مصدراً من مصادر التشريع. قال الشيخ التجاني رضي الله عنه كما في جواهر المعاني (2/115) : [لا واسطه بين الله وبين العباد إلا النبوة ومن رام الخروج عنها - أعني النبوة - طلباً للأخذ عن الله من غيرها كفر وخسر الدنيا والآخرة]. (4)إن التجانيين يعلنون أنهم لا يتعقدون أن مجرد رؤية أحد الصالحين كافية في نجاة المرء يوم القيامة وإنما ينجيه الإيمان ولعمل الصالح ويدخل الجنة برحمة الله سبحانه وتعالى ولكن التجانيين يقولون إن الاجتماع بالصالحين مع صدق المحبة يجر إلي الصلاح ويدخل في الرحمة والمغفرة بوعد إلهي لا خلف فيه وحديث العبد الخطاء الذي مرّ وجلس وإنما جاء لحاجة معروف وأنظر صحيح البخاري ومسلم وحديث الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم طلب التوبة فدله آخر العلماء بأمر الله على صحبة الصالحين [الحق بأرض كذا فإن فيها قوماً يعبدون الله فكن معهم ] مروي في صحيح البخاري وقد مات الرجل قبل أن يلحق بهؤلاء الصالحين فأدخل في ديوان الرحمة. . فكيف لو لحق بهم وكان معهم؟!! وحديث الجليس الصالح والجليس السوء معروف عند العلماء. (5)إن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون في أيّ وليّ كان - الشيخ التجاني رضى الله عنه أو غيره - أنه يبلغ في الفضل مرتبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اعتقد في أيّ وليّ كان أنه أفضل من الأنبياء فهو كافر كفراً يخرج من الملة قال الشيخ التجاني رضى الله عنه كما في جواهر المعاني (2/72). [أعلم أن الذي في مرتبته صلى الله عليه وسلم من تجليات الصفات والأسماء والحقائق لا مطمع في دركه لأحد من أكابر أولي العزم من الرسل فضلاً عمن دونهم من النبيين والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وإن الذي في مرتبة أولي العزم من الرسل لا مطمع لأحد في دركه من عموم المرسلين وأن الذي مرتبة الرسالة لا مطمع في دركه لأحد من عموم النبيين والذي في مرتبة النبوة لا مطمع في دركه لأحد من عموم الأقطاب وإن الذي في مرتبة القطبانية لا مطمع لأحد في دركه من عموم الصديقين]. وقال في جواهر المعاني (1/142): [كل واحد من الصحابة الذين بلغوا الدين مكتوب في صحيفته جميع أعمال من بعده من وقته إلي آخر هذه الأمة فإذا فهم هذا ففضل الصحابة لا مطمع فيه لمن بعده] (6) إن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن البشارات هي أساس الطريق إلي الله تعالى ويعتقدون أن من الضلال المبين أن يأمن العبد مكر الله عز وجل مهماً توالت علية المبشرات ومن اتكل على المبشرات واترك العمل الصالح فذلك اية الخسران المبين (العايذ بالله تعالى قال الشيخ التجاني رضي الله عنه كما في جواهر المعاني (1/253): [ لا أمان من مكر الله تعالى وإن بلغ العبد من الله ما بلغ في الاصطفاء والاجتباء ] وقال رض الله عنه في جواهر المعاني (2/161). [إياكم والعياذ بالله من لباس حلة الامان من مكر الله في مقارفة الذنوب باعتقاد العبد أنة أمن من مؤخذة الله له في ذلك فإن من وقف هذا الموقف بين يدي الحق تعالى ودام علية فهو دليل على أنة يموت كافراً والعياذ بالله ] (7) أن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن لأي أحد كان مع الله تصرفاً في ملكه بل الله سبحانه هو المنفرد بالخلق وتصريف الملك وتدبيره (بيده الملك وهو على كل شئ قدير) وما يجريه الله على يد أوليائه إنما هو من باب [إن سألني لأعطينه]ومن باب [إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره] قال في جواهر المعاني (1/117): [التدبير مع الله من الشرك لأنه تعالى منفرد بالإيجاد والتدبير (ألاله الخلق والأمر) فمن دبر في ملكه شيئاً فقد تعدى ونازع أحكام الربوبية] هذه هي براءة التجانيين . . قد أعلنوا بها قبل ذلك كثيراً . . . ويأبى خصومهم إلا الفجور في الخصومة . . والموعد الله (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)
بسم الله ربي لا اله الا هو الحي القيوم الصمد الرحمن الرحيم الملك اللهم صلي علي سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والختم لما سبق ناصر الحق بالحق والهدي الي صراط المستقيم وعلي اله حق قدره ومقداره الغظيم .. وبعد رضي الله عن سادتنا الاشراف والاخيار والعارفين بالله اشيخنا الاحباب الشيخ القطب المحتم اب العباس احمد التجاني رضي الله عنه وعن الفيضه الربانيه الغوث الشيخ الاسلام ابراهيم ابن الحاج عبدالله انياس الكولخي رضي الله عنه وعن القطب والغوث صاحب السر الرباني الشيخ عيسى محمد البرناوي رضي الله عنه ورضي الله عن ماشيخنا جميهم امابعد رضي الله عن الشيخ ابراهيم صالح ..جزا الله عنا كل خير وبركه اللهم انفعنه بهم وبي بركاتهم وسرهم وجاهيم وان تحتفظ صحاب الشيخ في كل بلت بجاهي اب عباس بيجاهي اب بكري وتحفظ نجلينا من سؤ دائما في حالة العسر واليسري .. والحمد الله علي هدا النعم والمقام اللهم زدنا مدد وثبات علي هدا النهج المحمدي الرباني وان يارب تنصر نصر مبين الطريقه التجانيه المحمديه في كل بلاد وفي كل زمان يارب العلمين والسلام عليكم ورحم الله تعالى وباركاته .
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والرد على المدعو الهوساوي إن هذه التي يسميها أدلة هي في الحقيقة شيء واحد يتكرر في صور مختلفة وهى كون الخلاف قد وقع بين الصحابة ولم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة ليحل لهم إشكالهم ويرفع الخلاف فجعل (الهوساوي ) المنكر ينوع في قصص الخلاف ويجعل كل قصة دليل قانماً بنفسه فأعطى بذلك الدليل (لمن يطلب الدليل ) . يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق) ان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم حق لا شك فيه وحديثها متواتر وخصومنا يقرون بذلك فلنا أن نسألهم لماذا لم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم ويحل لهم إشكالهم ويرفع خلافهم ولنا أن نفعل كفعلهم فننوع صور الخلاف ونجعل كل نوع دليل قائماً بنفسه فنقول : الدليل الأول ، الدليل الثاني ، الدليل الثالث ، الدليل الرابع ، الدليل الخامس فإنه إذا بطلت رؤية ليقظة بمثل هذه الأدلة بطلت أيضاً روية المنام بمثل هذه الأدلة ولا فرق وإذا بلغ النقاش إلى هذا الحد سقط الكلام مع هؤلاء المنكرين فإن قالوا : إن رؤيا المنام ليست من مصادر التشريع ويجب عرضها على الشريعة قلنا : وكذلك رؤية اليقظة فأين تذهبون ؟! ويقال لهم أيضاً : ألستم تعلمون أن الإلهام الحق هو مما يكرم الله تعالى به أولياءه ؟ فإن قال لكم قائل : لماذا لم يحصل الإلهام للصحابة المختلفين في سقيفة بني ساعدة وفي معركة الجمل وفي معركة صفين وفي معركة النهروان ولا حصل لأبي بكر الصديق وفاطمة ( الأدلة الخمس )... لماذا لم يلهموا الحق أليسوا هم أولى من أن يلهم فلان أو فلان بأوراد وأعداد ؟! ألم يكونوا محتاجين إلى معرفة الحق الذي لا ريب فيه وقد سالت الدماء واعتركت الجيوش وقتل من قتل ؟!!! فهل تجعلون الإلهام باطل ... كما جعلتم رؤية اليقظة باطلة تأسيساً على الأدلة الخمس فيكون الإلهام باطل ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم باطلة ورؤيته في اليقظة باطلة ؟!! رحم الله امرأ قال خيراً فغنم ... أو سكت فسلم .
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والرد على المدعو الهوساوي يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق) لنا أن نقول في الأدلة الخمس : إما أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم مأموراً بالإخبار عن هذه الفتن وتعيين أهل الحق فيها أو لا يكون مأموراً بالأخبار عن ذلك ولا يعقل أن يكون مأموراً بذلك ثم لا يفعله وإذا فعله فلا معنى لقولهم لم لم يظهر لهم في اليقظة ليحل مشكلاتهم والحال أنه صلى الله عليه وسلم أخبرهم بذلك في حياته وهو القاتل : (فليبلغ الشاهد الغائب ). أما إن كان النبي صلى الله عليه وسلم غير مأذون له بالإخبار عن تلك الفتن وتعيين المستمسك بالحق عند وقوعها ما دام قد تركهم على بيضاء نقية ليلها كنهارها فلا معنى أيضاً لأن يقال لم لم يظهر لهم في اليقظة عند وقوع الفتن ويحل الإشكال ويعين أهل الحق والحال أنه غير مأذون له في ذلك . فعلى كلا الوجهين تساقطت الشبهة وتهافتت أركانها فليس لها قيمة علمية .
جمع: أبي معاذ السلفي المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: ( لقد تجرأ بعض الصوفية في ادعاء خروج النبي صلى الله عليه وسلم من قبره ورؤية مشايخ القوم له يقظة لا مناماً في الحياة الدنيا والتلقي منه، على اختلاف بينهم في كيفية هذه الرؤية كما سيأتي إن شاء الله بيانه ضمن هذا المبحث، فممن قال بذلك منهم: ابن حجر الهيتمي في «الفتاوى الحديثية» (ص217) والسيوطي في «تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم والملك» ضمن «الحاوي للفتاوي» (2/255)، وأبو المواهب الشاذلي كما في «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/69)، والشعراني كما في «الطبقات الصغرى» (ص89)، وأحمد التيجاني وخلفاؤه كما في «رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم» (1/210)، ومن المتأخرين: خوجلي بن عبد الرحمن بن إبراهيم كما في «طبقات ابن ضيف الله» (ص190)، ومحمد بن علوي المالكي في «الذخائر المحمدية» (ص259)، ومحمد فؤاد الفرشوطي في «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات المحمدية للسادة الصوفية» (ص25))([1]) ؛ و علي الجفري الملقب بـ ( زين العابدين ) !! فقد تحدث عن هذه المسألة في عدة مجالس مسجلة بصوته، وممن يقول بها كذلك مفتي مصر الحالي علي جمعة؛ بل قد زعم - علي جمعة - بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة!! وقوله هذا مسجل بصوته والله المستعان. وفيما يلي أنقل ردوداً لبعض أهل العلم على هذه الدعوى وأسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم؛ وأن ينفع به ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي ) * أولاً: ذكر بعض الأدلة التي تثبت عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة قال الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» (2/47-49) باختصار: ( من الأدلة على عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم ولم يظهر لهم، نذكر منها: - انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبيصلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم. - اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة » رواه البخاري وغيره. - الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟ - الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء. - النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم. - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يُظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه.فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا) اهـ . * ثانياً: أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة إليك أخي القارئ الكريم أقوال بعض أهل العلم في هذه المسالة؛ وأغلب هذه النقول من كتاب «القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل» للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله: 1 - قال القاضي أبو بكر بن العربي نقلاً من «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني (12/384): (شذ بعض الصالحين فزعم أنها - أي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته - تقع بعيني الرأس حقيقة). 2 - الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في «المفهم لشرح صحيح مسلم» ذكر هذا القول وتعقبه بقوله: (وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده ولا يبقى من قبره فيه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره. وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل) وإلى كلام القرطبي هذا أشار الحافظ ابن حجر في «الفتح» بذكره اشتداد إنكار القرطبي على من قال: (من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة). 3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته «العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية»: (منهم من يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه وجعلوا هذا من كراماته ومنهم من يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه. وبعضهم كان يحكي أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك: ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم، وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثها فهلا سألته فأجابها؟). وحكاية ابن منده التي أشار إليها ابن تيمية رحمه الله في هذا الكلام ذكرها الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (17/37-38) في ترجمة أبى عبد الله محمد بن أبى يعقوب إسحاق بن الحافظ أبى عبد الله محمد بن يحي بن منده وقال الذهبي فيها: (هذه حكاية نكتبها للتعجب). وقال في إسنادها: (إسنادها منقطع) اهـ. 4 - قال الحافظ الذهبي في ترجمة الربيع بن محمود المارديني في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»: (دجال مفتر ادعى الصحبة والتعمير في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكان قد سمع من ابن عساكر عام بضع وستين). يعني الحافظ الذهبي بالصحبة التي ادعاها الربيع ما جاء عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو بالمدينة الشريفة فقال له: أفلحت دنيا وأخرى، فادعى بعد أن استيقظ أنه سمعه وهو يقول ذلك. ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 513). 5- الحافظ ابن كثير ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن محمد أبى الفتح الطوسي الغزالي في «البداية والنهاية» (12/196) أن ابن الجوزي أورد أشياء منكرة من كلامه منها أنه - أي أبا الفتح الطوسي - كان كلما أشكل عليه شيء رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة فسأله عن ذلك فدله على الصواب، وأقر ابن كثير ابن الجوزي على عد هذا من منكرات أبى الفتح الطوسي، وابن الجوزي ذكر هذا في كتابه «القصاص والمذكرين» (ص156). 6- ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري» (12/385) أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله: (وهذا مشكل جداً ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف). 7- قال السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته: (لم يصل إلينا ذلك - أي ادعاء وقوعها - عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمداً بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه) نقل ذلك القسطلاني في «المواهب اللدنية» (5/295) عن السخاوي. 8- قال ملا علي قاري في «جمع الوسائل شرح الشمائل للترمذي» (2/238): (إنه أي ما دعاه المتصوفة من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته لو كان له حقيقة لكان يجب العمل بما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي وإثبات ونفي ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إجماعاً كما لا يجوز بما يقع حال المنام ولو كان الرائي من أكابر الأنام وقد صرح المازري وغيره بأن من رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية) انتهى كلام الملا علي قاري وفيه فائدة أخرى هي حكايته الإجماع على عدم جواز العمل بما يدعى من يزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أنه سمع منه أمر أو نهي أو إثبات أو نفي، وفي حكايته الإجماع على ذلك الرد على قول الزرقاني في «شرح المواهب اللدنية» (7/29) ما نصه: (لو رآه يقظة - أي بعد موته صلى الله عليه وسلم- وأمره بشيء وجب عليه العمل به لنفسه ولا يعد صحابياً وينبغي أن يجب على من صدقه العمل به قاله شيخنا). 9- قال الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله في كتابه « الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف » بعد ذكره لبعض أقوال الصوفية المخالفة للشريعة: ( فإن لم يكن هذا القول من أقوال أهل الجنون وإلا فلا جنون في الأكوان، وأعجب من هذا قول السيوطي: (أن من كرامة الولي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويجتمع به في اليقظة ويأخذ عنه ما قسم من مذاهب ومعارف). قال: (وممن نص على ذلك من أئمة الشافعية الغزالي والسبكي واليافعي، ومن المالكية القرطبي وابن أبي حمزة وابن الحاج في «المدخل»). قال: (وحكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً، فقال له الولي: هذا الحديث باطل. فقال له الفقيه: من أين لك هذا؟ قال: هذا النبي واقفٌ على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث. وكُشف للفقيه فرآه. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: لو حجب عني النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين)([2]). وهذا استدل به السيوطي على أن عيسى بن مريم إذا نزل من السماء آخر الزمان فإنه يأخذ علم شريعة النبي محمد عنه صلى الله عليه وسلم وهو في قبره([3]). وأما الخضر فقالوا: أخذ عن أبي حنيفة خمسة عشر سنة بعد موته، وفيه دلالة على بلادة الخضر عندهم وقلة فهمه حيث بقي هذه المدة يأخذ العلم. والحاصل: أن هذا كلام لا تجري به أقلام من لهم عقول فضلاً عمن يعرف آثاره من علم معقول أو منقول، وقد ثبت أن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق كانا يتمنيان لو سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسائل من علم الدين، وهذا أبو بكر يقول للجدة لما جاءت تطلب ميراثها من ابن ابنها أو ابن بنتها. ما أجد لك في الكتاب شيئاً ولا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً وسأسأل الناس العشية، فلما صلى الظهر أقبل على الناس فقال: أن الجدة أتتني تسألني ميراثها. إلى أن قال: فهل سمع أحدٌ منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً؟ فقام المغيرة بن شعبة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى لها بالسدس فقال: هل سمع ذلك معك أحد فقام محمد بن سلمة فقال: كقول المغيرة([4]). ومثله قصة عمر في الاستئذان([5]) ورجوعه إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في عدة وقائع([6])، وكم من مسائل اجتهد فيها الصحابة وهم في الحجرة النبوية وفي المدينة الطيبة. فكيف ساغ لهم الاجتهاد مع إمكان وجود النص وأخذه عن لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم . وكم وكم من قضايا حار فيها الصحابة فرجعوا إلى الرأي وبعضهم كان لا يعلم الحديث في القضية التي حار فيها حتى يرويها له بعض الصحابة، ولا حاجة إلى التطويل لذلك. فيا عجباه لعقول تقبل هذا الهذيان، ومن قوم يعدون أنفسهم من العلماء الأعيان... الخ ) . 10- قال الشيخ عبد الحي بن محمد اللكنوي - رحمه الله - في «الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (ص46): (ومنها - أي من القصص المختلقة الموضوعة - ما يذكرونه من أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بنفسه في مجالس وعظ مولده عند ذكر مولده وبنوا عليه القيام عند ذكر المولد تعظيماً وإكراماً. وهذا أيضا من الأباطيل لم يثبت ذلك بدليل، ومجرد الاحتمال والإمكان خارج عن حد البيان). 11- قال الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله - في «حكم الاحتفال بالمولد النبوي»: (بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعاتهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:}ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ{ ]المؤمنون:15- 16[، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر. وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر» عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة … الخ). 12- قال عبد الفتاح أبو غدة([7]) في تعليقه على «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» لعلي قاري - رحمه الله - (ص273): (ومن غريب ما وقفتُ عليه بصَدَدِ (التصحيح الكشفي) و(التضعيف الكشفي): ما أورده الشيخ إسماعيل العجلوني الدمشقي في مقدمة كتابه «كشف الخفاء ومزيل الإلباس»(1/9-10)، على سبيل الإقرار والاعتداد به! قال: (والحكم على الحديث بالوضع والصحة أو غيرهما، إنما بحسب الظاهرِ للمحدثين، باعتبار الإسناد أو غيره، لا باعتبار نفس الأمرِ والقطع، لجواز أن يكون الصحيح مثلاً باعتبار نظر المحدث: موضوعاً أو ضعيفاً في نفس الأمر، وبالعكس. نعم المتواتر مطلقاً قطعي النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتفاقاً. ومع كون الحديث يحتمل ذلك، فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين، ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين. وفي «الفتوحات المكية»! للشيخ الأكبر قدس سره الأنور!!، ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحاً من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعَلم وضعه، ويترك العمل به وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه. ورب حديثٍ ترِك العمل به لضعف طريقه، من أجل وضاع في رواته، يكون صحيحاً في نفس الأمر، لسماعِ المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى. قال عبد الفتاح - أبو غدة -: هذا ما نقله العجلوني وسكت عليه واعتمده! ولا يكاد ينقضي عجبي من صنيعه هذا! وهو المحدث الذي شرح «صحيح البخاري»، كيف استساغ قبول هذا الكلام الذي تهدر به علوم المحدثين، وقواعد الحديث والدين؟ و يصبح به أمر التصحيح والتضعيف من علماء الحديث شيئاً لا معنى له بالنسبة إلى من يقول: إنه مكاشَف أو يَرى نفسه أنه مكاشَف! ومتى كان لثبوت السنة المطهرة مصدران: النقل الصحيح من المحدثين والكشف من المكاشفين؟! فحذارِ أن تغتر بهذا، والله يتولاك ويرعاك) اهـ. * ثالثاً: الرد على الشبهات قال الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - حفظه الله - في «خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة» (ص207-218): (أكثر ما يستدل به هؤلاء: الحكايات، والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية، ومنهم من يستدل بحديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ولفظة: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» .]«كتاب التعبير»حديث رقم 6993 (12/383 مع «الفتح»[. والكلام على هذا الاستدلال من عدة أوجه سيأتي بيانها إن شاء الله. وأورد الآن بعض الحكايات التي يذكرونها إما في معرض الاحتجاج أو الاستشهاد أو الكرامات: قال الشعراني في«الطبقات الكبرى» (2/69): (قال أبو المواهب الشاذلي:رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي عن نفسه: لست بميت وإنما موتي تستري عمن لا يفقه عن الله؛ فها أنا أراه ويراني). وقال أيضاً في «الطبقات الكبرى» (2/67): (كان أبو المواهب كثير الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس يكذبوني في صحة رؤيتي لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها لا يموت إلا يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً. وهذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب). وقال أيضاً في المرجع السابق (2/70): (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن الحديث المشهور: «اذكروا الله حتى يقولوا مجنون». في «صحيح ابن حبان»: «أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون» فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ابن حبان في روايته وصدق راوي اذكروا الله، فإني قلتهما معاً، مرة قلت هذا ومرة قلت هذا). ويزعم بعض تلامذة خوجلي بن عبد الرحمن: (أن شيخهم يرى النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم أربعة عشرين مرة - الصواب:كل يوم أربعاً وعشرين مرة- والرؤيا يقظة). ]«طبقات ابن ضيف الله» (ص190)[. ويقول الشعراني: (وكان يقول- يعني أبا العباس الـمُرسي- لي أربعون سنة ما حُجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو حُجبت طرفة عين ما أعددن نفسي من جملة المسلمين). هذا هو حال طائفة من الغلاة الذين عبدوا الله على جهل وغرور فتلاعب بهم الشيطان أيما تلاعب، فإن ماتوا على تلك الحال ولم يتراجعوا عن ذلك المقال فليتبؤوا مقعدهم من النار على لسان المختار صلى الله عليه وسلم. وطائفة أخرى لها حظ من العلم في بعضه دخن، يستعمل ما آتاه الله من علم في نصرة الباطل وأهله من حيث يشعرون أو لا يشعرون. لما سُئل ابن حجر الهيتمي: (هل يمكن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه؟ فأجاب: نعم يمكن ذلك وصرح بأن ذلك من كرامات الأولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي والعفيف اليافعي من الشافعية، والقرطبي وابن أبي جمرة من المالكية. وحًكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً فقال له الولي: هذا الحديث باطل، قال: ومن أين لك هذا؟ قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث وكُشف للفقيه فرآه) ] «الفتاوى الحديثية» (ص217)[. وأعجب من تلك الحكاية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم للسيوطي في بيته يقظة لا مناماً وقراءة السيوطي للأحاديث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع. قال الشعراني في «الطبقات الصغرى» (ص28-29) : (أخبرني الشيخ سليمان الخضيري قال: بينا أنا جالس في الخضيرية على باب الإمام الشافعي رضي الله عنه إذ رأيت جماعة عليهم بياض وعلى رؤوسهم غمامة من نور، يقصدوني من ناحية الجبل. فلما قربوا مني فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقبلت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: امض معنا إلى الروضة. فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت الشيخ جلال الدين، فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل يده وسلم على أصحابه، ثم أدخله الدار، وجلس بين يديه. فصار الشيخ جلال الدين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأحاديث وهو صلى الله عليه وسلم يقول: هات يا شيخ السنة). وقال الشعراني أيضاً في المرجع السابق (ص30): (وكان رضي الله عنه - يعني السيوطي- يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقال لي يا شيخ الحديث. فقلت: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ فقال: نعم. فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك ذلك). ألا يعلم الهيتمي وهو على معرفة بعلوم الحديث، بل وله فتاوى حديثية في ذلك والسيوطي - والعهدة على الشعراني- وله ألفية في علوم الحديث وله عليها شرح كبير أن تلك الحكايات والادعاءات لا يجوز الاحتجاج ولا الاستشهاد بها في شيء من أمور الدين. بل هي باطلة ومن أبين الأدلة على بطلانها سؤال الولي والسيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً . فلو كان مثل هذا السؤال ممكناً لما أفنى علماء الحديث أعمارهم في التمييز بين الصحيح والضعيف، ولكان تأليف الدواوين الضخمة في أحوال الرجال نوعاً من العبث وتضييعاً للأوقات، ولاستغنوا عن ذلك بسؤاله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن صحة الأحاديث وضعفها كما فعل السيوطي شيخ السنة !! بل ما كان للهيتمي وصنوه السبكي ومن نحا نحوهم أن يتكلفوا التأليف في مسائل الزيارة والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسودوا صفحات كتبهم بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، وكان الأولى لهم أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل التي نازعهم فيهم خصومهم كما فعل السيوطي شيخ السنة !!! أم أنه لا يوجد أولياء لله في ذلك الوقت؟! إنهم يعرفون ولكنهم قوم يُحرَّفون. وبعد هذا النزر اليسير من الحكايات والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية في دعوى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه، وكل حكاية تتضمن تكذيب تلك الدعوى، ننتقل إلى الرواية التي استدلوا بها. وهذا سندها ومتنها: قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» ] «البخاري» (كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[. والكلام على الاستدلال بهذه الرواية من عدة أوجه: الوجه الأول: من حيث مخالفتها لروايات أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه: جاء هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق، أربعة منها تخالف تلك الرواية، وتفصيلها على النحو التالي: الطريق الأولى: عن أبي صالح ذكوان السمان(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ومن رآني في المنام فقد رآني ولا يتمثل الشيطان في صورتي». ]رواه البخاري في «صحيحه» كتاب الأدب، حديث رقم 6197، مع «الفتح»، وأحمد (1/400)، (2/463)[. الطريق الثاني: عن محمد بن سيرين([8]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي».]رواه مسلم في «صحيحه» (15/24) مع «شرح النووي»، وأحمد (2/411)، (2/472)[. الطريق الثالث: عن العلاء بن عبد الرحمن([9]) عن أبيه([10]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه ابن ماجه (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3901[. الطريق الرابع: عن عاصم بن كليب([11]) عن أبيه([12]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه أحمد (2/232، 342)[. الطريق الخامس: عن أبي سلمة([13]) بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة. ورواه عن أبي سلمة اثنان: 1- محمد([14]) بن عمرو بن علقمة الليثي. ولفظه: «من رآني في المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتشبه بي» كلفظ الجماعة.]رواه أحمد (2/261)[. ب- محمد([15]) بن شهاب الزهري، واختُلف على الزهري في لفظ الحديث: - فرواه محمد([16]) بن عبد الله بن مسلم بن شهاب عنه بلفظ الشك: «من رآني في المنام فسيراني أو فكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي».]رواه أحمد (5/306)[. وتابعه سلامة بن عقيل على الرواية بالشك.]الخطيب «تاريخ بغداد»(10/284)[. ورواه يونس([17]) بن يزيد عن الزهري، واختُلف على يونس في لفظ الحديث كذلك. - فرواه عبد الله([18]) بن وهب عن يونس بالشك كما رواه ابن أخي ابن شهاب وسلامة بن عقيل عن الزهري باللفظ السابق.]رواه مسلم (كتاب الرؤيا) (15/24 مع «شرح النووي »)، وأبو داود (4/444-445)[. - ورواه أنس بن عياض([19]) عن يونس بلفظ: « من رآني في المنام فقد رأى الحق» كلفظ الجماعة.]رواه ابن حبان (7/617)[. - ورواه عبد الله([20]) بن المبارك عن يونس باللفظ المخالف لكل الطرق السابقة عن أبي هريرة: « من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» ] «البخاري»(كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[. ولم يقتصر هذا اللفظ للرواية على مخالفة الطرق الأخرى لأصحاب أبي هريرة رضي الله عنه، بل خالف جميع الألفاظ التي وردت عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن روى هذا الحديث. الوجه الثاني: من حيث مخالفتها لروايات الصحابة الآخرين: روى حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جمع من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بألفاظ متقاربة ومعان متوافقة، وتفصيل ذلك على النحو التالي: اللفظ الأول:رواه أنس بن مالك([21]) وجابر بن عبد الله([22])، وأبو سعيد الخدري([23])، وابن عباس([24])وابن مسعود([25])، وأبو جحيفة([26]) y مرفوعاً:« من رآني في المنام فقد رآني». اللفظ الثاني: رواه أبو قتادة([27]) وأبو سعيد الخدري([28]) رضي الله عنهما مرفوعاً: «من رآني فقد رأى الحق». اللفظ الثالث: رواه جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في النوم فقد رآني ».] «صحيح مسلم» (كتاب الرؤيا) (15/26) مع شرح النووي)[. فظهر من هذين الوجهين أن الرواية التي استدل بها القوم جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، بل جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لهذا الاختلاف ولكون الرواية في «صحيح البخاري» أخذ أهل العلم يتأولون معناها ويذكرون لها أجوبة لتتوافق مع روايات الجمهور. الوجه الثالث: أجوبة العلماء عن ذلك اللفظ المشكل: ذكر ابن حجر في «فتح الباري» (12/385) ملخصاً لتلك الأجوبة بقوله: (وحاصل تلك الأجوبة ستة: - أحدها: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الأخرى: «فكأنما رآني في اليقظة». - ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير. - ثالثها: أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه. - رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكن ذلك، وهذا من أبعد المحامل. - خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية لا مطلق من يراه. - سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقة ويُخاطبه، وفيه ما تقدم من الإشكال. الوجه الرابع: ما يرد على القوم من الإشكال على المعنى الذي قالوا به: والإشكال الذي أشار إليه ابن حجر رحمه الله ذكره بعد قوله: (ونُقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قلت - أي ابن حجر- : وهذا مشكل جداً ولو حُمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويُعَكَّرُ عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يُذكر عن واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف. وقد أشتد إنكار القرطبي([29]) على من قال: من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة). ]«فتح الباري»(12/385)[. والإنكار الذي أشار إليه ابن حجر هو قول القرطبي: (اختلف في معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء، وهذا قول يُدرك فساده بأوائل العقول، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى من قبره فيه شيء، فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يُرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل). وممن أنكر على القوم رؤيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة القاضي أبوبكر بن العربي([30]) قال كما في «فتح الباري» (12/384) : (وشذ بعض القدرية فقال: الرؤية لا حقيقة لها أصلاً وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس). الوجه الخامس: اضطراب مقالات القوم في كيفية الرؤية: فلما اشتد الإنكار على هؤلاء القائلين برؤيته صلى الله عليه وسلم في الدنيا بعد وفاته يقظة لا مناماً، اضطربت مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا فمنهم من أخذته العزة بالإثم فنفى الموت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية وزعم أن موته صلى الله عليه وسلم هو تستره عمن لا يفقه عن الله. - ومنهم من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه ويسير حيث شاء في أقطار الأرض في الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته. ]عمر الفوتي «رماح حزب الرحيم» (1/210) بهامش «جواهر المعاني»[. - ومنهم من زعم أن له صلى الله عليه وسلم مقدرة على التشكل والظهور في صور مشايخ الصوفية. ]عبد الكريم الجيلي «الإنسان الكامل»(2/74-75)[. وفريق لان بعض الشيء: - فمنهم من زعم أن المراد برؤيته كذلك يقظة القلب لا يقظة الحواس الجسمانية. ]الشعراني «الطبقات الكبرى» نقلاً عن محمد المغربي الشاذلي[. - ومنهم من قال إن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون في حالة بين النائم واليقظان.]الشعراني «الطبقات الصغرى» (ص89)[. - ومنهم من قال إن الذي يُرى هي روحه صلى الله عليه وسلم .]محمد علوي المالكي «الذخائر المحمدية» (ص259)، «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات» لفؤاد الفرشوطي (ص25)[. وعليه فبعد أن ظهر تفرد تلك الرواية التي استدل بها القوم عن روايات الجمهور، وتلك الاحتمالات التي تأولها أهل العلم في المراد بمعناها، وتلك الإشكالات والإنكارات التي وردت على المعنى الذي قصده القوم، واضطراب مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا، بكل ذلك يسقط استدلالهم بها، والقاعدة المشهورة في ذلك: إذا ورد على الدليل الاحتمال بطل به الاستدلال) انتهى كلام الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - جزاه الله خيراً-. كما رد الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي»(2/39-52) على من يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بقوله: ( أما رواية: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» لابد من إلقاء ضوء كاشف على الحديث رواية ودراية حتى نعرف قدر هذا اللفظ الذي استدل به أولئك على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة: 1- أما الحديث فقد رواه اثنا عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يزيد، مما يدل على شيوعه واستفاضته. 2- أن ثمانية من أئمة الحديث المصنفين اهتموا بهذا الحديث فأخرجوه في كتبهم مما يؤكد اهتمامهم به وفهمهم لمدلوله. ومع ذلك لم يبوب له أحد منهم بقوله مثلاً: باب في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ولو فهموا منه ذلك لبوبوا به أو بعضهم على الأقل؛ لأنه أعظم من كل ما ترجموا به تلك الأبواب. 3- أن المواضع التي أخرجوا فيها هذا الحديث بلغ (44) موضعاً، ومع كثرة هذه المواضع لم يرد في أي موضع لفظ « فسيراني في اليقظة» بالجزم إلا في إحدى روايات البخاري عن أبي هريرة. أما بقية الروايات فألفاظها: «فقد رآني» أو «فقد رأى الحق» أو « فكأنما رآني في اليقظة» أو «فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة» بالشك. وبالنظر في ألفاظ الحديث ورواياته نجد ملاحظات على لفظ «فسيراني في اليقظة» لا ريب أنها تقلل من قيمة الاستدلال بها وهذه الملاحظات هي: أولاً: أن البخاري أخرج الحديث في ستة مواضع من صحيحه: ثلاثة منها من حديث أبي هريرة، وليس فيها لفظ «فسيراني في اليقظة» إلا في موضع واحد. ثانياً: أن كلا من مسلم (حديث رقم 2266)، وأبي داود (حديث رقم 5023)، وأحمد (5/306)، أخرجوا الحديث بإسناد البخاري الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ «فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة» وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ «فكأنما رآني» أو «فقد رآني» لأن كلا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي. وعند الترجيح ينبغي تقديم رواية الجزم على رواية الشك. ثالثاً: إذا علمنا أنه لم يرد عند مسلم ولا عند أبي داود غير رواية الشك أدركنا مدى تدليس السيوطي حين قال في «تنوير الحلك»: (وتمسكت بالحديث الصحيح الوارد في ذلك: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي ») فأوهم أن مسلماً وأبا داود أخرجا الحديث برواية الجزم، وأغفل جميع روايات البخاري الأخرى التي خلت من هذا اللفظ. رابعاً: ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» (12/400) أنه وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة «فقد رآني في اليقظة» بدل قوله: «فسيراني». وهذه الأمور مجتمعة تفيد شذوذ هذا اللفظ، ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى ذلك ضمناً حين قال: (وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع - يعني الرؤية- بعيني الرأس حقيقة). ونقل عن المازري قوله: (إن كان المحفوظ «فكأنما رآني في اليقظة» فمعناه ظاهر). هذا ما يتعلق بالحديث رواية، وإن تعجب فعجب استدلال هؤلاء بهذا اللفظ الشاذ على تقرير إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مع اتفاقهم على: أن حديث الآحاد لا يحتج به في العقيدة. أما ما يتعلق به دراية فنقول: لو فرضنا أن هذا اللفظ «فسيراني» هو المحفوظ فإن العلماء المحققين لم يحملوه على المعنى الذي حمله عليه الصوفية. قال النووي في شرحه (15/26): (فيه أقوال: أحدها: أن يراد به أهل عصره، ومعناه: أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً. وثانيها: أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة؛ لأنه يراه في الآخرة جميع أمته. وثالثها: أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ونحو ذلك). ونقل الحافظ ابن حجر هذه الأقوال بعدما ذكر القول بحمله على الرؤية بالعين المجردة وحكم على القائلين به بالشذوذ. وجملة القول أن إدعاء إمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مذهب ضعيف مرجوح وذلك من وجوه: الوجه الأول: اختلاف القائلين به في المقصود بالرؤية، وهل هي رؤية لذاته صلى الله عليه وسلم على الحقيقة، أو رؤية لمثال لها، نقله السيوطي في «تنوير الحلك» ضمن «الحاوي للفتاوى» (2/263). ثم قال: (الذين رأيتهم من أرباب الأحوال يقولون بالثاني، وبه صرح الغزالي فقال: ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل يرى مثالاً له). ثم نقل عن ابن العربي واستحسن قوله: (رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال) ثم قال السيوطي: (ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا وأذن لهم بالخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي)!!. أقول: إذا كان أرباب الأحوال الذين رآهم السيوطي - على كثرتهم - يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى بروحه وجسمه بل يرى مثال له فقط، فكيف يدافع السيوطي عنهم ويخالفهم في الوقت نفسه؟ الوجه الثاني: أنهم اختلفوا أيضاً هل هذه الرؤية تكون بالقلب أو بالبصر؟ أشار السيوطي إلى ذلك ثم اضطرب اضطراياً شديداً حين قال في نفس المصدر: (أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر) فإلى هنا يبدو أنه قصد الجمع بين القولين، ثم قال: (لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني …). الوجه الثالث: أن بعض كبار الصوفية ينفي وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة. فيقول أبو القاسم القشيري في«الرسالة القشيرية» (باب رؤيا القوم) (ص368): (وقال بعضهم: في النوم معان ليست في اليقظة، منها: أنه يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الماضين في النوم ولا يراهم في اليقظة) اهـ. وقد يقول قائل: إن هذا نقله القشيري عن بعضهم ولا ندري هل هم من الصوفية أو من غيرهم؟ والجواب: أ- أن القشيري نفسه من كبار الصوفية وقد نقل العبارة وأقرها. ب- أنه لا ينقل في رسالته مثل هذا الكلام إلا عن الصوفية، حيث ذكر في مقدمة كتابه أنه إنما يذكر سير شيوخ التصوف وآدابهم ... وما أشاروا إليه من مواجيدهم، وأكده في الخاتمة. الوجه الرابع: أن هذه العقيدة مخالفة لإجماع أهل السنة والجماعة وهي خاصة بأهل البدعة، قال ابن حزم في «مراتب الإجماع»(ص176): (واتفقوا أن محمداً عليه السلام وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع جميع الناس). الوجه الخامس: أنه يلزم من القول بإمكان رؤيته في اليقظة ووقوعها لوازم باطلة قد ذكرتها أثناء نقل أقوال أهل العلم في هذا الموضوع. وأخيراً: نقل السيوطي عن بعض أهل العلم احتجاجه على حياة الأنبياء بأن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم ليلة الإسراء في بيت المقدس. ومقصده أن ما دام هذا ممكناً في حق النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيمكن أن يكون جائزاً في حق أولياء أمته معه، فيرونه في اليقظة. والجواب على هذه الشبهة أن يقال: أولاً: ليس النزاع في حياة الأنبياء في قبورهم ولا في اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بهم ليلة الإسراء ولا صلاته بهم إماماً، فإن ذلك كله ثابت رواية، فيجب على جميع المؤمنين التصديق به. ثانياً: أن مما يجب أن يعلم أن حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية لا نعلم كيف هي، وحكمها كحكم غيرها من المغيبات، نؤمن بها ولا نشتغل بكيفيتها، ولكننا نجزم بأنها مخالفة لحياتنا الدنيا. ثالثاً: أن الذي أخبرنا بأنه اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء هو الصادق المصدوق الذي يجب على كل مؤمن أن يصدقه في كل ما أخبر به من المغيبات دقيقها وجليلها، ولذا آمنا بما أخبرنا به واعتقدناه عقيدة لا يتطرق إليها شك إن شاء الله تعالى. أما من جاءنا بخبر وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فمجموعة من الدراويش خالفت الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فلم يجز - ولا أقول فلم يجب - أن نصدقهم في دعواهم تلك. بل وجب على كل موحد ذاب عن حمى التوحيد أن يردها بما استطاع لأنه باب يؤدي فتحه إلى ضلال عظيم وخراب للأديان والعقول ويفتح باب التشريع من جديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والله أعلم) . انتهى كلام الشيخ محمد أحمد لوح جزاه الله خيراً بتصرف. ولمزيد من الفائدة انظر كتاب «المصادر العامة للتلقي عند الصوفية عرضاً ونقداً» للشيخ صادق سليم صادق (ص405-430) وكتاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» للشيخ محمد أحمد لوح (2/36-52)، وكتاب «خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء» تأليف الصادق بن محمد بن إبراهيم، وكتاب «رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً ضوابطها وشروطها » للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أخوكم/ أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي )
أحمد ميرغني أحمد التجاني من يقول بأن يرى الرسول صلى الله عليه وسلم في اليقظة فقد كفر بما أنزل الله على رسول الله صلى لا يمكن أن يرجع أحدا إلى الأرض أو يخرج من قبره إلى يوم القيامة
من الأدلة على عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم ولم يظهر لهم، نذكر منها: - انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبيصلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم. - اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة » رواه البخاري وغيره. - الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟ - الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء. - النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم. - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يُظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه.فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا) اهـ .
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والرد على المدعو الهوساوي إن هذه التي يسميها أدلة هي في الحقيقة شيء واحد يتكرر في صور مختلفة وهى كون الخلاف قد وقع بين الصحابة ولم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة ليحل لهم إشكالهم ويرفع الخلاف فجعل (الهوساوي ) المنكر ينوع في قصص الخلاف ويجعل كل قصة دليل قانماً بنفسه فأعطى بذلك الدليل (لمن يطلب الدليل ) . يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق) ان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم حق لا شك فيه وحديثها متواتر وخصومنا يقرون بذلك فلنا أن نسألهم لماذا لم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم ويحل لهم إشكالهم ويرفع خلافهم ولنا أن نفعل كفعلهم فننوع صور الخلاف ونجعل كل نوع دليل قائماً بنفسه فنقول : الدليل الأول ، الدليل الثاني ، الدليل الثالث ، الدليل الرابع ، الدليل الخامس فإنه إذا بطلت رؤية ليقظة بمثل هذه الأدلة بطلت أيضاً روية المنام بمثل هذه الأدلة ولا فرق وإذا بلغ النقاش إلى هذا الحد سقط الكلام مع هؤلاء المنكرين فإن قالوا : إن رؤيا المنام ليست من مصادر التشريع ويجب عرضها على الشريعة قلنا : وكذلك رؤية اليقظة فأين تذهبون ؟! ويقال لهم أيضاً : ألستم تعلمون أن الإلهام الحق هو مما يكرم الله تعالى به أولياءه ؟ فإن قال لكم قائل : لماذا لم يحصل الإلهام للصحابة المختلفين في سقيفة بني ساعدة وفي معركة الجمل وفي معركة صفين وفي معركة النهروان ولا حصل لأبي بكر الصديق وفاطمة ( الأدلة الخمس )... لماذا لم يلهموا الحق أليسوا هم أولى من أن يلهم فلان أو فلان بأوراد وأعداد ؟! ألم يكونوا محتاجين إلى معرفة الحق الذي لا ريب فيه وقد سالت الدماء واعتركت الجيوش وقتل من قتل ؟!!! فهل تجعلون الإلهام باطل ... كما جعلتم رؤية اليقظة باطلة تأسيساً على الأدلة الخمس فيكون الإلهام باطل ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم باطلة ورؤيته في اليقظة باطلة ؟!! رحم الله امرأ قال خيراً فغنم ... أو سكت فسلم .
جمع: أبي معاذ السلفي المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: ( لقد تجرأ بعض الصوفية في ادعاء خروج النبي صلى الله عليه وسلم من قبره ورؤية مشايخ القوم له يقظة لا مناماً في الحياة الدنيا والتلقي منه، على اختلاف بينهم في كيفية هذه الرؤية كما سيأتي إن شاء الله بيانه ضمن هذا المبحث، فممن قال بذلك منهم: ابن حجر الهيتمي في «الفتاوى الحديثية» (ص217) والسيوطي في «تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم والملك» ضمن «الحاوي للفتاوي» (2/255)، وأبو المواهب الشاذلي كما في «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/69)، والشعراني كما في «الطبقات الصغرى» (ص89)، وأحمد التيجاني وخلفاؤه كما في «رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم» (1/210)، ومن المتأخرين: خوجلي بن عبد الرحمن بن إبراهيم كما في «طبقات ابن ضيف الله» (ص190)، ومحمد بن علوي المالكي في «الذخائر المحمدية» (ص259)، ومحمد فؤاد الفرشوطي في «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات المحمدية للسادة الصوفية» (ص25))([1]) ؛ و علي الجفري الملقب بـ ( زين العابدين ) !! فقد تحدث عن هذه المسألة في عدة مجالس مسجلة بصوته، وممن يقول بها كذلك مفتي مصر الحالي علي جمعة؛ بل قد زعم - علي جمعة - بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة!! وقوله هذا مسجل بصوته والله المستعان. وفيما يلي أنقل ردوداً لبعض أهل العلم على هذه الدعوى وأسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم؛ وأن ينفع به ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي ) * أولاً: ذكر بعض الأدلة التي تثبت عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة قال الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» (2/47-49) باختصار: ( من الأدلة على عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم ولم يظهر لهم، نذكر منها: - انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبيصلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم. - اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة » رواه البخاري وغيره. - الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟ - الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء. - النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم. - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يُظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه.فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا) اهـ . * ثانياً: أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة إليك أخي القارئ الكريم أقوال بعض أهل العلم في هذه المسالة؛ وأغلب هذه النقول من كتاب «القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل» للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله: 1 - قال القاضي أبو بكر بن العربي نقلاً من «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني (12/384): (شذ بعض الصالحين فزعم أنها - أي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته - تقع بعيني الرأس حقيقة). 2 - الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في «المفهم لشرح صحيح مسلم» ذكر هذا القول وتعقبه بقوله: (وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده ولا يبقى من قبره فيه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره. وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل) وإلى كلام القرطبي هذا أشار الحافظ ابن حجر في «الفتح» بذكره اشتداد إنكار القرطبي على من قال: (من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة). 3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته «العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية»: (منهم من يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه وجعلوا هذا من كراماته ومنهم من يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه. وبعضهم كان يحكي أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك: ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم، وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثها فهلا سألته فأجابها؟). وحكاية ابن منده التي أشار إليها ابن تيمية رحمه الله في هذا الكلام ذكرها الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (17/37-38) في ترجمة أبى عبد الله محمد بن أبى يعقوب إسحاق بن الحافظ أبى عبد الله محمد بن يحي بن منده وقال الذهبي فيها: (هذه حكاية نكتبها للتعجب). وقال في إسنادها: (إسنادها منقطع) اهـ. 4 - قال الحافظ الذهبي في ترجمة الربيع بن محمود المارديني في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»: (دجال مفتر ادعى الصحبة والتعمير في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكان قد سمع من ابن عساكر عام بضع وستين). يعني الحافظ الذهبي بالصحبة التي ادعاها الربيع ما جاء عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو بالمدينة الشريفة فقال له: أفلحت دنيا وأخرى، فادعى بعد أن استيقظ أنه سمعه وهو يقول ذلك. ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 513). 5- الحافظ ابن كثير ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن محمد أبى الفتح الطوسي الغزالي في «البداية والنهاية» (12/196) أن ابن الجوزي أورد أشياء منكرة من كلامه منها أنه - أي أبا الفتح الطوسي - كان كلما أشكل عليه شيء رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة فسأله عن ذلك فدله على الصواب، وأقر ابن كثير ابن الجوزي على عد هذا من منكرات أبى الفتح الطوسي، وابن الجوزي ذكر هذا في كتابه «القصاص والمذكرين» (ص156). 6- ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري» (12/385) أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله: (وهذا مشكل جداً ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف). 7- قال السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته: (لم يصل إلينا ذلك - أي ادعاء وقوعها - عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمداً بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه) نقل ذلك القسطلاني في «المواهب اللدنية» (5/295) عن السخاوي. 8- قال ملا علي قاري في «جمع الوسائل شرح الشمائل للترمذي» (2/238): (إنه أي ما دعاه المتصوفة من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته لو كان له حقيقة لكان يجب العمل بما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي وإثبات ونفي ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إجماعاً كما لا يجوز بما يقع حال المنام ولو كان الرائي من أكابر الأنام وقد صرح المازري وغيره بأن من رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية) انتهى كلام الملا علي قاري وفيه فائدة أخرى هي حكايته الإجماع على عدم جواز العمل بما يدعى من يزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أنه سمع منه أمر أو نهي أو إثبات أو نفي، وفي حكايته الإجماع على ذلك الرد على قول الزرقاني في «شرح المواهب اللدنية» (7/29) ما نصه: (لو رآه يقظة - أي بعد موته صلى الله عليه وسلم- وأمره بشيء وجب عليه العمل به لنفسه ولا يعد صحابياً وينبغي أن يجب على من صدقه العمل به قاله شيخنا). 9- قال الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله في كتابه « الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف » بعد ذكره لبعض أقوال الصوفية المخالفة للشريعة: ( فإن لم يكن هذا القول من أقوال أهل الجنون وإلا فلا جنون في الأكوان، وأعجب من هذا قول السيوطي: (أن من كرامة الولي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويجتمع به في اليقظة ويأخذ عنه ما قسم من مذاهب ومعارف). قال: (وممن نص على ذلك من أئمة الشافعية الغزالي والسبكي واليافعي، ومن المالكية القرطبي وابن أبي حمزة وابن الحاج في «المدخل»). قال: (وحكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً، فقال له الولي: هذا الحديث باطل. فقال له الفقيه: من أين لك هذا؟ قال: هذا النبي واقفٌ على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث. وكُشف للفقيه فرآه. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: لو حجب عني النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين)([2]). وهذا استدل به السيوطي على أن عيسى بن مريم إذا نزل من السماء آخر الزمان فإنه يأخذ علم شريعة النبي محمد عنه صلى الله عليه وسلم وهو في قبره([3]). وأما الخضر فقالوا: أخذ عن أبي حنيفة خمسة عشر سنة بعد موته، وفيه دلالة على بلادة الخضر عندهم وقلة فهمه حيث بقي هذه المدة يأخذ العلم. والحاصل: أن هذا كلام لا تجري به أقلام من لهم عقول فضلاً عمن يعرف آثاره من علم معقول أو منقول، وقد ثبت أن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق كانا يتمنيان لو سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسائل من علم الدين، وهذا أبو بكر يقول للجدة لما جاءت تطلب ميراثها من ابن ابنها أو ابن بنتها. ما أجد لك في الكتاب شيئاً ولا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً وسأسأل الناس العشية، فلما صلى الظهر أقبل على الناس فقال: أن الجدة أتتني تسألني ميراثها. إلى أن قال: فهل سمع أحدٌ منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً؟ فقام المغيرة بن شعبة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى لها بالسدس فقال: هل سمع ذلك معك أحد فقام محمد بن سلمة فقال: كقول المغيرة([4]). ومثله قصة عمر في الاستئذان([5]) ورجوعه إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في عدة وقائع([6])، وكم من مسائل اجتهد فيها الصحابة وهم في الحجرة النبوية وفي المدينة الطيبة. فكيف ساغ لهم الاجتهاد مع إمكان وجود النص وأخذه عن لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم . وكم وكم من قضايا حار فيها الصحابة فرجعوا إلى الرأي وبعضهم كان لا يعلم الحديث في القضية التي حار فيها حتى يرويها له بعض الصحابة، ولا حاجة إلى التطويل لذلك. فيا عجباه لعقول تقبل هذا الهذيان، ومن قوم يعدون أنفسهم من العلماء الأعيان... الخ ) . 10- قال الشيخ عبد الحي بن محمد اللكنوي - رحمه الله - في «الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (ص46): (ومنها - أي من القصص المختلقة الموضوعة - ما يذكرونه من أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بنفسه في مجالس وعظ مولده عند ذكر مولده وبنوا عليه القيام عند ذكر المولد تعظيماً وإكراماً. وهذا أيضا من الأباطيل لم يثبت ذلك بدليل، ومجرد الاحتمال والإمكان خارج عن حد البيان). 11- قال الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله - في «حكم الاحتفال بالمولد النبوي»: (بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعاتهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:}ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ{ ]المؤمنون:15- 16[، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر. وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر» عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة … الخ). 12- قال عبد الفتاح أبو غدة([7]) في تعليقه على «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» لعلي قاري - رحمه الله - (ص273): (ومن غريب ما وقفتُ عليه بصَدَدِ (التصحيح الكشفي) و(التضعيف الكشفي): ما أورده الشيخ إسماعيل العجلوني الدمشقي في مقدمة كتابه «كشف الخفاء ومزيل الإلباس»(1/9-10)، على سبيل الإقرار والاعتداد به! قال: (والحكم على الحديث بالوضع والصحة أو غيرهما، إنما بحسب الظاهرِ للمحدثين، باعتبار الإسناد أو غيره، لا باعتبار نفس الأمرِ والقطع، لجواز أن يكون الصحيح مثلاً باعتبار نظر المحدث: موضوعاً أو ضعيفاً في نفس الأمر، وبالعكس. نعم المتواتر مطلقاً قطعي النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتفاقاً. ومع كون الحديث يحتمل ذلك، فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين، ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين. وفي «الفتوحات المكية»! للشيخ الأكبر قدس سره الأنور!!، ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحاً من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعَلم وضعه، ويترك العمل به وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه. ورب حديثٍ ترِك العمل به لضعف طريقه، من أجل وضاع في رواته، يكون صحيحاً في نفس الأمر، لسماعِ المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى. قال عبد الفتاح - أبو غدة -: هذا ما نقله العجلوني وسكت عليه واعتمده! ولا يكاد ينقضي عجبي من صنيعه هذا! وهو المحدث الذي شرح «صحيح البخاري»، كيف استساغ قبول هذا الكلام الذي تهدر به علوم المحدثين، وقواعد الحديث والدين؟ و يصبح به أمر التصحيح والتضعيف من علماء الحديث شيئاً لا معنى له بالنسبة إلى من يقول: إنه مكاشَف أو يَرى نفسه أنه مكاشَف! ومتى كان لثبوت السنة المطهرة مصدران: النقل الصحيح من المحدثين والكشف من المكاشفين؟! فحذارِ أن تغتر بهذا، والله يتولاك ويرعاك) اهـ. * ثالثاً: الرد على الشبهات قال الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - حفظه الله - في «خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة» (ص207-218): (أكثر ما يستدل به هؤلاء: الحكايات، والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية، ومنهم من يستدل بحديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ولفظة: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» .]«كتاب التعبير»حديث رقم 6993 (12/383 مع «الفتح»[. والكلام على هذا الاستدلال من عدة أوجه سيأتي بيانها إن شاء الله. وأورد الآن بعض الحكايات التي يذكرونها إما في معرض الاحتجاج أو الاستشهاد أو الكرامات: قال الشعراني في«الطبقات الكبرى» (2/69): (قال أبو المواهب الشاذلي:رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي عن نفسه: لست بميت وإنما موتي تستري عمن لا يفقه عن الله؛ فها أنا أراه ويراني). وقال أيضاً في «الطبقات الكبرى» (2/67): (كان أبو المواهب كثير الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس يكذبوني في صحة رؤيتي لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها لا يموت إلا يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً. وهذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب). وقال أيضاً في المرجع السابق (2/70): (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن الحديث المشهور: «اذكروا الله حتى يقولوا مجنون». في «صحيح ابن حبان»: «أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون» فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ابن حبان في روايته وصدق راوي اذكروا الله، فإني قلتهما معاً، مرة قلت هذا ومرة قلت هذا). ويزعم بعض تلامذة خوجلي بن عبد الرحمن: (أن شيخهم يرى النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم أربعة عشرين مرة - الصواب:كل يوم أربعاً وعشرين مرة- والرؤيا يقظة). ]«طبقات ابن ضيف الله» (ص190)[. ويقول الشعراني: (وكان يقول- يعني أبا العباس الـمُرسي- لي أربعون سنة ما حُجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو حُجبت طرفة عين ما أعددن نفسي من جملة المسلمين). هذا هو حال طائفة من الغلاة الذين عبدوا الله على جهل وغرور فتلاعب بهم الشيطان أيما تلاعب، فإن ماتوا على تلك الحال ولم يتراجعوا عن ذلك المقال فليتبؤوا مقعدهم من النار على لسان المختار صلى الله عليه وسلم. وطائفة أخرى لها حظ من العلم في بعضه دخن، يستعمل ما آتاه الله من علم في نصرة الباطل وأهله من حيث يشعرون أو لا يشعرون. لما سُئل ابن حجر الهيتمي: (هل يمكن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه؟ فأجاب: نعم يمكن ذلك وصرح بأن ذلك من كرامات الأولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي والعفيف اليافعي من الشافعية، والقرطبي وابن أبي جمرة من المالكية. وحًكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً فقال له الولي: هذا الحديث باطل، قال: ومن أين لك هذا؟ قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث وكُشف للفقيه فرآه) ] «الفتاوى الحديثية» (ص217)[. وأعجب من تلك الحكاية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم للسيوطي في بيته يقظة لا مناماً وقراءة السيوطي للأحاديث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع. قال الشعراني في «الطبقات الصغرى» (ص28-29) : (أخبرني الشيخ سليمان الخضيري قال: بينا أنا جالس في الخضيرية على باب الإمام الشافعي رضي الله عنه إذ رأيت جماعة عليهم بياض وعلى رؤوسهم غمامة من نور، يقصدوني من ناحية الجبل. فلما قربوا مني فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقبلت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: امض معنا إلى الروضة. فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت الشيخ جلال الدين، فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل يده وسلم على أصحابه، ثم أدخله الدار، وجلس بين يديه. فصار الشيخ جلال الدين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأحاديث وهو صلى الله عليه وسلم يقول: هات يا شيخ السنة). وقال الشعراني أيضاً في المرجع السابق (ص30): (وكان رضي الله عنه - يعني السيوطي- يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقال لي يا شيخ الحديث. فقلت: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ فقال: نعم. فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك ذلك). ألا يعلم الهيتمي وهو على معرفة بعلوم الحديث، بل وله فتاوى حديثية في ذلك والسيوطي - والعهدة على الشعراني- وله ألفية في علوم الحديث وله عليها شرح كبير أن تلك الحكايات والادعاءات لا يجوز الاحتجاج ولا الاستشهاد بها في شيء من أمور الدين. بل هي باطلة ومن أبين الأدلة على بطلانها سؤال الولي والسيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً . فلو كان مثل هذا السؤال ممكناً لما أفنى علماء الحديث أعمارهم في التمييز بين الصحيح والضعيف، ولكان تأليف الدواوين الضخمة في أحوال الرجال نوعاً من العبث وتضييعاً للأوقات، ولاستغنوا عن ذلك بسؤاله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن صحة الأحاديث وضعفها كما فعل السيوطي شيخ السنة !! بل ما كان للهيتمي وصنوه السبكي ومن نحا نحوهم أن يتكلفوا التأليف في مسائل الزيارة والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسودوا صفحات كتبهم بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، وكان الأولى لهم أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل التي نازعهم فيهم خصومهم كما فعل السيوطي شيخ السنة !!! أم أنه لا يوجد أولياء لله في ذلك الوقت؟! إنهم يعرفون ولكنهم قوم يُحرَّفون. وبعد هذا النزر اليسير من الحكايات والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية في دعوى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه، وكل حكاية تتضمن تكذيب تلك الدعوى، ننتقل إلى الرواية التي استدلوا بها. وهذا سندها ومتنها: قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» ] «البخاري» (كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[. والكلام على الاستدلال بهذه الرواية من عدة أوجه: الوجه الأول: من حيث مخالفتها لروايات أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه: جاء هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق، أربعة منها تخالف تلك الرواية، وتفصيلها على النحو التالي: الطريق الأولى: عن أبي صالح ذكوان السمان(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ومن رآني في المنام فقد رآني ولا يتمثل الشيطان في صورتي». ]رواه البخاري في «صحيحه» كتاب الأدب، حديث رقم 6197، مع «الفتح»، وأحمد (1/400)، (2/463)[. الطريق الثاني: عن محمد بن سيرين([8]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي».]رواه مسلم في «صحيحه» (15/24) مع «شرح النووي»، وأحمد (2/411)، (2/472)[. الطريق الثالث: عن العلاء بن عبد الرحمن([9]) عن أبيه([10]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه ابن ماجه (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3901[. الطريق الرابع: عن عاصم بن كليب([11]) عن أبيه([12]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه أحمد (2/232، 342)[. الطريق الخامس: عن أبي سلمة([13]) بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة. ورواه عن أبي سلمة اثنان: 1- محمد([14]) بن عمرو بن علقمة الليثي. ولفظه: «من رآني في المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتشبه بي» كلفظ الجماعة.]رواه أحمد (2/261)[. ب- محمد([15]) بن شهاب الزهري، واختُلف على الزهري في لفظ الحديث: - فرواه محمد([16]) بن عبد الله بن مسلم بن شهاب عنه بلفظ الشك: «من رآني في المنام فسيراني أو فكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي».]رواه أحمد (5/306)[. وتابعه سلامة بن عقيل على الرواية بالشك.]الخطيب «تاريخ بغداد»(10/284)[. ورواه يونس([17]) بن يزيد عن الزهري، واختُلف على يونس في لفظ الحديث كذلك. - فرواه عبد الله([18]) بن وهب عن يونس بالشك كما رواه ابن أخي ابن شهاب وسلامة بن عقيل عن الزهري باللفظ السابق.]رواه مسلم (كتاب الرؤيا) (15/24 مع «شرح النووي »)، وأبو داود (4/444-445)[. - ورواه أنس بن عياض([19]) عن يونس بلفظ: « من رآني في المنام فقد رأى الحق» كلفظ الجماعة.]رواه ابن حبان (7/617)[. - ورواه عبد الله([20]) بن المبارك عن يونس باللفظ المخالف لكل الطرق السابقة عن أبي هريرة: « من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» ] «البخاري»(كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[. ولم يقتصر هذا اللفظ للرواية على مخالفة الطرق الأخرى لأصحاب أبي هريرة رضي الله عنه، بل خالف جميع الألفاظ التي وردت عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن روى هذا الحديث. الوجه الثاني: من حيث مخالفتها لروايات الصحابة الآخرين: روى حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جمع من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بألفاظ متقاربة ومعان متوافقة، وتفصيل ذلك على النحو التالي: اللفظ الأول:رواه أنس بن مالك([21]) وجابر بن عبد الله([22])، وأبو سعيد الخدري([23])، وابن عباس([24])وابن مسعود([25])، وأبو جحيفة([26]) y مرفوعاً:« من رآني في المنام فقد رآني». اللفظ الثاني: رواه أبو قتادة([27]) وأبو سعيد الخدري([28]) رضي الله عنهما مرفوعاً: «من رآني فقد رأى الحق». اللفظ الثالث: رواه جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في النوم فقد رآني ».] «صحيح مسلم» (كتاب الرؤيا) (15/26) مع شرح النووي)[. فظهر من هذين الوجهين أن الرواية التي استدل بها القوم جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، بل جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لهذا الاختلاف ولكون الرواية في «صحيح البخاري» أخذ أهل العلم يتأولون معناها ويذكرون لها أجوبة لتتوافق مع روايات الجمهور. الوجه الثالث: أجوبة العلماء عن ذلك اللفظ المشكل: ذكر ابن حجر في «فتح الباري» (12/385) ملخصاً لتلك الأجوبة بقوله: (وحاصل تلك الأجوبة ستة: - أحدها: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الأخرى: «فكأنما رآني في اليقظة». - ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير. - ثالثها: أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه. - رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكن ذلك، وهذا من أبعد المحامل. - خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية لا مطلق من يراه. - سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقة ويُخاطبه، وفيه ما تقدم من الإشكال. الوجه الرابع: ما يرد على القوم من الإشكال على المعنى الذي قالوا به: والإشكال الذي أشار إليه ابن حجر رحمه الله ذكره بعد قوله: (ونُقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قلت - أي ابن حجر- : وهذا مشكل جداً ولو حُمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويُعَكَّرُ عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يُذكر عن واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف. وقد أشتد إنكار القرطبي([29]) على من قال: من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة). ]«فتح الباري»(12/385)[. والإنكار الذي أشار إليه ابن حجر هو قول القرطبي: (اختلف في معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء، وهذا قول يُدرك فساده بأوائل العقول، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى من قبره فيه شيء، فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يُرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل). وممن أنكر على القوم رؤيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة القاضي أبوبكر بن العربي([30]) قال كما في «فتح الباري» (12/384) : (وشذ بعض القدرية فقال: الرؤية لا حقيقة لها أصلاً وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس). الوجه الخامس: اضطراب مقالات القوم في كيفية الرؤية: فلما اشتد الإنكار على هؤلاء القائلين برؤيته صلى الله عليه وسلم في الدنيا بعد وفاته يقظة لا مناماً، اضطربت مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا فمنهم من أخذته العزة بالإثم فنفى الموت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية وزعم أن موته صلى الله عليه وسلم هو تستره عمن لا يفقه عن الله. - ومنهم من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه ويسير حيث شاء في أقطار الأرض في الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته. ]عمر الفوتي «رماح حزب الرحيم» (1/210) بهامش «جواهر المعاني»[. - ومنهم من زعم أن له صلى الله عليه وسلم مقدرة على التشكل والظهور في صور مشايخ الصوفية. ]عبد الكريم الجيلي «الإنسان الكامل»(2/74-75)[. وفريق لان بعض الشيء: - فمنهم من زعم أن المراد برؤيته كذلك يقظة القلب لا يقظة الحواس الجسمانية. ]الشعراني «الطبقات الكبرى» نقلاً عن محمد المغربي الشاذلي[. - ومنهم من قال إن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون في حالة بين النائم واليقظان.]الشعراني «الطبقات الصغرى» (ص89)[. - ومنهم من قال إن الذي يُرى هي روحه صلى الله عليه وسلم .]محمد علوي المالكي «الذخائر المحمدية» (ص259)، «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات» لفؤاد الفرشوطي (ص25)[. وعليه فبعد أن ظهر تفرد تلك الرواية التي استدل بها القوم عن روايات الجمهور، وتلك الاحتمالات التي تأولها أهل العلم في المراد بمعناها، وتلك الإشكالات والإنكارات التي وردت على المعنى الذي قصده القوم، واضطراب مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا، بكل ذلك يسقط استدلالهم بها، والقاعدة المشهورة في ذلك: إذا ورد على الدليل الاحتمال بطل به الاستدلال) انتهى كلام الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - جزاه الله خيراً-. كما رد الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي»(2/39-52) على من يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بقوله: ( أما رواية: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» لابد من إلقاء ضوء كاشف على الحديث رواية ودراية حتى نعرف قدر هذا اللفظ الذي استدل به أولئك على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة: 1- أما الحديث فقد رواه اثنا عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يزيد، مما يدل على شيوعه واستفاضته. 2- أن ثمانية من أئمة الحديث المصنفين اهتموا بهذا الحديث فأخرجوه في كتبهم مما يؤكد اهتمامهم به وفهمهم لمدلوله. ومع ذلك لم يبوب له أحد منهم بقوله مثلاً: باب في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ولو فهموا منه ذلك لبوبوا به أو بعضهم على الأقل؛ لأنه أعظم من كل ما ترجموا به تلك الأبواب. 3- أن المواضع التي أخرجوا فيها هذا الحديث بلغ (44) موضعاً، ومع كثرة هذه المواضع لم يرد في أي موضع لفظ « فسيراني في اليقظة» بالجزم إلا في إحدى روايات البخاري عن أبي هريرة. أما بقية الروايات فألفاظها: «فقد رآني» أو «فقد رأى الحق» أو « فكأنما رآني في اليقظة» أو «فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة» بالشك. وبالنظر في ألفاظ الحديث ورواياته نجد ملاحظات على لفظ «فسيراني في اليقظة» لا ريب أنها تقلل من قيمة الاستدلال بها وهذه الملاحظات هي: أولاً: أن البخاري أخرج الحديث في ستة مواضع من صحيحه: ثلاثة منها من حديث أبي هريرة، وليس فيها لفظ «فسيراني في اليقظة» إلا في موضع واحد. ثانياً: أن كلا من مسلم (حديث رقم 2266)، وأبي داود (حديث رقم 5023)، وأحمد (5/306)، أخرجوا الحديث بإسناد البخاري الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ «فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة» وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ «فكأنما رآني» أو «فقد رآني» لأن كلا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي. وعند الترجيح ينبغي تقديم رواية الجزم على رواية الشك. ثالثاً: إذا علمنا أنه لم يرد عند مسلم ولا عند أبي داود غير رواية الشك أدركنا مدى تدليس السيوطي حين قال في «تنوير الحلك»: (وتمسكت بالحديث الصحيح الوارد في ذلك: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي ») فأوهم أن مسلماً وأبا داود أخرجا الحديث برواية الجزم، وأغفل جميع روايات البخاري الأخرى التي خلت من هذا اللفظ. رابعاً: ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» (12/400) أنه وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة «فقد رآني في اليقظة» بدل قوله: «فسيراني». وهذه الأمور مجتمعة تفيد شذوذ هذا اللفظ، ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى ذلك ضمناً حين قال: (وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع - يعني الرؤية- بعيني الرأس حقيقة). ونقل عن المازري قوله: (إن كان المحفوظ «فكأنما رآني في اليقظة» فمعناه ظاهر). هذا ما يتعلق بالحديث رواية، وإن تعجب فعجب استدلال هؤلاء بهذا اللفظ الشاذ على تقرير إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مع اتفاقهم على: أن حديث الآحاد لا يحتج به في العقيدة. أما ما يتعلق به دراية فنقول: لو فرضنا أن هذا اللفظ «فسيراني» هو المحفوظ فإن العلماء المحققين لم يحملوه على المعنى الذي حمله عليه الصوفية. قال النووي في شرحه (15/26): (فيه أقوال: أحدها: أن يراد به أهل عصره، ومعناه: أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً. وثانيها: أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة؛ لأنه يراه في الآخرة جميع أمته. وثالثها: أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ونحو ذلك). ونقل الحافظ ابن حجر هذه الأقوال بعدما ذكر القول بحمله على الرؤية بالعين المجردة وحكم على القائلين به بالشذوذ. وجملة القول أن إدعاء إمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مذهب ضعيف مرجوح وذلك من وجوه: الوجه الأول: اختلاف القائلين به في المقصود بالرؤية، وهل هي رؤية لذاته صلى الله عليه وسلم على الحقيقة، أو رؤية لمثال لها، نقله السيوطي في «تنوير الحلك» ضمن «الحاوي للفتاوى» (2/263). ثم قال: (الذين رأيتهم من أرباب الأحوال يقولون بالثاني، وبه صرح الغزالي فقال: ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل يرى مثالاً له). ثم نقل عن ابن العربي واستحسن قوله: (رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال) ثم قال السيوطي: (ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا وأذن لهم بالخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي)!!. أقول: إذا كان أرباب الأحوال الذين رآهم السيوطي - على كثرتهم - يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى بروحه وجسمه بل يرى مثال له فقط، فكيف يدافع السيوطي عنهم ويخالفهم في الوقت نفسه؟ الوجه الثاني: أنهم اختلفوا أيضاً هل هذه الرؤية تكون بالقلب أو بالبصر؟ أشار السيوطي إلى ذلك ثم اضطرب اضطراياً شديداً حين قال في نفس المصدر: (أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر) فإلى هنا يبدو أنه قصد الجمع بين القولين، ثم قال: (لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني …). الوجه الثالث: أن بعض كبار الصوفية ينفي وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة. فيقول أبو القاسم القشيري في«الرسالة القشيرية» (باب رؤيا القوم) (ص368): (وقال بعضهم: في النوم معان ليست في اليقظة، منها: أنه يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الماضين في النوم ولا يراهم في اليقظة) اهـ. وقد يقول قائل: إن هذا نقله القشيري عن بعضهم ولا ندري هل هم من الصوفية أو من غيرهم؟ والجواب: أ- أن القشيري نفسه من كبار الصوفية وقد نقل العبارة وأقرها. ب- أنه لا ينقل في رسالته مثل هذا الكلام إلا عن الصوفية، حيث ذكر في مقدمة كتابه أنه إنما يذكر سير شيوخ التصوف وآدابهم ... وما أشاروا إليه من مواجيدهم، وأكده في الخاتمة. الوجه الرابع: أن هذه العقيدة مخالفة لإجماع أهل السنة والجماعة وهي خاصة بأهل البدعة، قال ابن حزم في «مراتب الإجماع»(ص176): (واتفقوا أن محمداً عليه السلام وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع جميع الناس). الوجه الخامس: أنه يلزم من القول بإمكان رؤيته في اليقظة ووقوعها لوازم باطلة قد ذكرتها أثناء نقل أقوال أهل العلم في هذا الموضوع. وأخيراً: نقل السيوطي عن بعض أهل العلم احتجاجه على حياة الأنبياء بأن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم ليلة الإسراء في بيت المقدس. ومقصده أن ما دام هذا ممكناً في حق النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيمكن أن يكون جائزاً في حق أولياء أمته معه، فيرونه في اليقظة. والجواب على هذه الشبهة أن يقال: أولاً: ليس النزاع في حياة الأنبياء في قبورهم ولا في اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بهم ليلة الإسراء ولا صلاته بهم إماماً، فإن ذلك كله ثابت رواية، فيجب على جميع المؤمنين التصديق به. ثانياً: أن مما يجب أن يعلم أن حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية لا نعلم كيف هي، وحكمها كحكم غيرها من المغيبات، نؤمن بها ولا نشتغل بكيفيتها، ولكننا نجزم بأنها مخالفة لحياتنا الدنيا. ثالثاً: أن الذي أخبرنا بأنه اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء هو الصادق المصدوق الذي يجب على كل مؤمن أن يصدقه في كل ما أخبر به من المغيبات دقيقها وجليلها، ولذا آمنا بما أخبرنا به واعتقدناه عقيدة لا يتطرق إليها شك إن شاء الله تعالى. أما من جاءنا بخبر وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فمجموعة من الدراويش خالفت الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فلم يجز - ولا أقول فلم يجب - أن نصدقهم في دعواهم تلك. بل وجب على كل موحد ذاب عن حمى التوحيد أن يردها بما استطاع لأنه باب يؤدي فتحه إلى ضلال عظيم وخراب للأديان والعقول ويفتح باب التشريع من جديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والله أعلم) . انتهى كلام الشيخ محمد أحمد لوح جزاه الله خيراً بتصرف. ولمزيد من الفائدة انظر كتاب «المصادر العامة للتلقي عند الصوفية عرضاً ونقداً» للشيخ صادق سليم صادق (ص405-430) وكتاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» للشيخ محمد أحمد لوح (2/36-52)، وكتاب «خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء» تأليف الصادق بن محمد بن إبراهيم، وكتاب «رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً ضوابطها وشروطها » للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أخوكم/ أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي )
جزاك الله عن الإسلام والمسلمين خيرا شيخنا إبراهيم صالح الحسيني رضي الله عنك
بارك الله في شيخنا الشريف وفي كل من إنتسب إليه وأحبه في الله وفي سيدنا رسول الله
كنت صوفيا عشرون عاما،وهداني الله .
اللهم لك الحمدوالشكر .
نسأل الله الهدايةللجميع.
اللهم انفعنا بعلومه في الدارين ولا تحرمنا زيارته
ما شاء الله تبارك الله حفظك.الله بارك فيك يا شيخي ببركة الدعاء النبي العظيم صلى الله عليه وسلم
عليه الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللهم أمتنا علي حب الله ورسوله وصحابته وشيخ الشيوخ قطب الأقطاب احمد ابن محمد التجاني
جزاك الله عنا خيرا ونسأل الله أن يرزقنا زيارتك
شكرا يا شيخ جزاك الله خيرا بعد زعلك والله
شيخ
ابراهيم صالح التجاني جزاك الله خيرا🙏♥️
جزاك اللهُ وعنا خیرا جزاء
اللهم لاتجعل بقلبي سواك وثبتني بالقول والفعل
اللهم صلي وسلم على سرك المرموزفي قولك كن
مولانا شيخ الاسلام الشيخ شريف رضي الله عنه🌹🌹🌹🌹
جزاك الله خيرا سيدي كانو الشيوخ الصوفية عندنا في السودان كثيرا ما يدخلون نيجيريا وشيوخها في مديحهم الان فقط عرفت بعض معدنهم وما خفي أعظم
بارك الله فيكم و زادكم علما
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
ماشاء الله ربنا يحفظك
حفظك الله يالشيخ الساده الصوفيه ومتعك الله بالصحه والعافيه
الحمد لله رب العالمين ،حياك الله
نسأل الله لنا الهدى والنور وأن يحينا على الحق ويتوفنا عليه وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ...... سأل مهم للشيخ هل هذه الطريقة أو الطرق الصوفية الأخرى كان الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام يعلمونها ويعملون بها أن أنها حدثت بعدهم إن كانوا يعلمونها ويعملون بها إننا كلنا صوفية واليأتي بالدليل على ذلك وإن كان غير ذلك فاليراجع الشيخ نفسه خاصة وأنه قد جال في العلم نسأل الله لنا وله الهداية
جميل
جزك الله الخيرا
حد يعرف مكان سيدي ابراهيم صالح ف القاهره
لانه موجود حاليا بمصر
أخي العزيز …هل توصلت لمكان مولانا الشيخ في مصر ؟ والله أتمنى لقائه
حفظکم الله یا شیخ الا سلام
نفعنا الله بکم
مدد ياعم الشيخ
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة
والرد على المدعو الهوساوي
يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق)
لنا أن نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن هذه الفتن وعين أهل الحق فيها وذلك في حياته صلى الله عليه وسلم فلا معنى حينئذ للقول لم لم يروه يقظة بعد وفاته ليخبرهم بما أخبرهم به في حياته .
روى الإمام احمد في مسنده والإمام مسلم في صحيحه من حديث الزهري عن أبى إدريس الخولاني سمعت حذيفة بن اليمان يقول :
(والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة وما ذاك أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني من ذلك شيئاً أسره إلى لم يكن حدث به غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلساً أنا فيه سئل عن الفتن وهو يعد فيهن ثلاث لا تذوق شيئاً منهن كرياح الصيف منها صغار ومنهن كبار قال حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيري).
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن حذيفة رضي الله عنه قال ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابه هؤلاء وإنه ليكون منه الشيء فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه ).
ثامناً : من يطلب التفصيل في الأدلة الخمس فليستمع :
ا-إن الخلاف في سقيفة بني ساعدة بين المهاجرين والأنصار كان على الخلافة وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجه الحق في ذلك فقال ( الأئمة من قريش ) وهو حديث متواتر نص على تواتره الحافظ بن حجر في فتح الباري.
وعن علي رضي الله عنه قال يا رسول الله من نؤمر بعدك قال إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة وإن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً لا تأخذه في الله لومة لائم وإن تؤمروا علياً ولا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الطريق المستقيم .
( رواه أحمد والبزار والطبراني ورجال البزار ثقات قاله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوبكر وعمر وعثمان يعني في الخلافة .
( قال الحافظ الهيثمي رواه البزار والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح ) .
2- وأما الخلاف بين أبى بكر الصديق والسيدة فاطمة رضي الله عنهما وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجه الحق فقال : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) وقد احتج بذلك أبوبكر الصديق رضي الله عنه ورضيت السيدة فاطمة رضي الله عنها وصلى الله وسلم على أبيها.
3- وأما الخلاف بين على وأصحابه وبين طلحة والزبير والسيدة عائشة رضي الله عنهم جميعاً وقد أخبر رسول الله صلى عليه وسلم بوجه الحق ففي الحديث عن أبى سعيد الخدري قال : (كنا عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من المهاجرين والأنصار فقال ألا أخبركم بخياركم قالوا بلى قال الموفون المطيبون إن الله يحب الخفي التقي قال ومر علي بن أبي طالب فقال الحق مع ذا الحق مع ذا)
( قال الحافظ الهيثمي رواه أبو يعلى ورجاله ثقات )
وعن زيد بن وهب قال بينا نحن حول حذيفة إذ قال : (كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وسلم فرقتين يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف فقلنا يا أبا عبد الله وإن ذلك لكائن و قال بعض أصحابه يا أبا عبد الله فكيف نصنع إذا أدركنا ذلك الزمان فقال أنظروا الفرقة التي تدعو إلى أمر علي فالزموها فإنها على الهدى).
(قال الحافظ الهيثمي رواه البزار ورجاله ثقات )
وعن عمير بن سعيد قال : ( كنا جلوساً مع ابن مسعود وأبو موسى عنده وأخذ الوالي رجلاً فضربه وحمله على جمل فجعل الناس يقولون : الجمل الجمل فقال رجل يا أبا عبد الرحمن هذا الجمل الذي كنا نسمع قال : فأين البارقة ).
( قال الحافظ الهيثمي رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ) .
4- الخلاف بين سيدنا على كرم الله وجهه والخوارج أقول لا معنى لهذا فالخوارج ليس فيهم صحابة وإنما هم كلاب النار كما ورد في الحديث الصحيح والأمة كلها مجمعة على ضلالهم وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقال طوبى لمن قتلهم أو قتلوه وقال لئن أنا أدركنهم لأقتلنهم قتل عاد وقال تقتلهم أولى الطائفتين بالحق وقد ظهر مصداق ذلك فقتلهم سيدنا على بن أبي طالب وأصحابه .
5- الخلاف بين سيدنا على ومعاوية رضي الله عنهما.
لقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجه الحق في ذلك . فعن أبى سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فقال أبوبكر أنا هو يا رسول الله قال لا قال عمر أنا هو يا رسول الله قال لا ولكنه خاصف النعل وكان أعطى علياً نعله يخصفها ).
( قال الحافظ الهيثمي رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح )
وعن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال :( مازال جدي كافأ سلاحه حتى قتل عمار بصفين فسل سيفه فقاتل حتى قتل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقتله الفئة الباغية ).
(قال الحافظ الهيثمي رواه احمد والطبراني وفيه أبو معشر وفيه لين ).
أقول : قوله ( فيه لين ) لا يضره فقد يقال في من يجب قبوله (فيه لين ) وقد تطلق هذه العبارة في بعض رجال الصحيح وإنما فائدتها ترجيح من لم يقل فيه ذلك على من قيل فيه عند التعارض أفاده الإمام العلامة ابن الوزير في كتابه (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم ) فانظره على أن حديث عمار تقتله الفئة الباغية متواتر رواه جمع كبير من الصحابة منهم أبو سعيد الخدري وأبو قتادة الأنصاري وأم سلمة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وخزيمة بن ثابت وعمرو بن حزم وعثمان بن عفان وأبو هريرة وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبو رافع وجابر بن سمرة وزيد بن أبى أوفى وأبو اليسر وكعب بن عمرو وكعب بن مالك وزياد بن الفرد وأبو أمامة الباهلي وعائشة بنت أبى بكر الصديق وعمار بن ياسر وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبى سفيان رضي الله عنهم جميعاً.
فإذا علمت جميع ذلك عرفت بطلان حجة ذلك المنكر في هذا الاستدلال البارد وتيقنت سقوطها جملة وتفصيلا وماذا بعد الحق إلا الضلال .
تاسعاً : إن الحافظ بن أبي جمرة في شرحه على مختصر صحيح البخاري نقل رؤية النبي صلى الله عليه وملم في اليقظة عن السلف والخلف قال :
(وقد ذكر عن السلف والخلف إلى هلم جرا عن جماعة ممن كانوا رأوه صلى الله عليه وسلم في النوم وكانوا ممن يحملون هذا الحديث على ظاهره فرأوه بعد ذلك في اليقظة ).
وفى كتاب (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ) تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر فيه أن الإمام سعيد بن المسيب وهو من كبار التابعين كان يسمع الأذان والإقامة من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام معركة الحرة وكذا أخرجه الزبير بن بكار في كتاب أخبار المدينة والإمام محمد بن سعد في كتاب الطبقات الكبرى والإمام الدارمي في المسند.
عاشراً : إن هؤلاء يقولون أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لم تنقل عن أحد من الصحابة وهذه شهادة على النفي وهى مردودة عند الفقهاء فإنه لا حجة في عدم النقل على أن هذا الزعم مردود أيضاً بما نقل عن الصحابي ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار قال فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقيل يا ابن ثعلبة إنك لتغرر وتحمل على القوم فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده ثم يتراءى لي أصحابي فاحمل حتى أكون مع أصحابي قال فعمر زماناً طويلاً من دهره ).
( قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني وإسناده حسن ).
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
❤❤❤❤❤❤❤
ما شا ا لله سكر ا
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
رضي الله عنك سيدي
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة
والرد على المدعو الهوساوي
يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق)
القول الحق
أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي ) .
وهذا الحديث النبوي الشريف هو حجة من يقول بروية النبي صلى الله عليه
وسلم في اليقظة ولنكشف لكل عن وجه الحجية فاستمع :
أولاً : هذا حديث صحيح في أعلى درجات الصحة اتفق البخاري ومسلم على إخراجه وقد قال الإمام ابن الصلاح إن اتفاق البخاري ومسلم على إخراج حديث يقوم مقام التواتر .
ثانياً : إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة من الممكنات التي تدخل تحت القدرة الإلهية ومن ادعى أنها من المستحيلات الذاتية فهو غالط غلطاً عظيماً فإن روية مخلوق لمخلوق أمر ممكن سواء كان المخلوق المرئي في الدنيا أم في الآخرة والقاعدة التي عليها المحققون من العلماء أن الممكن الذي يدخل تمت القدرة الإلهية لا يتم إخراجه عن هذا الإمكان إلا بنص صريح كما أن القاعدة التي عليها المحققون من العلماء أن العدل إذا أخبر بأمر ممكن فلا وجه لتكذيبه وأما من يقول : يحتمل أنه وهم فيقال له : إن الاحتمالات لا تتأسس عليها الحقائق .
ثالثاً : إن إحالة الألفاظ عن مدلولاتها في اللسان العربي بغير موجب يوجب ذلك لا تقبله القواعد العلمية ولفظ (اليقظة ) الظاهر منه عند الإطلاق هو (ضد النوم ) فصرفه إلى غير ذلك مماحكة ومماحلة قال الإمام العلامة ابن الأثير في كتابه (النهاية في غريب الحديث والأثر) في حرف الياء :
((اليقظة) : قد تكرر في الحديث ذكر اليقظة والاستيقاظ وهو الانتباه من النوم ).
رابعاً : أجمع أئمة هذه الأمة المعصومة في إجماعها على أن ظواهر الشرع هي الجادة عند اختلاف العلماء واشتباك الآراء قال الإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي في كتابه ( روضة الناظر) :
( متى دار اللفظ بين الحقيقة والمجاز فهو للحقيقة ولا يكون مجملاً إلا أن يدل دليل على أنه أريد به المجاز إذ لو جعلنا كل لفظ أمكن التجوز فيه مجملاً لتعذرت الاستفادة من أكثر الألفاظ واختل مقصود الوضع وهو التفاهم ولأن واضع الاسم لمعنى إنما وضعه ليكتفى به فيه فكأنه قال : ما سمعتم هذه اللفظة فافهموا ذلك المعنى فيجب حمله عليه إلا أن يغلب المجاز بالعرف كالأسماء العرفية فتصير حينئذ الحقيقة كالمتروكة ) .
بل قد صرح بعض العلماء أن ترك الاحتمال الظاهر الراجح إلى الاحتمال الخفي المرجوح كترك النص إلى غيره وان كان الثاني أقبح وأفحش إلا أنهما مشتركان في القبح والفحش والتحريم .
خامساً : إن علماء الأصول مجمعون على أن المخصص إذا لم يوجد فاللفظ على عمومه والتخصيص بغير مخصص باطل عند الجميع والأدلة التي يخصص بها العموم هي : دليل الحس ودليل العقل والإجماع والنص الخاص والمفهوم بالفحوى ودليل الخطاب وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تقريره واحداً من أمته بخلاف موجب العموم وقول الصحابي وقياس نص خاص إذا عارض عموم نص آخر.
وفى بعض هذه الأدلة اختلاف بين العلماء في حجيتها في تخصيص العموم ومع ذلك فما هو دليل تخصيص العموم في حديث ( فسيراني في اليقظة ) قال الحافظ بن أبى جمرة في شرحه على مختصر صحيح البخاري :
( هل هذا على العموم في حياته عليه السلام وفى مماته أو في حياته لا غير؟ اللفظ يعطى العموم ومن يدعى الخصوص فيه بغير مخصص منه صلى الله عليه وسلم فمتعسف ).
وقول من قال هي روية يوم القيامة هو أيضاً تخصيص بغير مخصص بل قال الحافظ بن حجر العسقلاني في (فتح الباري) : ( لا فائدة في هذا التخصيص ).
وكذا قال الحافظ السيوطي في (تنوير الحلك ) والقاضي أبوبكر بن العربي المالكي في (عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي) وقال الحافظ :
(لأنه سيراه يوم القيامة في اليقظة جميع أمته من رآه في النوم ومن لم يره ).
( قلت ) : بل سيراه أيضاً من غير وبدل فيختلجون دون الحوض فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال له إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا علن أعقابهم القهقرى فيقول سحقاً سحقاً لمن غير بعدي.
ولنختم هذا المبحث بما ذكره الحافظ الفقيه الإمام العلامة ابن حجر الهيثمي في كتابه (الفتاوي الحديثية ) :
(سئل : هل تمكن روية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فأجاب :
أنكر ذلك جماعة وجوزه آخرون وهو الحق فقد أخبر بذلك من لا يتهم من الصالحين بل استدل بحديث البخاري : ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) أي بعين رأسه وقيل بعين قلبه واحتمال إرادة القيامة بعيد من لفظ اليقظة على أنه لا فائدة في التقييد حينئذ لان أمته كلهم يرونه يوم القيامة من رآه في المنام ومن لم يره في المنام .
وفى شرح بن أبى جمرة الأحاديث التي انتقاها من البخاري ترجيح بقاء الحديث على عمومه في حياته ومماته لمن له أهلية الإتباع للسنة ولغيره ومن يدعي الخصوص بغير تخصيص منه صلى الله عليه وسلم فقد تعسف ثم ألزم منكر ذلك بأنه غير مصدق بقول الصادق وبأنه جاهل بقدرة القادر وبأنه منكر لكرامات الأولياء مع ثبوتها بدلائل السنة الواضحة ومراده بعموم ذلك وقوع رؤية اليقظة الموعود بها لمن رآه في النوم ولو مرة واحدة تحقيقاً لوعده الشريف الذي لا يخلف وأكثر ما يقع ذلك للعامة قبل الموت عند الاحتضار فلا تخرج روحه من جسده حتى يراه وفاء بوعده أما غيرهم فيحصل لهم ذلك قبل ذلك بقلة أو بكثرة بحسب تأهلهم وتعقلهم وإتباعهم للسنة إذ الإخلال بها مانع كبير).
التجانيون يعلنون
يقول الشيخ الدكتور عمر مسعود التجاني فى كتابه الرد على الافريقي دفاعاً عن الطريقة التجانية
القول الفصل
اولاً تمهيد:-
ليس في التجانيين مبتدع - ولله الحمد - وليس فيهم معتزلة ولاقدرية ولا جبرية ولا جهمية بل هم على عقيدة اهل السنة والجماعة يحبون الصوفية قاطبة ويسلمون للاولياء جميعاً ويلتمسون لما اشكل من كلامهم خير المحامل بناءاً علي قاعدة حسن الظن بالمسلمين قال صلي الله عليه وسلم .
[اياك والظن فان الظن اكذب الحديث ] رواه البخاري .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :
[رايت النبي صلي الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول (ما اطيبك واطيب ريحك ما اعظمك واعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحمة المؤمن اعظم عند الله تعالي حرمة منك : ماله ودمه وان يظن به خيراً )] اخرجه بن ماجه في سننه ولكن التجانيين - مع حسن ظنهم بعباد الله لا يرون أي ولي من الاولياء يبلغ مرتبة الصحابه مهما عمل - لا شيخهم التجاني رضي الله عنه ولا غيره - انظر جواهر المعاني (1/142) ولا يرون الاولياء والصحابة يبلغون مرتبة الانبياء انظر جواهر المعاني (2/72) ولا يرون أي ورد يساوي القران فكيف يكون افضل منه.
و التجانيون يتعبدون بقراءة القران ويحفظونه ويحافظون علي احكامه اشد المحافظة وبشارات الطريق لا تعدو عندهم انها بشارات يسرون بها ولا تغرهم ولا تحملهم علي ترك العمل ولا علي الامن من مكر الله عز وجل (فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون )، ومن فعل ذلك فليس من اهل الطريق.
والمسائل التي ينكرها عليهم خصومهم تنحصر في امرين :
احدهما : كذب وافتراء من جزره لا اصل له في الطريق
وثانيهما : محرف عن اصل صحيح مطابق للشرع الشريف
وما سوى ذلك من المسائل التي ينكرها عليهم خصومهم - مما لا يرجع الي هذين الامرين.
فان التجانيين يسعهم ما يسع الامة.
واذا اختلف علماء المسلمين في مسالة فالتجانيون ليسوا بمكلفين الا باتباع ما وضح لديهم دليله ما دامت المسالة معتبرة عند علماء المسلمين من المسائل الخلافية :من اجتهد فاصاب فيها فله اجران ومن اجتهد فاخطأ فله اجر واحد فالكل ماجور والحمد لله اما الكذب والتحريف فيبوء بهما الاثم وليس يجني الا علي نفسه والموعد الله .
وتصوروا رجلا يقول لرجل :
انت تقول ان النبي صلي الله عليه وسلم كتم ما امر بتبليغه ؟
فيجيبه الاخر : حاشا وكل ان اقول ذلك ..... ابرأ الي الله من ذلك.
ويقول المنكر ان كلامك يلزم منه هذا القول.
فيجيبه الاخر: كلا ..... لا يلزم ولا اقصده.
فيقول له المنكر: لا ..... بل انت تقصده.
اما اهل الانصاف فانهم يقولون : ياايها الملزم بما لا يلزم ..... هلا شققت قلبه ؟!!!!..
ان اهل الطريقة التجانية وغيرها من اهل الطرق يحتقرون تلك الحملات الجائرة الظالمة ولذلك لم تصادف رواجاً وزادت أهل الطريق تمسكاً بها . لماذا ؟ لانهم لا يشكون في ان خصوم الطريقة مبطلون .
ولا يفهم الوصف لسلوك الطريقة معني إلا صحبة قوم صالحين يؤمنون بالله ويتقونه قد جعل لهم الرحمن وداً وظهرت لهم آثار محبة الله عز وجل[ فإذا أحببته كنت سمعة الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش به ورجله التي يمشى بها ولئن سألني لأعطينه ولئن أستعاذني لأعيذته] رواه البخاري، كم ظهرت عليهم آثار معية الله الخاصة بالذاكرين الله كثيراً والذاكرات يقول الله [إنا عند ظن عبدي وأنا معه إن ذكرني] . فقوم هذه صفتهم يصدق عليهم[هم القوم لا يشقي بهم جليسهم] ولو كان جليسهم [ليس منهم إنما جاء لحاجة]رواه البخاري ، ولو كانت صفة الجليس أنه [عبد خطاء فجلس معهم] رواه مسلم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم.
[مثل الجليس الصالح كصاحب المسك]
هذه الطريقة كما نعرفها وكما تلقيناها . . وما سوى ذلك فلا نعرفه . . . ولا نرفع به رأساً.
ثانياً : (هذا بيان للناس):
(1)أن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن صلاة الفاتح من القرآن كما زعم من زعم - وهو كذوب - بل يعتقدون أن وحي النبوة قد انقطع بلحوقة صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ومن اعتقد أن صلاة الفاتح من القرآن فهو كاذب وكافر كفراً يخرج من الملة.
(2) أن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شئياً مما أمر بتبليغه ومستحيل أن يؤمر بتبليغ ورد صلاة الفاتح أو بيان فضلها فيكتم شئياً من ذلك ومن اعتقد ذلك فهو كافر بالله ورسوله لا يقبل من صرفاً ولا عدلاً. .. وصلاة الفاتح كانت معروفة قبل أن يولد الشيخ التجاني رضى الله عنه وفضلها كان أيضاَ معروفاً وقد صرح الشيخ التجاني رضى الله عنه بذلك كما هو مذكور في جواهر المعاني(1/135) وأنه أطلع على ذلك في كتاب (وردة الجيوب) وأنه كان يصلى بها على رسول الله صلى الله عليه من حين رجوعه من الحج إلي بلوغه مدينة تلمسان ومن حين رحيله منها إلي بلدة أبي سمغون ثم أخذ يصلي على رسول صلى الله وسلم بصيغة[صلاة تعدل جميع صلوات أهل محبتك] ثم رجع إلي صلاة الفاتح بعد رؤيا رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بذلك.. فإذا كان هذا هو صريح قول الشيخ التجاني رضى الله عنه فهل يعقل أن ينسب إليه القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كتم الورد أو كتم صلاة الفاتح أو كتم فضلها مع اعتقاد أن الله أمره بتبليغ ذلك. . ألا يعرف الناس معني الإنصاف ؟!!! وقد سئل الشيخ التجاني رضى الله عنه - كما في جواهر المعاني(1/207)
[قلت للشيخ رضى الله عنه هل يطرأ النسيان على الرسل قبل تبليغ ما أمروا به كما طرأ بعد التبليغ؟]
قال : لا. . ولو نسى شئياً مما أمر بتبليغه إلي الخلق لبعث إليه الملك وذكره به ليتم الدين الذي أراده سبحانه وتعالى لأنه هو الحافظ له حتى يكمل ما أراده من شرعه.
هذا هو قول الشيخ التجاني رضى الله عنه فأنظر هل يلتئم مع ما يبهته خصومه؟!! وإذا كان الشيخ التجاني رضى الله عنه يعتقد أن الرسل لا ينسون ما أمروا بتبليغه فكيف يعتقد فيهم أنهم يكتمون ما أمروا بتبليغه؟!!
أليس في الناس أنصاف؟!! اللهم أشهد. . . اللهم أشهد!!! أنهم يحاربون أوليائك بالكذب عليهم!!!.
(3)إن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن هناك - بعد الرسول صلى الله عليه وسلم تشريعاً بأي وجه من الوجوه وما جاء به صلى الله عليه وسلم مستحيل أن ينسخ شي منه أو يزاد شي عليه ومن زعم ذلك فهو كافر خارج عن الإسلام والعياذ بالله.
قال الشيخ التجاني رضى الله عنه كما في جواهر المعاني (1/247).
[إن الحكم المقرر في الشرائع من الرسل عليهم الصلاة والسلام لا ينحل عقدة إلا بنبوه وأما الولاية فليس في وسعها هذا]
وقال الشيخ التجاني رضى الله عنه - كما في جواهر المعاني (2/116) إن التشريع بأحداث حكم لم يكن سابقاً - طلباً للفعل أو طلباً للترك أو تعبداً أو إباحة أو نقض حكم سابق في الشريعة فتبدل بحكم آخر فهذا لا سبيل للأولياء إليه إذ هذا متوقف على النبوة فقط]
والتجانيون وإن كانو يقولون برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة - ودليلهم حديث البخاري ومسلم[من رآني في المنام فسيراني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي] - إلا أن مشاهدات الأولياء عندهم ليست بحجة في شرع الله تعالى - لا في الاشتقلال بالحكم ولا في تقييد مطلقة ولا في تخصيص عمومه - وإنما الحجة هي الشريعة المحمدية ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ليست مصدراً من مصادر التشريع.
قال الشيخ التجاني رضي الله عنه كما في جواهر المعاني (2/115) :
[لا واسطه بين الله وبين العباد إلا النبوة ومن رام الخروج عنها - أعني النبوة - طلباً للأخذ عن الله من غيرها كفر وخسر الدنيا والآخرة].
(4)إن التجانيين يعلنون أنهم لا يتعقدون أن مجرد رؤية أحد الصالحين كافية في نجاة المرء يوم القيامة وإنما ينجيه الإيمان ولعمل الصالح ويدخل الجنة برحمة الله سبحانه وتعالى ولكن التجانيين يقولون إن الاجتماع بالصالحين مع صدق المحبة يجر إلي الصلاح ويدخل في الرحمة والمغفرة بوعد إلهي لا خلف فيه وحديث العبد الخطاء الذي مرّ وجلس وإنما جاء لحاجة معروف وأنظر صحيح البخاري ومسلم وحديث الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم طلب التوبة فدله آخر العلماء بأمر الله على صحبة الصالحين [الحق بأرض كذا فإن فيها قوماً يعبدون الله فكن معهم ] مروي في صحيح البخاري وقد مات الرجل قبل أن يلحق بهؤلاء الصالحين فأدخل في ديوان الرحمة. . فكيف لو لحق بهم وكان معهم؟!! وحديث الجليس الصالح والجليس السوء معروف عند العلماء.
(5)إن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون في أيّ وليّ كان - الشيخ التجاني رضى الله عنه أو غيره - أنه يبلغ في الفضل مرتبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اعتقد في أيّ وليّ كان أنه أفضل من الأنبياء فهو كافر كفراً يخرج من الملة قال الشيخ التجاني رضى الله عنه كما في جواهر المعاني (2/72).
[أعلم أن الذي في مرتبته صلى الله عليه وسلم من تجليات الصفات والأسماء والحقائق لا مطمع في دركه لأحد من أكابر أولي العزم من الرسل فضلاً عمن دونهم من النبيين والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وإن الذي في مرتبة أولي العزم من الرسل لا مطمع لأحد في دركه من عموم المرسلين وأن الذي مرتبة الرسالة لا مطمع في دركه لأحد من عموم النبيين والذي في مرتبة النبوة لا مطمع في دركه لأحد من عموم الأقطاب وإن الذي في مرتبة القطبانية لا مطمع لأحد في دركه من عموم الصديقين].
وقال في جواهر المعاني (1/142):
[كل واحد من الصحابة الذين بلغوا الدين مكتوب في صحيفته جميع أعمال من بعده من وقته إلي آخر هذه الأمة فإذا فهم هذا ففضل الصحابة لا مطمع فيه لمن بعده]
(6) إن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن البشارات هي أساس الطريق إلي الله تعالى ويعتقدون أن من الضلال المبين أن يأمن العبد مكر الله عز وجل مهماً توالت علية المبشرات ومن اتكل على المبشرات واترك العمل الصالح فذلك اية الخسران المبين (العايذ بالله تعالى قال الشيخ التجاني رضي الله عنه كما في جواهر المعاني (1/253):
[ لا أمان من مكر الله تعالى وإن بلغ العبد من الله ما بلغ في الاصطفاء والاجتباء ]
وقال رض الله عنه في جواهر المعاني (2/161).
[إياكم والعياذ بالله من لباس حلة الامان من مكر الله في مقارفة الذنوب باعتقاد العبد أنة أمن من مؤخذة الله له في ذلك فإن من وقف هذا الموقف بين يدي الحق تعالى ودام علية فهو دليل على أنة يموت كافراً والعياذ بالله ]
(7) أن التجانيين يعلنون أنهم لا يعتقدون أن لأي أحد كان مع الله تصرفاً في ملكه بل الله سبحانه هو المنفرد بالخلق وتصريف الملك وتدبيره (بيده الملك وهو على كل شئ قدير) وما يجريه الله على يد أوليائه إنما هو من باب [إن سألني لأعطينه]ومن باب [إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره]
قال في جواهر المعاني (1/117):
[التدبير مع الله من الشرك لأنه تعالى منفرد بالإيجاد والتدبير (ألاله الخلق والأمر) فمن دبر في ملكه شيئاً فقد تعدى ونازع أحكام الربوبية]
هذه هي براءة التجانيين . . قد أعلنوا بها قبل ذلك كثيراً . . .
ويأبى خصومهم إلا الفجور في الخصومة . . والموعد الله
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)
أحمد ميرغني أحمد التجاني المناظرة.الشيخ. ابرهيم.صالح.الحسيني
مدد يارب
رضي الله تعالى عنك وأرضاك وعنا بكم امييييين وجزاكم الله كل الخير سيدي إبراهيم
جزاك الله خير يا شيخي العزيز وبارك الله فيك
بسم الله ربي لا اله الا هو الحي القيوم الصمد الرحمن الرحيم الملك اللهم صلي علي سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والختم لما سبق ناصر الحق بالحق والهدي الي صراط المستقيم وعلي اله حق قدره ومقداره الغظيم ..
وبعد رضي الله عن سادتنا الاشراف والاخيار والعارفين بالله اشيخنا الاحباب الشيخ القطب المحتم اب العباس احمد التجاني رضي الله عنه وعن الفيضه الربانيه الغوث الشيخ الاسلام ابراهيم ابن الحاج عبدالله انياس الكولخي رضي الله عنه وعن القطب والغوث صاحب السر الرباني الشيخ عيسى محمد البرناوي رضي الله عنه ورضي الله عن ماشيخنا جميهم
امابعد رضي الله عن الشيخ ابراهيم صالح ..جزا الله عنا كل خير وبركه
اللهم انفعنه بهم وبي بركاتهم وسرهم وجاهيم وان تحتفظ صحاب الشيخ في كل بلت بجاهي اب عباس بيجاهي اب بكري وتحفظ نجلينا من سؤ دائما في حالة العسر واليسري ..
والحمد الله علي هدا النعم والمقام اللهم زدنا مدد وثبات علي هدا النهج المحمدي الرباني وان يارب تنصر نصر مبين الطريقه التجانيه المحمديه في كل بلاد وفي كل زمان يارب العلمين والسلام عليكم ورحم الله تعالى وباركاته .
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة
والرد على المدعو الهوساوي
إن هذه التي يسميها أدلة هي في الحقيقة شيء واحد يتكرر في صور مختلفة وهى كون الخلاف قد وقع بين الصحابة ولم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة ليحل لهم إشكالهم ويرفع الخلاف فجعل (الهوساوي ) المنكر ينوع في قصص الخلاف ويجعل كل قصة دليل قانماً بنفسه فأعطى بذلك الدليل (لمن يطلب الدليل ) .
يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق)
ان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم حق لا شك فيه وحديثها متواتر وخصومنا يقرون بذلك فلنا أن نسألهم لماذا لم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم ويحل لهم إشكالهم ويرفع خلافهم ولنا أن نفعل كفعلهم فننوع صور الخلاف ونجعل كل نوع دليل قائماً بنفسه فنقول : الدليل الأول ، الدليل الثاني ، الدليل الثالث ، الدليل الرابع ، الدليل الخامس فإنه إذا بطلت رؤية ليقظة بمثل هذه الأدلة بطلت أيضاً روية المنام بمثل هذه الأدلة ولا فرق وإذا بلغ النقاش إلى هذا الحد سقط الكلام مع هؤلاء المنكرين فإن قالوا : إن رؤيا المنام ليست من مصادر التشريع ويجب عرضها على الشريعة قلنا : وكذلك رؤية اليقظة فأين تذهبون ؟!
ويقال لهم أيضاً : ألستم تعلمون أن الإلهام الحق هو مما يكرم الله تعالى به أولياءه ؟ فإن قال لكم قائل : لماذا لم يحصل الإلهام للصحابة المختلفين في سقيفة بني ساعدة وفي معركة الجمل وفي معركة صفين وفي معركة النهروان ولا حصل لأبي بكر الصديق وفاطمة ( الأدلة الخمس )... لماذا لم يلهموا الحق أليسوا هم أولى من أن يلهم فلان أو فلان بأوراد وأعداد ؟! ألم يكونوا محتاجين إلى معرفة الحق الذي لا ريب فيه وقد سالت الدماء واعتركت الجيوش وقتل من قتل ؟!!! فهل تجعلون الإلهام باطل ... كما جعلتم رؤية اليقظة باطلة تأسيساً على الأدلة الخمس فيكون الإلهام باطل ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم باطلة ورؤيته في اليقظة باطلة ؟!! رحم الله امرأ قال خيراً
فغنم ... أو سكت فسلم .
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة
والرد على المدعو الهوساوي
يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق)
لنا أن نقول في الأدلة الخمس : إما أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم مأموراً بالإخبار عن هذه الفتن وتعيين أهل الحق فيها أو لا يكون مأموراً بالأخبار عن ذلك ولا يعقل أن يكون مأموراً بذلك ثم لا يفعله وإذا فعله فلا معنى لقولهم لم لم يظهر لهم في اليقظة ليحل مشكلاتهم والحال أنه صلى الله عليه وسلم أخبرهم بذلك في حياته وهو القاتل : (فليبلغ الشاهد الغائب ).
أما إن كان النبي صلى الله عليه وسلم غير مأذون له بالإخبار عن تلك الفتن وتعيين المستمسك بالحق عند وقوعها ما دام قد تركهم على بيضاء نقية ليلها كنهارها فلا معنى أيضاً لأن يقال لم لم يظهر لهم في اليقظة عند وقوع الفتن ويحل الإشكال ويعين أهل الحق والحال أنه غير مأذون له في ذلك .
فعلى كلا الوجهين تساقطت الشبهة وتهافتت أركانها فليس لها قيمة علمية .
جمع: أبي معاذ السلفي
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
( لقد تجرأ بعض الصوفية في ادعاء خروج النبي صلى الله عليه وسلم من قبره ورؤية مشايخ القوم له يقظة لا مناماً في الحياة الدنيا والتلقي منه، على اختلاف بينهم في كيفية هذه الرؤية كما سيأتي إن شاء الله بيانه ضمن هذا المبحث، فممن قال بذلك منهم:
ابن حجر الهيتمي في «الفتاوى الحديثية» (ص217) والسيوطي في «تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم والملك» ضمن «الحاوي للفتاوي» (2/255)، وأبو المواهب الشاذلي كما في «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/69)، والشعراني كما في «الطبقات الصغرى» (ص89)، وأحمد التيجاني وخلفاؤه كما في «رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم» (1/210)، ومن المتأخرين: خوجلي بن عبد الرحمن بن إبراهيم كما في «طبقات ابن ضيف الله» (ص190)، ومحمد بن علوي المالكي في «الذخائر المحمدية» (ص259)، ومحمد فؤاد الفرشوطي في «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات المحمدية للسادة الصوفية» (ص25))([1]) ؛ و علي الجفري الملقب بـ ( زين العابدين ) !! فقد تحدث عن هذه المسألة في عدة مجالس مسجلة بصوته، وممن يقول بها كذلك مفتي مصر الحالي علي جمعة؛ بل قد زعم - علي جمعة - بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة!! وقوله هذا مسجل بصوته والله المستعان.
وفيما يلي أنقل ردوداً لبعض أهل العلم على هذه الدعوى وأسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم؛ وأن ينفع به ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي )
* أولاً:
ذكر بعض الأدلة التي تثبت عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة
قال الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» (2/47-49) باختصار:
( من الأدلة على عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم ولم يظهر لهم، نذكر منها:
- انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبيصلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم.
- اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة » رواه البخاري وغيره.
- الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟
- الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء.
- النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب
صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم.
- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يُظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه.فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا) اهـ .
* ثانياً:
أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة
إليك أخي القارئ الكريم أقوال بعض أهل العلم في هذه المسالة؛ وأغلب هذه النقول من كتاب «القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل» للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله:
1 - قال القاضي أبو بكر بن العربي نقلاً من «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني (12/384): (شذ بعض الصالحين فزعم أنها - أي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته - تقع بعيني الرأس حقيقة).
2 - الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في «المفهم لشرح صحيح مسلم» ذكر هذا القول وتعقبه بقوله: (وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده ولا يبقى من قبره فيه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره.
وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل) وإلى كلام القرطبي هذا أشار الحافظ ابن حجر في «الفتح» بذكره اشتداد إنكار القرطبي على من قال: (من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة).
3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته «العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية»: (منهم من يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه وجعلوا هذا من كراماته ومنهم من يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه.
وبعضهم كان يحكي أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك: ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم، وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثها فهلا سألته فأجابها؟).
وحكاية ابن منده التي أشار إليها ابن تيمية رحمه الله في هذا الكلام ذكرها الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (17/37-38) في ترجمة أبى عبد الله محمد بن أبى يعقوب إسحاق بن الحافظ أبى عبد الله محمد بن يحي بن منده وقال الذهبي فيها: (هذه حكاية نكتبها للتعجب). وقال في إسنادها: (إسنادها منقطع) اهـ.
4 - قال الحافظ الذهبي في ترجمة الربيع بن محمود المارديني في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»: (دجال مفتر ادعى الصحبة والتعمير في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكان قد سمع من ابن عساكر عام بضع وستين).
يعني الحافظ الذهبي بالصحبة التي ادعاها الربيع ما جاء عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو بالمدينة الشريفة فقال له: أفلحت دنيا وأخرى، فادعى بعد أن استيقظ أنه سمعه وهو يقول ذلك.
ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 513).
5- الحافظ ابن كثير ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن محمد أبى الفتح الطوسي الغزالي في «البداية والنهاية» (12/196) أن ابن الجوزي أورد أشياء منكرة من كلامه منها أنه - أي أبا الفتح الطوسي - كان كلما أشكل عليه شيء رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة فسأله عن ذلك فدله على الصواب، وأقر ابن كثير ابن الجوزي على عد هذا من منكرات أبى الفتح الطوسي، وابن الجوزي ذكر هذا في كتابه «القصاص والمذكرين» (ص156).
6- ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري» (12/385) أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله: (وهذا مشكل جداً ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف).
7- قال السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته: (لم يصل إلينا ذلك - أي ادعاء وقوعها - عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمداً بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه) نقل ذلك القسطلاني في «المواهب اللدنية» (5/295) عن السخاوي.
8- قال ملا علي قاري في «جمع الوسائل شرح الشمائل للترمذي» (2/238): (إنه أي ما دعاه المتصوفة من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته لو كان له حقيقة لكان يجب العمل بما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي وإثبات ونفي ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إجماعاً كما لا يجوز بما يقع حال المنام ولو كان الرائي من أكابر الأنام وقد صرح المازري وغيره بأن من رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية) انتهى كلام الملا علي قاري وفيه فائدة أخرى هي حكايته الإجماع على عدم جواز العمل بما يدعى من يزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أنه سمع منه أمر أو نهي أو إثبات أو نفي، وفي حكايته الإجماع على ذلك الرد على قول الزرقاني في «شرح المواهب اللدنية» (7/29) ما نصه: (لو رآه يقظة - أي بعد موته صلى الله عليه وسلم- وأمره بشيء وجب عليه العمل به لنفسه ولا يعد صحابياً وينبغي أن يجب على من صدقه العمل به قاله شيخنا).
9- قال الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله في كتابه « الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف » بعد ذكره لبعض أقوال الصوفية المخالفة للشريعة: ( فإن لم يكن هذا القول من أقوال أهل الجنون وإلا فلا جنون في الأكوان، وأعجب من هذا قول السيوطي: (أن من كرامة الولي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويجتمع به في اليقظة ويأخذ عنه ما قسم من مذاهب ومعارف).
قال: (وممن نص على ذلك من أئمة الشافعية الغزالي والسبكي واليافعي، ومن المالكية القرطبي وابن أبي حمزة وابن الحاج في «المدخل»). قال: (وحكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً، فقال له الولي: هذا الحديث باطل. فقال له الفقيه: من أين لك هذا؟ قال: هذا النبي واقفٌ على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث. وكُشف للفقيه فرآه. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: لو حجب عني النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين)([2]).
وهذا استدل به السيوطي على أن عيسى بن مريم إذا نزل من السماء آخر الزمان فإنه يأخذ علم شريعة النبي محمد عنه صلى الله عليه وسلم وهو في قبره([3]).
وأما الخضر فقالوا: أخذ عن أبي حنيفة خمسة عشر سنة بعد موته، وفيه دلالة على بلادة الخضر عندهم وقلة فهمه حيث بقي هذه المدة يأخذ العلم.
والحاصل: أن هذا كلام لا تجري به أقلام من لهم عقول فضلاً عمن يعرف آثاره من علم معقول أو منقول، وقد ثبت أن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق كانا يتمنيان لو سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسائل من علم الدين، وهذا أبو بكر يقول للجدة لما جاءت تطلب ميراثها من ابن ابنها أو ابن بنتها. ما أجد لك في الكتاب شيئاً ولا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً وسأسأل الناس العشية، فلما صلى الظهر أقبل على الناس فقال: أن الجدة أتتني تسألني ميراثها. إلى أن قال: فهل سمع أحدٌ منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً؟ فقام المغيرة بن شعبة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى لها بالسدس فقال: هل سمع ذلك معك أحد فقام محمد بن سلمة فقال: كقول المغيرة([4]).
ومثله قصة عمر في الاستئذان([5]) ورجوعه إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في عدة وقائع([6])، وكم من مسائل اجتهد فيها الصحابة وهم في الحجرة النبوية وفي المدينة الطيبة. فكيف ساغ لهم الاجتهاد مع إمكان وجود النص وأخذه عن لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم . وكم وكم من قضايا حار فيها الصحابة فرجعوا إلى الرأي وبعضهم كان لا يعلم الحديث في القضية التي حار فيها حتى يرويها له بعض الصحابة، ولا حاجة إلى التطويل لذلك. فيا عجباه لعقول تقبل هذا الهذيان، ومن قوم يعدون أنفسهم من العلماء الأعيان... الخ ) .
10- قال الشيخ عبد الحي بن محمد اللكنوي - رحمه الله - في «الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (ص46): (ومنها - أي من القصص المختلقة الموضوعة - ما يذكرونه من أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بنفسه في مجالس وعظ مولده عند ذكر مولده وبنوا عليه القيام عند ذكر المولد تعظيماً وإكراماً.
وهذا أيضا من الأباطيل لم يثبت ذلك بدليل، ومجرد الاحتمال والإمكان خارج عن
حد البيان).
11- قال الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله - في «حكم الاحتفال بالمولد النبوي»: (بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعاتهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:}ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ{ ]المؤمنون:15- 16[، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر. وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر» عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة … الخ).
12- قال عبد الفتاح أبو غدة([7]) في تعليقه على «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» لعلي قاري - رحمه الله - (ص273): (ومن غريب ما وقفتُ عليه بصَدَدِ (التصحيح الكشفي) و(التضعيف الكشفي): ما أورده الشيخ إسماعيل العجلوني الدمشقي في مقدمة كتابه «كشف الخفاء ومزيل الإلباس»(1/9-10)، على سبيل الإقرار والاعتداد به!
قال: (والحكم على الحديث بالوضع والصحة أو غيرهما، إنما بحسب الظاهرِ
للمحدثين، باعتبار الإسناد أو غيره، لا باعتبار نفس الأمرِ والقطع، لجواز أن يكون الصحيح مثلاً باعتبار نظر المحدث: موضوعاً أو ضعيفاً في نفس الأمر، وبالعكس. نعم المتواتر مطلقاً قطعي النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتفاقاً.
ومع كون الحديث يحتمل ذلك، فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين، ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين.
وفي «الفتوحات المكية»! للشيخ الأكبر قدس سره الأنور!!، ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحاً من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعَلم وضعه، ويترك العمل به وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه.
ورب حديثٍ ترِك العمل به لضعف طريقه، من أجل وضاع في رواته، يكون صحيحاً في نفس الأمر، لسماعِ المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.
قال عبد الفتاح - أبو غدة -: هذا ما نقله العجلوني وسكت عليه واعتمده!
ولا يكاد ينقضي عجبي من صنيعه هذا! وهو المحدث الذي شرح «صحيح البخاري»، كيف استساغ قبول هذا الكلام الذي تهدر به علوم المحدثين، وقواعد الحديث والدين؟ و يصبح به أمر التصحيح والتضعيف من علماء الحديث شيئاً لا معنى له بالنسبة إلى من يقول: إنه مكاشَف أو يَرى نفسه أنه مكاشَف! ومتى كان لثبوت السنة المطهرة مصدران: النقل الصحيح من المحدثين والكشف من المكاشفين؟! فحذارِ أن تغتر بهذا، والله يتولاك ويرعاك) اهـ.
* ثالثاً:
الرد على الشبهات
قال الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - حفظه الله - في «خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة» (ص207-218):
(أكثر ما يستدل به هؤلاء: الحكايات، والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية، ومنهم من يستدل بحديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ولفظة: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» .]«كتاب التعبير»حديث رقم 6993 (12/383 مع «الفتح»[.
والكلام على هذا الاستدلال من عدة أوجه سيأتي بيانها إن شاء الله.
وأورد الآن بعض الحكايات التي يذكرونها إما في معرض الاحتجاج أو الاستشهاد أو الكرامات:
قال الشعراني في«الطبقات الكبرى» (2/69): (قال أبو المواهب الشاذلي:رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي عن نفسه: لست بميت وإنما موتي تستري عمن لا يفقه عن الله؛ فها أنا أراه ويراني).
وقال أيضاً في «الطبقات الكبرى» (2/67): (كان أبو المواهب كثير الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس يكذبوني في صحة رؤيتي لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها لا يموت إلا يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً. وهذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب).
وقال أيضاً في المرجع السابق (2/70): (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن الحديث المشهور: «اذكروا الله حتى يقولوا مجنون». في «صحيح ابن حبان»: «أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون» فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ابن حبان في روايته وصدق راوي اذكروا الله، فإني قلتهما معاً، مرة قلت هذا ومرة قلت هذا).
ويزعم بعض تلامذة خوجلي بن عبد الرحمن: (أن شيخهم يرى النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم أربعة عشرين مرة - الصواب:كل يوم أربعاً وعشرين مرة- والرؤيا يقظة). ]«طبقات ابن ضيف الله» (ص190)[.
ويقول الشعراني: (وكان يقول- يعني أبا العباس الـمُرسي- لي أربعون سنة ما حُجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو حُجبت طرفة عين ما أعددن نفسي من جملة المسلمين).
هذا هو حال طائفة من الغلاة الذين عبدوا الله على جهل وغرور فتلاعب بهم الشيطان أيما تلاعب، فإن ماتوا على تلك الحال ولم يتراجعوا عن ذلك المقال فليتبؤوا مقعدهم من النار على لسان المختار صلى الله عليه وسلم.
وطائفة أخرى لها حظ من العلم في بعضه دخن، يستعمل ما آتاه الله من علم في نصرة الباطل وأهله من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
لما سُئل ابن حجر الهيتمي: (هل يمكن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه؟ فأجاب: نعم يمكن ذلك وصرح بأن ذلك من كرامات الأولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي والعفيف اليافعي من الشافعية، والقرطبي وابن أبي جمرة من المالكية. وحًكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً فقال له الولي: هذا الحديث باطل، قال: ومن أين لك هذا؟ قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث وكُشف للفقيه فرآه) ] «الفتاوى الحديثية» (ص217)[.
وأعجب من تلك الحكاية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم للسيوطي في بيته يقظة لا مناماً وقراءة السيوطي للأحاديث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع.
قال الشعراني في «الطبقات الصغرى» (ص28-29) : (أخبرني الشيخ سليمان الخضيري قال: بينا أنا جالس في الخضيرية على باب الإمام الشافعي رضي الله عنه إذ رأيت جماعة عليهم بياض وعلى رؤوسهم غمامة من نور، يقصدوني من ناحية الجبل. فلما قربوا مني فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقبلت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: امض معنا إلى الروضة. فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت الشيخ جلال الدين، فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل يده وسلم على أصحابه، ثم أدخله الدار، وجلس بين يديه. فصار الشيخ جلال الدين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأحاديث وهو صلى الله عليه وسلم يقول: هات يا شيخ السنة).
وقال الشعراني أيضاً في المرجع السابق (ص30): (وكان رضي الله عنه - يعني السيوطي- يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقال لي يا شيخ الحديث. فقلت: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ فقال: نعم. فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك ذلك).
ألا يعلم الهيتمي وهو على معرفة بعلوم الحديث، بل وله فتاوى حديثية في ذلك والسيوطي - والعهدة على الشعراني- وله ألفية في علوم الحديث وله عليها شرح كبير أن تلك الحكايات والادعاءات لا يجوز الاحتجاج ولا الاستشهاد بها في شيء من أمور الدين. بل هي باطلة ومن أبين الأدلة على بطلانها سؤال الولي والسيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً . فلو كان مثل هذا السؤال ممكناً لما أفنى علماء الحديث أعمارهم في التمييز بين الصحيح والضعيف، ولكان تأليف الدواوين الضخمة في أحوال الرجال نوعاً من العبث وتضييعاً للأوقات، ولاستغنوا عن ذلك بسؤاله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن صحة الأحاديث وضعفها كما فعل السيوطي شيخ السنة !!
بل ما كان للهيتمي وصنوه السبكي ومن نحا نحوهم أن يتكلفوا التأليف في مسائل الزيارة والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسودوا صفحات كتبهم بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، وكان الأولى لهم أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل التي نازعهم فيهم خصومهم كما فعل السيوطي شيخ السنة !!! أم أنه لا يوجد أولياء لله في ذلك الوقت؟! إنهم يعرفون ولكنهم قوم يُحرَّفون.
وبعد هذا النزر اليسير من الحكايات والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية في دعوى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه، وكل حكاية تتضمن تكذيب تلك الدعوى، ننتقل إلى الرواية التي استدلوا بها. وهذا سندها ومتنها:
قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» ] «البخاري» (كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[.
والكلام على الاستدلال بهذه الرواية من عدة أوجه:
الوجه الأول: من حيث مخالفتها لروايات أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه:
جاء هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق، أربعة منها تخالف تلك الرواية، وتفصيلها على النحو التالي:
الطريق الأولى:
عن أبي صالح ذكوان السمان(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ومن رآني في المنام فقد رآني ولا يتمثل الشيطان في صورتي». ]رواه البخاري في «صحيحه» كتاب الأدب، حديث رقم 6197، مع «الفتح»، وأحمد (1/400)، (2/463)[.
الطريق الثاني:
عن محمد بن سيرين([8]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي».]رواه مسلم في «صحيحه» (15/24) مع «شرح النووي»، وأحمد (2/411)، (2/472)[.
الطريق الثالث:
عن العلاء بن عبد الرحمن([9]) عن أبيه([10]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه ابن ماجه (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3901[.
الطريق الرابع:
عن عاصم بن كليب([11]) عن أبيه([12]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه أحمد (2/232، 342)[.
الطريق الخامس:
عن أبي سلمة([13]) بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة.
ورواه عن أبي سلمة اثنان:
1- محمد([14]) بن عمرو بن علقمة الليثي. ولفظه: «من رآني في المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتشبه بي» كلفظ الجماعة.]رواه أحمد (2/261)[.
ب- محمد([15]) بن شهاب الزهري، واختُلف على الزهري في لفظ الحديث:
- فرواه محمد([16]) بن عبد الله بن مسلم بن شهاب عنه بلفظ الشك: «من رآني في المنام فسيراني أو فكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي».]رواه أحمد (5/306)[.
وتابعه سلامة بن عقيل على الرواية بالشك.]الخطيب «تاريخ بغداد»(10/284)[.
ورواه يونس([17]) بن يزيد عن الزهري، واختُلف على يونس في لفظ الحديث كذلك.
- فرواه عبد الله([18]) بن وهب عن يونس بالشك كما رواه ابن أخي ابن شهاب وسلامة بن عقيل عن الزهري باللفظ السابق.]رواه مسلم (كتاب الرؤيا) (15/24 مع «شرح النووي »)، وأبو داود (4/444-445)[.
- ورواه أنس بن عياض([19]) عن يونس بلفظ: « من رآني في المنام فقد رأى الحق» كلفظ الجماعة.]رواه ابن حبان (7/617)[.
- ورواه عبد الله([20]) بن المبارك عن يونس باللفظ المخالف لكل الطرق السابقة عن أبي هريرة: « من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» ] «البخاري»(كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[.
ولم يقتصر هذا اللفظ للرواية على مخالفة الطرق الأخرى لأصحاب أبي هريرة رضي الله عنه، بل خالف جميع الألفاظ التي وردت عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن روى هذا الحديث.
الوجه الثاني: من حيث مخالفتها لروايات الصحابة الآخرين:
روى حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جمع من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بألفاظ متقاربة ومعان متوافقة، وتفصيل ذلك على النحو التالي:
اللفظ الأول:رواه أنس بن مالك([21]) وجابر بن عبد الله([22])، وأبو سعيد الخدري([23])، وابن عباس([24])وابن مسعود([25])، وأبو جحيفة([26]) y مرفوعاً:« من رآني في المنام فقد رآني».
اللفظ الثاني: رواه أبو قتادة([27]) وأبو سعيد الخدري([28]) رضي الله عنهما مرفوعاً: «من رآني فقد رأى الحق».
اللفظ الثالث: رواه جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في النوم فقد رآني ».] «صحيح مسلم» (كتاب الرؤيا) (15/26) مع شرح النووي)[.
فظهر من هذين الوجهين أن الرواية التي استدل بها القوم جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، بل جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لهذا الاختلاف ولكون الرواية في «صحيح البخاري» أخذ أهل العلم يتأولون معناها ويذكرون لها أجوبة لتتوافق مع روايات الجمهور.
الوجه الثالث: أجوبة العلماء عن ذلك اللفظ المشكل:
ذكر ابن حجر في «فتح الباري» (12/385) ملخصاً لتلك الأجوبة بقوله:
(وحاصل تلك الأجوبة ستة:
- أحدها: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الأخرى: «فكأنما رآني في اليقظة».
- ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير.
- ثالثها: أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه.
- رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكن ذلك، وهذا من أبعد المحامل.
- خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية لا مطلق من يراه.
- سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقة ويُخاطبه، وفيه ما تقدم من الإشكال.
الوجه الرابع: ما يرد على القوم من الإشكال على المعنى الذي قالوا به:
والإشكال الذي أشار إليه ابن حجر رحمه الله ذكره بعد قوله: (ونُقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قلت - أي ابن حجر- : وهذا مشكل جداً ولو حُمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويُعَكَّرُ عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يُذكر عن واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف. وقد أشتد إنكار القرطبي([29]) على من قال: من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة). ]«فتح الباري»(12/385)[.
والإنكار الذي أشار إليه ابن حجر هو قول القرطبي: (اختلف في معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء، وهذا قول يُدرك فساده بأوائل العقول، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى من قبره فيه شيء، فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يُرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير
قبره، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل).
وممن أنكر على القوم رؤيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة القاضي أبوبكر بن العربي([30]) قال كما في «فتح الباري» (12/384) : (وشذ بعض القدرية فقال: الرؤية لا حقيقة لها أصلاً وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس).
الوجه الخامس: اضطراب مقالات القوم في كيفية الرؤية:
فلما اشتد الإنكار على هؤلاء القائلين برؤيته صلى الله عليه وسلم في الدنيا بعد وفاته يقظة لا مناماً، اضطربت مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا فمنهم من أخذته العزة بالإثم فنفى الموت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية وزعم أن موته صلى الله عليه وسلم هو تستره عمن لا يفقه عن الله.
- ومنهم من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه ويسير حيث شاء في أقطار الأرض في الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته. ]عمر الفوتي «رماح حزب الرحيم» (1/210) بهامش «جواهر المعاني»[.
- ومنهم من زعم أن له صلى الله عليه وسلم مقدرة على التشكل والظهور في صور مشايخ الصوفية. ]عبد الكريم الجيلي «الإنسان الكامل»(2/74-75)[.
وفريق لان بعض الشيء:
- فمنهم من زعم أن المراد برؤيته كذلك يقظة القلب لا يقظة الحواس الجسمانية. ]الشعراني «الطبقات الكبرى» نقلاً عن محمد المغربي الشاذلي[.
- ومنهم من قال إن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون في حالة بين النائم واليقظان.]الشعراني «الطبقات الصغرى» (ص89)[.
- ومنهم من قال إن الذي يُرى هي روحه صلى الله عليه وسلم .]محمد علوي المالكي «الذخائر المحمدية» (ص259)، «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات» لفؤاد الفرشوطي (ص25)[.
وعليه فبعد أن ظهر تفرد تلك الرواية التي استدل بها القوم عن روايات الجمهور، وتلك الاحتمالات التي تأولها أهل العلم في المراد بمعناها، وتلك الإشكالات والإنكارات التي وردت على المعنى الذي قصده القوم، واضطراب مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا، بكل ذلك يسقط استدلالهم بها، والقاعدة المشهورة في ذلك: إذا ورد على الدليل الاحتمال بطل به الاستدلال) انتهى كلام الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - جزاه الله خيراً-.
كما رد الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي»(2/39-52) على من يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بقوله:
( أما رواية: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» لابد من إلقاء ضوء كاشف على الحديث رواية ودراية حتى نعرف قدر هذا اللفظ الذي استدل به أولئك على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة:
1- أما الحديث فقد رواه اثنا عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يزيد، مما يدل على شيوعه واستفاضته.
2- أن ثمانية من أئمة الحديث المصنفين اهتموا بهذا الحديث فأخرجوه في كتبهم مما يؤكد اهتمامهم به وفهمهم لمدلوله. ومع ذلك لم يبوب له أحد منهم بقوله مثلاً: باب في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ولو فهموا منه ذلك لبوبوا به أو بعضهم على الأقل؛ لأنه أعظم من كل ما ترجموا به تلك الأبواب.
3- أن المواضع التي أخرجوا فيها هذا الحديث بلغ (44) موضعاً، ومع كثرة هذه المواضع لم يرد في أي موضع لفظ « فسيراني في اليقظة» بالجزم إلا في إحدى روايات البخاري عن أبي هريرة.
أما بقية الروايات فألفاظها: «فقد رآني» أو «فقد رأى الحق» أو « فكأنما رآني في اليقظة» أو «فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة» بالشك.
وبالنظر في ألفاظ الحديث ورواياته نجد ملاحظات على لفظ «فسيراني في اليقظة» لا ريب أنها تقلل من قيمة الاستدلال بها وهذه الملاحظات هي:
أولاً: أن البخاري أخرج الحديث في ستة مواضع من صحيحه: ثلاثة منها من حديث أبي هريرة، وليس فيها لفظ «فسيراني في اليقظة» إلا في موضع واحد.
ثانياً: أن كلا من مسلم (حديث رقم 2266)، وأبي داود (حديث رقم 5023)، وأحمد (5/306)، أخرجوا الحديث بإسناد البخاري الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ «فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة» وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ «فكأنما رآني» أو «فقد رآني» لأن كلا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي.
وعند الترجيح ينبغي تقديم رواية الجزم على رواية الشك.
ثالثاً: إذا علمنا أنه لم يرد عند مسلم ولا عند أبي داود غير رواية الشك أدركنا مدى تدليس السيوطي حين قال في «تنوير الحلك»: (وتمسكت بالحديث الصحيح الوارد في ذلك: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي ») فأوهم أن مسلماً وأبا داود أخرجا الحديث برواية الجزم، وأغفل جميع روايات البخاري الأخرى التي خلت من هذا اللفظ.
رابعاً: ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» (12/400) أنه وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة «فقد رآني في اليقظة» بدل قوله: «فسيراني».
وهذه الأمور مجتمعة تفيد شذوذ هذا اللفظ، ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى ذلك ضمناً حين قال: (وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع - يعني الرؤية- بعيني الرأس حقيقة).
ونقل عن المازري قوله: (إن كان المحفوظ «فكأنما رآني في اليقظة» فمعناه ظاهر).
هذا ما يتعلق بالحديث رواية، وإن تعجب فعجب استدلال هؤلاء بهذا اللفظ الشاذ على تقرير إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مع اتفاقهم على: أن حديث الآحاد لا يحتج به في العقيدة.
أما ما يتعلق به دراية فنقول: لو فرضنا أن هذا اللفظ «فسيراني» هو المحفوظ فإن العلماء المحققين لم يحملوه على المعنى الذي حمله عليه الصوفية.
قال النووي في شرحه (15/26): (فيه أقوال: أحدها: أن يراد به أهل عصره، ومعناه: أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً.
وثانيها: أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة؛ لأنه يراه في الآخرة جميع أمته.
وثالثها: أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ونحو ذلك).
ونقل الحافظ ابن حجر هذه الأقوال بعدما ذكر القول بحمله على الرؤية بالعين المجردة وحكم على القائلين به بالشذوذ.
وجملة القول أن إدعاء إمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مذهب ضعيف مرجوح وذلك من وجوه:
الوجه الأول: اختلاف القائلين به في المقصود بالرؤية، وهل هي رؤية لذاته صلى الله عليه وسلم على الحقيقة، أو رؤية لمثال لها، نقله السيوطي في «تنوير الحلك» ضمن «الحاوي للفتاوى» (2/263).
ثم قال: (الذين رأيتهم من أرباب الأحوال يقولون بالثاني، وبه صرح الغزالي فقال: ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل يرى مثالاً له).
ثم نقل عن ابن العربي واستحسن قوله: (رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال) ثم قال السيوطي: (ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا وأذن لهم بالخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي)!!.
أقول: إذا كان أرباب الأحوال الذين رآهم السيوطي - على كثرتهم - يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى بروحه وجسمه بل يرى مثال له فقط، فكيف يدافع السيوطي عنهم ويخالفهم في الوقت نفسه؟
الوجه الثاني: أنهم اختلفوا أيضاً هل هذه الرؤية تكون بالقلب أو بالبصر؟
أشار السيوطي إلى ذلك ثم اضطرب اضطراياً شديداً حين قال في نفس المصدر: (أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر) فإلى هنا يبدو أنه قصد الجمع بين القولين، ثم قال: (لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني …).
الوجه الثالث: أن بعض كبار الصوفية ينفي وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة.
فيقول أبو القاسم القشيري في«الرسالة القشيرية» (باب رؤيا القوم) (ص368): (وقال بعضهم: في النوم معان ليست في اليقظة، منها: أنه يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الماضين في النوم ولا يراهم في اليقظة) اهـ.
وقد يقول قائل: إن هذا نقله القشيري عن بعضهم ولا ندري هل هم من الصوفية أو من غيرهم؟
والجواب:
أ- أن القشيري نفسه من كبار الصوفية وقد نقل العبارة وأقرها.
ب- أنه لا ينقل في رسالته مثل هذا الكلام إلا عن الصوفية، حيث ذكر في مقدمة
كتابه أنه إنما يذكر سير شيوخ التصوف وآدابهم ... وما أشاروا إليه من مواجيدهم،
وأكده في الخاتمة.
الوجه الرابع: أن هذه العقيدة مخالفة لإجماع أهل السنة والجماعة وهي خاصة بأهل البدعة، قال ابن حزم في «مراتب الإجماع»(ص176): (واتفقوا أن محمداً عليه السلام وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع جميع الناس).
الوجه الخامس: أنه يلزم من القول بإمكان رؤيته في اليقظة ووقوعها لوازم باطلة قد ذكرتها أثناء نقل أقوال أهل العلم في هذا الموضوع.
وأخيراً: نقل السيوطي عن بعض أهل العلم احتجاجه على حياة الأنبياء بأن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم ليلة الإسراء في بيت المقدس.
ومقصده أن ما دام هذا ممكناً في حق النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيمكن أن يكون جائزاً في حق أولياء أمته معه، فيرونه في اليقظة.
والجواب على هذه الشبهة أن يقال:
أولاً: ليس النزاع في حياة الأنبياء في قبورهم ولا في اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بهم ليلة الإسراء ولا صلاته بهم إماماً، فإن ذلك كله ثابت رواية، فيجب على جميع المؤمنين التصديق به.
ثانياً: أن مما يجب أن يعلم أن حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية لا نعلم كيف هي، وحكمها كحكم غيرها من المغيبات، نؤمن بها ولا نشتغل بكيفيتها، ولكننا نجزم بأنها مخالفة لحياتنا الدنيا.
ثالثاً: أن الذي أخبرنا بأنه اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء هو الصادق المصدوق الذي يجب على كل مؤمن أن يصدقه في كل ما أخبر به من المغيبات دقيقها وجليلها، ولذا آمنا بما أخبرنا به واعتقدناه عقيدة لا يتطرق إليها شك إن شاء الله تعالى.
أما من جاءنا بخبر وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فمجموعة من الدراويش خالفت الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فلم يجز - ولا أقول فلم يجب - أن نصدقهم في دعواهم تلك.
بل وجب على كل موحد ذاب عن حمى التوحيد أن يردها بما استطاع لأنه باب يؤدي فتحه إلى ضلال عظيم وخراب للأديان والعقول ويفتح باب التشريع من جديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والله أعلم) . انتهى كلام الشيخ محمد أحمد لوح جزاه الله خيراً بتصرف.
ولمزيد من الفائدة انظر كتاب «المصادر العامة للتلقي عند الصوفية عرضاً ونقداً» للشيخ صادق سليم صادق (ص405-430) وكتاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» للشيخ محمد أحمد لوح (2/36-52)، وكتاب «خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء» تأليف الصادق بن محمد بن إبراهيم، وكتاب «رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً ضوابطها وشروطها » للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخوكم/ أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي )
أحمد ميرغني أحمد التجاني من يقول بأن يرى الرسول صلى الله عليه وسلم في اليقظة فقد كفر بما أنزل الله على رسول الله صلى لا يمكن أن يرجع أحدا إلى الأرض أو يخرج من قبره إلى يوم القيامة
World Islamic Shcoolar
من الأدلة على عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم ولم يظهر لهم، نذكر منها:
- انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبيصلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم.
- اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة » رواه البخاري وغيره.
- الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟
- الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء.
- النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب
صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم.
- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يُظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه.فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا) اهـ .
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة
والرد على المدعو الهوساوي
إن هذه التي يسميها أدلة هي في الحقيقة شيء واحد يتكرر في صور مختلفة وهى كون الخلاف قد وقع بين الصحابة ولم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة ليحل لهم إشكالهم ويرفع الخلاف فجعل (الهوساوي ) المنكر ينوع في قصص الخلاف ويجعل كل قصة دليل قانماً بنفسه فأعطى بذلك الدليل (لمن يطلب الدليل ) .
يقول الشيخ الدكتور عمرمحمد مسعود التجاني فى كتابه (التجانية وخصومهم والقول الحق)
ان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم حق لا شك فيه وحديثها متواتر وخصومنا يقرون بذلك فلنا أن نسألهم لماذا لم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم ويحل لهم إشكالهم ويرفع خلافهم ولنا أن نفعل كفعلهم فننوع صور الخلاف ونجعل كل نوع دليل قائماً بنفسه فنقول : الدليل الأول ، الدليل الثاني ، الدليل الثالث ، الدليل الرابع ، الدليل الخامس فإنه إذا بطلت رؤية ليقظة بمثل هذه الأدلة بطلت أيضاً روية المنام بمثل هذه الأدلة ولا فرق وإذا بلغ النقاش إلى هذا الحد سقط الكلام مع هؤلاء المنكرين فإن قالوا : إن رؤيا المنام ليست من مصادر التشريع ويجب عرضها على الشريعة قلنا : وكذلك رؤية اليقظة فأين تذهبون ؟!
ويقال لهم أيضاً : ألستم تعلمون أن الإلهام الحق هو مما يكرم الله تعالى به أولياءه ؟ فإن قال لكم قائل : لماذا لم يحصل الإلهام للصحابة المختلفين في سقيفة بني ساعدة وفي معركة الجمل وفي معركة صفين وفي معركة النهروان ولا حصل لأبي بكر الصديق وفاطمة ( الأدلة الخمس )... لماذا لم يلهموا الحق أليسوا هم أولى من أن يلهم فلان أو فلان بأوراد وأعداد ؟! ألم يكونوا محتاجين إلى معرفة الحق الذي لا ريب فيه وقد سالت الدماء واعتركت الجيوش وقتل من قتل ؟!!! فهل تجعلون الإلهام باطل ... كما جعلتم رؤية اليقظة باطلة تأسيساً على الأدلة الخمس فيكون الإلهام باطل ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم باطلة ورؤيته في اليقظة باطلة ؟!! رحم الله امرأ قال خيراً
فغنم ... أو سكت فسلم .
جمع: أبي معاذ السلفي
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
( لقد تجرأ بعض الصوفية في ادعاء خروج النبي صلى الله عليه وسلم من قبره ورؤية مشايخ القوم له يقظة لا مناماً في الحياة الدنيا والتلقي منه، على اختلاف بينهم في كيفية هذه الرؤية كما سيأتي إن شاء الله بيانه ضمن هذا المبحث، فممن قال بذلك منهم:
ابن حجر الهيتمي في «الفتاوى الحديثية» (ص217) والسيوطي في «تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم والملك» ضمن «الحاوي للفتاوي» (2/255)، وأبو المواهب الشاذلي كما في «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/69)، والشعراني كما في «الطبقات الصغرى» (ص89)، وأحمد التيجاني وخلفاؤه كما في «رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم» (1/210)، ومن المتأخرين: خوجلي بن عبد الرحمن بن إبراهيم كما في «طبقات ابن ضيف الله» (ص190)، ومحمد بن علوي المالكي في «الذخائر المحمدية» (ص259)، ومحمد فؤاد الفرشوطي في «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات المحمدية للسادة الصوفية» (ص25))([1]) ؛ و علي الجفري الملقب بـ ( زين العابدين ) !! فقد تحدث عن هذه المسألة في عدة مجالس مسجلة بصوته، وممن يقول بها كذلك مفتي مصر الحالي علي جمعة؛ بل قد زعم - علي جمعة - بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة!! وقوله هذا مسجل بصوته والله المستعان.
وفيما يلي أنقل ردوداً لبعض أهل العلم على هذه الدعوى وأسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم؛ وأن ينفع به ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي )
* أولاً:
ذكر بعض الأدلة التي تثبت عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة
قال الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» (2/47-49) باختصار:
( من الأدلة على عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم ولم يظهر لهم، نذكر منها:
- انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبيصلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم.
- اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة » رواه البخاري وغيره.
- الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟
- الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء.
- النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب
صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم.
- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يُظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه.فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا) اهـ .
* ثانياً:
أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة
إليك أخي القارئ الكريم أقوال بعض أهل العلم في هذه المسالة؛ وأغلب هذه النقول من كتاب «القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل» للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله:
1 - قال القاضي أبو بكر بن العربي نقلاً من «فتح الباري» للحافظ ابن حجر العسقلاني (12/384): (شذ بعض الصالحين فزعم أنها - أي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته - تقع بعيني الرأس حقيقة).
2 - الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في «المفهم لشرح صحيح مسلم» ذكر هذا القول وتعقبه بقوله: (وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده ولا يبقى من قبره فيه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره.
وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل) وإلى كلام القرطبي هذا أشار الحافظ ابن حجر في «الفتح» بذكره اشتداد إنكار القرطبي على من قال: (من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة).
3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته «العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية»: (منهم من يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه وجعلوا هذا من كراماته ومنهم من يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه.
وبعضهم كان يحكي أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك: ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم، وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثها فهلا سألته فأجابها؟).
وحكاية ابن منده التي أشار إليها ابن تيمية رحمه الله في هذا الكلام ذكرها الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (17/37-38) في ترجمة أبى عبد الله محمد بن أبى يعقوب إسحاق بن الحافظ أبى عبد الله محمد بن يحي بن منده وقال الذهبي فيها: (هذه حكاية نكتبها للتعجب). وقال في إسنادها: (إسنادها منقطع) اهـ.
4 - قال الحافظ الذهبي في ترجمة الربيع بن محمود المارديني في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»: (دجال مفتر ادعى الصحبة والتعمير في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكان قد سمع من ابن عساكر عام بضع وستين).
يعني الحافظ الذهبي بالصحبة التي ادعاها الربيع ما جاء عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو بالمدينة الشريفة فقال له: أفلحت دنيا وأخرى، فادعى بعد أن استيقظ أنه سمعه وهو يقول ذلك.
ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 513).
5- الحافظ ابن كثير ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن محمد أبى الفتح الطوسي الغزالي في «البداية والنهاية» (12/196) أن ابن الجوزي أورد أشياء منكرة من كلامه منها أنه - أي أبا الفتح الطوسي - كان كلما أشكل عليه شيء رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة فسأله عن ذلك فدله على الصواب، وأقر ابن كثير ابن الجوزي على عد هذا من منكرات أبى الفتح الطوسي، وابن الجوزي ذكر هذا في كتابه «القصاص والمذكرين» (ص156).
6- ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري» (12/385) أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله: (وهذا مشكل جداً ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف).
7- قال السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته: (لم يصل إلينا ذلك - أي ادعاء وقوعها - عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمداً بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه) نقل ذلك القسطلاني في «المواهب اللدنية» (5/295) عن السخاوي.
8- قال ملا علي قاري في «جمع الوسائل شرح الشمائل للترمذي» (2/238): (إنه أي ما دعاه المتصوفة من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته لو كان له حقيقة لكان يجب العمل بما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي وإثبات ونفي ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إجماعاً كما لا يجوز بما يقع حال المنام ولو كان الرائي من أكابر الأنام وقد صرح المازري وغيره بأن من رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية) انتهى كلام الملا علي قاري وفيه فائدة أخرى هي حكايته الإجماع على عدم جواز العمل بما يدعى من يزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أنه سمع منه أمر أو نهي أو إثبات أو نفي، وفي حكايته الإجماع على ذلك الرد على قول الزرقاني في «شرح المواهب اللدنية» (7/29) ما نصه: (لو رآه يقظة - أي بعد موته صلى الله عليه وسلم- وأمره بشيء وجب عليه العمل به لنفسه ولا يعد صحابياً وينبغي أن يجب على من صدقه العمل به قاله شيخنا).
9- قال الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله في كتابه « الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف » بعد ذكره لبعض أقوال الصوفية المخالفة للشريعة: ( فإن لم يكن هذا القول من أقوال أهل الجنون وإلا فلا جنون في الأكوان، وأعجب من هذا قول السيوطي: (أن من كرامة الولي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويجتمع به في اليقظة ويأخذ عنه ما قسم من مذاهب ومعارف).
قال: (وممن نص على ذلك من أئمة الشافعية الغزالي والسبكي واليافعي، ومن المالكية القرطبي وابن أبي حمزة وابن الحاج في «المدخل»). قال: (وحكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً، فقال له الولي: هذا الحديث باطل. فقال له الفقيه: من أين لك هذا؟ قال: هذا النبي واقفٌ على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث. وكُشف للفقيه فرآه. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: لو حجب عني النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين)([2]).
وهذا استدل به السيوطي على أن عيسى بن مريم إذا نزل من السماء آخر الزمان فإنه يأخذ علم شريعة النبي محمد عنه صلى الله عليه وسلم وهو في قبره([3]).
وأما الخضر فقالوا: أخذ عن أبي حنيفة خمسة عشر سنة بعد موته، وفيه دلالة على بلادة الخضر عندهم وقلة فهمه حيث بقي هذه المدة يأخذ العلم.
والحاصل: أن هذا كلام لا تجري به أقلام من لهم عقول فضلاً عمن يعرف آثاره من علم معقول أو منقول، وقد ثبت أن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق كانا يتمنيان لو سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسائل من علم الدين، وهذا أبو بكر يقول للجدة لما جاءت تطلب ميراثها من ابن ابنها أو ابن بنتها. ما أجد لك في الكتاب شيئاً ولا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً وسأسأل الناس العشية، فلما صلى الظهر أقبل على الناس فقال: أن الجدة أتتني تسألني ميراثها. إلى أن قال: فهل سمع أحدٌ منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً؟ فقام المغيرة بن شعبة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى لها بالسدس فقال: هل سمع ذلك معك أحد فقام محمد بن سلمة فقال: كقول المغيرة([4]).
ومثله قصة عمر في الاستئذان([5]) ورجوعه إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في عدة وقائع([6])، وكم من مسائل اجتهد فيها الصحابة وهم في الحجرة النبوية وفي المدينة الطيبة. فكيف ساغ لهم الاجتهاد مع إمكان وجود النص وأخذه عن لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم . وكم وكم من قضايا حار فيها الصحابة فرجعوا إلى الرأي وبعضهم كان لا يعلم الحديث في القضية التي حار فيها حتى يرويها له بعض الصحابة، ولا حاجة إلى التطويل لذلك. فيا عجباه لعقول تقبل هذا الهذيان، ومن قوم يعدون أنفسهم من العلماء الأعيان... الخ ) .
10- قال الشيخ عبد الحي بن محمد اللكنوي - رحمه الله - في «الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (ص46): (ومنها - أي من القصص المختلقة الموضوعة - ما يذكرونه من أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بنفسه في مجالس وعظ مولده عند ذكر مولده وبنوا عليه القيام عند ذكر المولد تعظيماً وإكراماً.
وهذا أيضا من الأباطيل لم يثبت ذلك بدليل، ومجرد الاحتمال والإمكان خارج عن
حد البيان).
11- قال الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله - في «حكم الاحتفال بالمولد النبوي»: (بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعاتهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:}ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ{ ]المؤمنون:15- 16[، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر. وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر» عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة … الخ).
12- قال عبد الفتاح أبو غدة([7]) في تعليقه على «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» لعلي قاري - رحمه الله - (ص273): (ومن غريب ما وقفتُ عليه بصَدَدِ (التصحيح الكشفي) و(التضعيف الكشفي): ما أورده الشيخ إسماعيل العجلوني الدمشقي في مقدمة كتابه «كشف الخفاء ومزيل الإلباس»(1/9-10)، على سبيل الإقرار والاعتداد به!
قال: (والحكم على الحديث بالوضع والصحة أو غيرهما، إنما بحسب الظاهرِ
للمحدثين، باعتبار الإسناد أو غيره، لا باعتبار نفس الأمرِ والقطع، لجواز أن يكون الصحيح مثلاً باعتبار نظر المحدث: موضوعاً أو ضعيفاً في نفس الأمر، وبالعكس. نعم المتواتر مطلقاً قطعي النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتفاقاً.
ومع كون الحديث يحتمل ذلك، فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين، ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين.
وفي «الفتوحات المكية»! للشيخ الأكبر قدس سره الأنور!!، ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحاً من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعَلم وضعه، ويترك العمل به وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه.
ورب حديثٍ ترِك العمل به لضعف طريقه، من أجل وضاع في رواته، يكون صحيحاً في نفس الأمر، لسماعِ المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.
قال عبد الفتاح - أبو غدة -: هذا ما نقله العجلوني وسكت عليه واعتمده!
ولا يكاد ينقضي عجبي من صنيعه هذا! وهو المحدث الذي شرح «صحيح البخاري»، كيف استساغ قبول هذا الكلام الذي تهدر به علوم المحدثين، وقواعد الحديث والدين؟ و يصبح به أمر التصحيح والتضعيف من علماء الحديث شيئاً لا معنى له بالنسبة إلى من يقول: إنه مكاشَف أو يَرى نفسه أنه مكاشَف! ومتى كان لثبوت السنة المطهرة مصدران: النقل الصحيح من المحدثين والكشف من المكاشفين؟! فحذارِ أن تغتر بهذا، والله يتولاك ويرعاك) اهـ.
* ثالثاً:
الرد على الشبهات
قال الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - حفظه الله - في «خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة» (ص207-218):
(أكثر ما يستدل به هؤلاء: الحكايات، والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية، ومنهم من يستدل بحديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ولفظة: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» .]«كتاب التعبير»حديث رقم 6993 (12/383 مع «الفتح»[.
والكلام على هذا الاستدلال من عدة أوجه سيأتي بيانها إن شاء الله.
وأورد الآن بعض الحكايات التي يذكرونها إما في معرض الاحتجاج أو الاستشهاد أو الكرامات:
قال الشعراني في«الطبقات الكبرى» (2/69): (قال أبو المواهب الشاذلي:رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي عن نفسه: لست بميت وإنما موتي تستري عمن لا يفقه عن الله؛ فها أنا أراه ويراني).
وقال أيضاً في «الطبقات الكبرى» (2/67): (كان أبو المواهب كثير الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس يكذبوني في صحة رؤيتي لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها لا يموت إلا يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً. وهذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب).
وقال أيضاً في المرجع السابق (2/70): (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن الحديث المشهور: «اذكروا الله حتى يقولوا مجنون». في «صحيح ابن حبان»: «أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون» فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ابن حبان في روايته وصدق راوي اذكروا الله، فإني قلتهما معاً، مرة قلت هذا ومرة قلت هذا).
ويزعم بعض تلامذة خوجلي بن عبد الرحمن: (أن شيخهم يرى النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم أربعة عشرين مرة - الصواب:كل يوم أربعاً وعشرين مرة- والرؤيا يقظة). ]«طبقات ابن ضيف الله» (ص190)[.
ويقول الشعراني: (وكان يقول- يعني أبا العباس الـمُرسي- لي أربعون سنة ما حُجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو حُجبت طرفة عين ما أعددن نفسي من جملة المسلمين).
هذا هو حال طائفة من الغلاة الذين عبدوا الله على جهل وغرور فتلاعب بهم الشيطان أيما تلاعب، فإن ماتوا على تلك الحال ولم يتراجعوا عن ذلك المقال فليتبؤوا مقعدهم من النار على لسان المختار صلى الله عليه وسلم.
وطائفة أخرى لها حظ من العلم في بعضه دخن، يستعمل ما آتاه الله من علم في نصرة الباطل وأهله من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
لما سُئل ابن حجر الهيتمي: (هل يمكن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه؟ فأجاب: نعم يمكن ذلك وصرح بأن ذلك من كرامات الأولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي والعفيف اليافعي من الشافعية، والقرطبي وابن أبي جمرة من المالكية. وحًكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً فقال له الولي: هذا الحديث باطل، قال: ومن أين لك هذا؟ قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث وكُشف للفقيه فرآه) ] «الفتاوى الحديثية» (ص217)[.
وأعجب من تلك الحكاية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم للسيوطي في بيته يقظة لا مناماً وقراءة السيوطي للأحاديث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع.
قال الشعراني في «الطبقات الصغرى» (ص28-29) : (أخبرني الشيخ سليمان الخضيري قال: بينا أنا جالس في الخضيرية على باب الإمام الشافعي رضي الله عنه إذ رأيت جماعة عليهم بياض وعلى رؤوسهم غمامة من نور، يقصدوني من ناحية الجبل. فلما قربوا مني فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقبلت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: امض معنا إلى الروضة. فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت الشيخ جلال الدين، فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل يده وسلم على أصحابه، ثم أدخله الدار، وجلس بين يديه. فصار الشيخ جلال الدين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأحاديث وهو صلى الله عليه وسلم يقول: هات يا شيخ السنة).
وقال الشعراني أيضاً في المرجع السابق (ص30): (وكان رضي الله عنه - يعني السيوطي- يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقال لي يا شيخ الحديث. فقلت: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ فقال: نعم. فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك ذلك).
ألا يعلم الهيتمي وهو على معرفة بعلوم الحديث، بل وله فتاوى حديثية في ذلك والسيوطي - والعهدة على الشعراني- وله ألفية في علوم الحديث وله عليها شرح كبير أن تلك الحكايات والادعاءات لا يجوز الاحتجاج ولا الاستشهاد بها في شيء من أمور الدين. بل هي باطلة ومن أبين الأدلة على بطلانها سؤال الولي والسيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً . فلو كان مثل هذا السؤال ممكناً لما أفنى علماء الحديث أعمارهم في التمييز بين الصحيح والضعيف، ولكان تأليف الدواوين الضخمة في أحوال الرجال نوعاً من العبث وتضييعاً للأوقات، ولاستغنوا عن ذلك بسؤاله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن صحة الأحاديث وضعفها كما فعل السيوطي شيخ السنة !!
بل ما كان للهيتمي وصنوه السبكي ومن نحا نحوهم أن يتكلفوا التأليف في مسائل الزيارة والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسودوا صفحات كتبهم بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، وكان الأولى لهم أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل التي نازعهم فيهم خصومهم كما فعل السيوطي شيخ السنة !!! أم أنه لا يوجد أولياء لله في ذلك الوقت؟! إنهم يعرفون ولكنهم قوم يُحرَّفون.
وبعد هذا النزر اليسير من الحكايات والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية في دعوى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه، وكل حكاية تتضمن تكذيب تلك الدعوى، ننتقل إلى الرواية التي استدلوا بها. وهذا سندها ومتنها:
قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» ] «البخاري» (كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[.
والكلام على الاستدلال بهذه الرواية من عدة أوجه:
الوجه الأول: من حيث مخالفتها لروايات أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه:
جاء هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق، أربعة منها تخالف تلك الرواية، وتفصيلها على النحو التالي:
الطريق الأولى:
عن أبي صالح ذكوان السمان(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ومن رآني في المنام فقد رآني ولا يتمثل الشيطان في صورتي». ]رواه البخاري في «صحيحه» كتاب الأدب، حديث رقم 6197، مع «الفتح»، وأحمد (1/400)، (2/463)[.
الطريق الثاني:
عن محمد بن سيرين([8]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي».]رواه مسلم في «صحيحه» (15/24) مع «شرح النووي»، وأحمد (2/411)، (2/472)[.
الطريق الثالث:
عن العلاء بن عبد الرحمن([9]) عن أبيه([10]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه ابن ماجه (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3901[.
الطريق الرابع:
عن عاصم بن كليب([11]) عن أبيه([12]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. ]رواه أحمد (2/232، 342)[.
الطريق الخامس:
عن أبي سلمة([13]) بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة.
ورواه عن أبي سلمة اثنان:
1- محمد([14]) بن عمرو بن علقمة الليثي. ولفظه: «من رآني في المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتشبه بي» كلفظ الجماعة.]رواه أحمد (2/261)[.
ب- محمد([15]) بن شهاب الزهري، واختُلف على الزهري في لفظ الحديث:
- فرواه محمد([16]) بن عبد الله بن مسلم بن شهاب عنه بلفظ الشك: «من رآني في المنام فسيراني أو فكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي».]رواه أحمد (5/306)[.
وتابعه سلامة بن عقيل على الرواية بالشك.]الخطيب «تاريخ بغداد»(10/284)[.
ورواه يونس([17]) بن يزيد عن الزهري، واختُلف على يونس في لفظ الحديث كذلك.
- فرواه عبد الله([18]) بن وهب عن يونس بالشك كما رواه ابن أخي ابن شهاب وسلامة بن عقيل عن الزهري باللفظ السابق.]رواه مسلم (كتاب الرؤيا) (15/24 مع «شرح النووي »)، وأبو داود (4/444-445)[.
- ورواه أنس بن عياض([19]) عن يونس بلفظ: « من رآني في المنام فقد رأى الحق» كلفظ الجماعة.]رواه ابن حبان (7/617)[.
- ورواه عبد الله([20]) بن المبارك عن يونس باللفظ المخالف لكل الطرق السابقة عن أبي هريرة: « من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» ] «البخاري»(كتاب التعبير) (12/383) مع «الفتح» حديث رقم 6993[.
ولم يقتصر هذا اللفظ للرواية على مخالفة الطرق الأخرى لأصحاب أبي هريرة رضي الله عنه، بل خالف جميع الألفاظ التي وردت عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن روى هذا الحديث.
الوجه الثاني: من حيث مخالفتها لروايات الصحابة الآخرين:
روى حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جمع من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بألفاظ متقاربة ومعان متوافقة، وتفصيل ذلك على النحو التالي:
اللفظ الأول:رواه أنس بن مالك([21]) وجابر بن عبد الله([22])، وأبو سعيد الخدري([23])، وابن عباس([24])وابن مسعود([25])، وأبو جحيفة([26]) y مرفوعاً:« من رآني في المنام فقد رآني».
اللفظ الثاني: رواه أبو قتادة([27]) وأبو سعيد الخدري([28]) رضي الله عنهما مرفوعاً: «من رآني فقد رأى الحق».
اللفظ الثالث: رواه جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «من رآني في النوم فقد رآني ».] «صحيح مسلم» (كتاب الرؤيا) (15/26) مع شرح النووي)[.
فظهر من هذين الوجهين أن الرواية التي استدل بها القوم جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، بل جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لهذا الاختلاف ولكون الرواية في «صحيح البخاري» أخذ أهل العلم يتأولون معناها ويذكرون لها أجوبة لتتوافق مع روايات الجمهور.
الوجه الثالث: أجوبة العلماء عن ذلك اللفظ المشكل:
ذكر ابن حجر في «فتح الباري» (12/385) ملخصاً لتلك الأجوبة بقوله:
(وحاصل تلك الأجوبة ستة:
- أحدها: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الأخرى: «فكأنما رآني في اليقظة».
- ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير.
- ثالثها: أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه.
- رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكن ذلك، وهذا من أبعد المحامل.
- خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية لا مطلق من يراه.
- سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقة ويُخاطبه، وفيه ما تقدم من الإشكال.
الوجه الرابع: ما يرد على القوم من الإشكال على المعنى الذي قالوا به:
والإشكال الذي أشار إليه ابن حجر رحمه الله ذكره بعد قوله: (ونُقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قلت - أي ابن حجر- : وهذا مشكل جداً ولو حُمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويُعَكَّرُ عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يُذكر عن واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف. وقد أشتد إنكار القرطبي([29]) على من قال: من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة). ]«فتح الباري»(12/385)[.
والإنكار الذي أشار إليه ابن حجر هو قول القرطبي: (اختلف في معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء، وهذا قول يُدرك فساده بأوائل العقول، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى من قبره فيه شيء، فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يُرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير
قبره، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل).
وممن أنكر على القوم رؤيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة القاضي أبوبكر بن العربي([30]) قال كما في «فتح الباري» (12/384) : (وشذ بعض القدرية فقال: الرؤية لا حقيقة لها أصلاً وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس).
الوجه الخامس: اضطراب مقالات القوم في كيفية الرؤية:
فلما اشتد الإنكار على هؤلاء القائلين برؤيته صلى الله عليه وسلم في الدنيا بعد وفاته يقظة لا مناماً، اضطربت مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا فمنهم من أخذته العزة بالإثم فنفى الموت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية وزعم أن موته صلى الله عليه وسلم هو تستره عمن لا يفقه عن الله.
- ومنهم من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه ويسير حيث شاء في أقطار الأرض في الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته. ]عمر الفوتي «رماح حزب الرحيم» (1/210) بهامش «جواهر المعاني»[.
- ومنهم من زعم أن له صلى الله عليه وسلم مقدرة على التشكل والظهور في صور مشايخ الصوفية. ]عبد الكريم الجيلي «الإنسان الكامل»(2/74-75)[.
وفريق لان بعض الشيء:
- فمنهم من زعم أن المراد برؤيته كذلك يقظة القلب لا يقظة الحواس الجسمانية. ]الشعراني «الطبقات الكبرى» نقلاً عن محمد المغربي الشاذلي[.
- ومنهم من قال إن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون في حالة بين النائم واليقظان.]الشعراني «الطبقات الصغرى» (ص89)[.
- ومنهم من قال إن الذي يُرى هي روحه صلى الله عليه وسلم .]محمد علوي المالكي «الذخائر المحمدية» (ص259)، «القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات» لفؤاد الفرشوطي (ص25)[.
وعليه فبعد أن ظهر تفرد تلك الرواية التي استدل بها القوم عن روايات الجمهور، وتلك الاحتمالات التي تأولها أهل العلم في المراد بمعناها، وتلك الإشكالات والإنكارات التي وردت على المعنى الذي قصده القوم، واضطراب مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا، بكل ذلك يسقط استدلالهم بها، والقاعدة المشهورة في ذلك: إذا ورد على الدليل الاحتمال بطل به الاستدلال) انتهى كلام الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - جزاه الله خيراً-.
كما رد الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي»(2/39-52) على من يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بقوله:
( أما رواية: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» لابد من إلقاء ضوء كاشف على الحديث رواية ودراية حتى نعرف قدر هذا اللفظ الذي استدل به أولئك على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة:
1- أما الحديث فقد رواه اثنا عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يزيد، مما يدل على شيوعه واستفاضته.
2- أن ثمانية من أئمة الحديث المصنفين اهتموا بهذا الحديث فأخرجوه في كتبهم مما يؤكد اهتمامهم به وفهمهم لمدلوله. ومع ذلك لم يبوب له أحد منهم بقوله مثلاً: باب في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ولو فهموا منه ذلك لبوبوا به أو بعضهم على الأقل؛ لأنه أعظم من كل ما ترجموا به تلك الأبواب.
3- أن المواضع التي أخرجوا فيها هذا الحديث بلغ (44) موضعاً، ومع كثرة هذه المواضع لم يرد في أي موضع لفظ « فسيراني في اليقظة» بالجزم إلا في إحدى روايات البخاري عن أبي هريرة.
أما بقية الروايات فألفاظها: «فقد رآني» أو «فقد رأى الحق» أو « فكأنما رآني في اليقظة» أو «فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة» بالشك.
وبالنظر في ألفاظ الحديث ورواياته نجد ملاحظات على لفظ «فسيراني في اليقظة» لا ريب أنها تقلل من قيمة الاستدلال بها وهذه الملاحظات هي:
أولاً: أن البخاري أخرج الحديث في ستة مواضع من صحيحه: ثلاثة منها من حديث أبي هريرة، وليس فيها لفظ «فسيراني في اليقظة» إلا في موضع واحد.
ثانياً: أن كلا من مسلم (حديث رقم 2266)، وأبي داود (حديث رقم 5023)، وأحمد (5/306)، أخرجوا الحديث بإسناد البخاري الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ «فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة» وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ «فكأنما رآني» أو «فقد رآني» لأن كلا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي.
وعند الترجيح ينبغي تقديم رواية الجزم على رواية الشك.
ثالثاً: إذا علمنا أنه لم يرد عند مسلم ولا عند أبي داود غير رواية الشك أدركنا مدى تدليس السيوطي حين قال في «تنوير الحلك»: (وتمسكت بالحديث الصحيح الوارد في ذلك: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي ») فأوهم أن مسلماً وأبا داود أخرجا الحديث برواية الجزم، وأغفل جميع روايات البخاري الأخرى التي خلت من هذا اللفظ.
رابعاً: ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» (12/400) أنه وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة «فقد رآني في اليقظة» بدل قوله: «فسيراني».
وهذه الأمور مجتمعة تفيد شذوذ هذا اللفظ، ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى ذلك ضمناً حين قال: (وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع - يعني الرؤية- بعيني الرأس حقيقة).
ونقل عن المازري قوله: (إن كان المحفوظ «فكأنما رآني في اليقظة» فمعناه ظاهر).
هذا ما يتعلق بالحديث رواية، وإن تعجب فعجب استدلال هؤلاء بهذا اللفظ الشاذ على تقرير إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مع اتفاقهم على: أن حديث الآحاد لا يحتج به في العقيدة.
أما ما يتعلق به دراية فنقول: لو فرضنا أن هذا اللفظ «فسيراني» هو المحفوظ فإن العلماء المحققين لم يحملوه على المعنى الذي حمله عليه الصوفية.
قال النووي في شرحه (15/26): (فيه أقوال: أحدها: أن يراد به أهل عصره، ومعناه: أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً.
وثانيها: أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة؛ لأنه يراه في الآخرة جميع أمته.
وثالثها: أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ونحو ذلك).
ونقل الحافظ ابن حجر هذه الأقوال بعدما ذكر القول بحمله على الرؤية بالعين المجردة وحكم على القائلين به بالشذوذ.
وجملة القول أن إدعاء إمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مذهب ضعيف مرجوح وذلك من وجوه:
الوجه الأول: اختلاف القائلين به في المقصود بالرؤية، وهل هي رؤية لذاته صلى الله عليه وسلم على الحقيقة، أو رؤية لمثال لها، نقله السيوطي في «تنوير الحلك» ضمن «الحاوي للفتاوى» (2/263).
ثم قال: (الذين رأيتهم من أرباب الأحوال يقولون بالثاني، وبه صرح الغزالي فقال: ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل يرى مثالاً له).
ثم نقل عن ابن العربي واستحسن قوله: (رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال) ثم قال السيوطي: (ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا وأذن لهم بالخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي)!!.
أقول: إذا كان أرباب الأحوال الذين رآهم السيوطي - على كثرتهم - يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى بروحه وجسمه بل يرى مثال له فقط، فكيف يدافع السيوطي عنهم ويخالفهم في الوقت نفسه؟
الوجه الثاني: أنهم اختلفوا أيضاً هل هذه الرؤية تكون بالقلب أو بالبصر؟
أشار السيوطي إلى ذلك ثم اضطرب اضطراياً شديداً حين قال في نفس المصدر: (أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر) فإلى هنا يبدو أنه قصد الجمع بين القولين، ثم قال: (لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني …).
الوجه الثالث: أن بعض كبار الصوفية ينفي وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة.
فيقول أبو القاسم القشيري في«الرسالة القشيرية» (باب رؤيا القوم) (ص368): (وقال بعضهم: في النوم معان ليست في اليقظة، منها: أنه يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الماضين في النوم ولا يراهم في اليقظة) اهـ.
وقد يقول قائل: إن هذا نقله القشيري عن بعضهم ولا ندري هل هم من الصوفية أو من غيرهم؟
والجواب:
أ- أن القشيري نفسه من كبار الصوفية وقد نقل العبارة وأقرها.
ب- أنه لا ينقل في رسالته مثل هذا الكلام إلا عن الصوفية، حيث ذكر في مقدمة
كتابه أنه إنما يذكر سير شيوخ التصوف وآدابهم ... وما أشاروا إليه من مواجيدهم،
وأكده في الخاتمة.
الوجه الرابع: أن هذه العقيدة مخالفة لإجماع أهل السنة والجماعة وهي خاصة بأهل البدعة، قال ابن حزم في «مراتب الإجماع»(ص176): (واتفقوا أن محمداً عليه السلام وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع جميع الناس).
الوجه الخامس: أنه يلزم من القول بإمكان رؤيته في اليقظة ووقوعها لوازم باطلة قد ذكرتها أثناء نقل أقوال أهل العلم في هذا الموضوع.
وأخيراً: نقل السيوطي عن بعض أهل العلم احتجاجه على حياة الأنبياء بأن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم ليلة الإسراء في بيت المقدس.
ومقصده أن ما دام هذا ممكناً في حق النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيمكن أن يكون جائزاً في حق أولياء أمته معه، فيرونه في اليقظة.
والجواب على هذه الشبهة أن يقال:
أولاً: ليس النزاع في حياة الأنبياء في قبورهم ولا في اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بهم ليلة الإسراء ولا صلاته بهم إماماً، فإن ذلك كله ثابت رواية، فيجب على جميع المؤمنين التصديق به.
ثانياً: أن مما يجب أن يعلم أن حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية لا نعلم كيف هي، وحكمها كحكم غيرها من المغيبات، نؤمن بها ولا نشتغل بكيفيتها، ولكننا نجزم بأنها مخالفة لحياتنا الدنيا.
ثالثاً: أن الذي أخبرنا بأنه اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء هو الصادق المصدوق الذي يجب على كل مؤمن أن يصدقه في كل ما أخبر به من المغيبات دقيقها وجليلها، ولذا آمنا بما أخبرنا به واعتقدناه عقيدة لا يتطرق إليها شك إن شاء الله تعالى.
أما من جاءنا بخبر وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فمجموعة من الدراويش خالفت الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فلم يجز - ولا أقول فلم يجب - أن نصدقهم في دعواهم تلك.
بل وجب على كل موحد ذاب عن حمى التوحيد أن يردها بما استطاع لأنه باب يؤدي فتحه إلى ضلال عظيم وخراب للأديان والعقول ويفتح باب التشريع من جديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والله أعلم) . انتهى كلام الشيخ محمد أحمد لوح جزاه الله خيراً بتصرف.
ولمزيد من الفائدة انظر كتاب «المصادر العامة للتلقي عند الصوفية عرضاً ونقداً» للشيخ صادق سليم صادق (ص405-430) وكتاب «تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي» للشيخ محمد أحمد لوح (2/36-52)، وكتاب «خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء» تأليف الصادق بن محمد بن إبراهيم، وكتاب «رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً ضوابطها وشروطها » للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخوكم/ أبو معاذ السلفي ( السني الحضرمي )
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم من راني في المنام فسيراني في اليقظة لا منام. قول الرسول صلى الله عليه وسلم. ماقول الشيخ
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤