فى 28 ديسمبر عام 1922م، وُلد علي إسماعيل في بيئة موسيقية استثنائية، كان ترتيبه الأول بين شقيقين شقا طريقهما فيما بعد إلى عالم التمثيل وهما الفنانين، أنور إسماعيل وجمال إسماعيل.
أما والده إسماعيل أفندي خليفة فقد كان قائدا لفرقة الموسيقى الملكية بالجيش المصري، وربما أورثته تلك الأبوة الاهتمام باستخدام الآلات النحاسية الموسيقية التي نجدها حاضرة في كثير من أعماله سواء للأغاني أو الموسيقى التصويرية للأفلام.
تلقي تعليمه الأولي بمدرسة "بمبة قادن" بالسيدة زينب؛ حيث حصل منها علي الشهادة الابتدائية، وبعدها انتقلت الأسرة إلي السوي ؛ حيث عاشوا فيها لفترة طويلة.
من السويس، حصل علي إسماعيل على دبلوم مدرسة الصناعات البحرية، لكن الدراسة لم تحل دون الاهتمام بالموهبة، فدرس الموسيقي الغربية علي يد الأستاذ (برنتي)، والتحق بالمعهد العالي للموسيقي المسرحية - قسم الآلات إلي جانب عمله كموسيقي مجند بالجيش.
تخرج علي إسماعيل من معهد الموسيقي "معهد فؤاد الأول" ضمن الدفعة الذهبية عام 1949م، التي أخرجت أعاظم الأسماء في عالم الموسيقى والغناء، يكفى أن نذكر منهم، العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الفنانة فايدة كامل، الموسيقار كمال الطويل، والموسيقار عبد العظيم عبد الحق، وعازف القانون الشهير أحمد فؤاد حسن، مؤسس الفرقة الماسية.
وكما هو متوقع تخصص علي إسماعيل في بعض الآلات النحاسية مثل الساكسفون والكلارنيت، ومع بداية الخمسينات فرضت هذه الآلات سيطرتها على عالم الموسيقى في العالم بأسره، لذا كان طبيعيا أن يلتحق علي إسماعيل بفرقة الموسيقار محمد عبد الوهاب، الساعي دائما إلى تجديد الألحان.
انضمامه إلى قمة العمل الموسيقى بالجلوس خلف عبد الوهاب، لم يمنعه من العمل في الملاهي الليلية مع عدة فرق مثل فرقة "الاختين رتيبة وإنصاف رشدي"، وفرقة" ببا عزالدين" و"إحسان عبده"، حيث تسود المونولوجات والأغاني الشعبية الخفيفة.
وكسائر أبناء جيله، وجد باب الإذاعة المصرية مفتوحا على مصراعيه للترحيب بأي موهبة جدية، هنالك شجعه الرائد الإذاعي محمد حسن الشجاعي الذي كان يشغل منصب مستشار الموسيقى للإذاعة في ذلك الوقت، وأشركه في برامج كثيرة مثل (صواريخ) مع الإذاعي المأمون أبوشوشة، كما سمح له الشجاعي بتكوين فرقة كاملة بالإذاعة ولحن غنائيات راقصة مثل أغاني (يامغرمين)، و(حبيبي في عنيه) لعبد الحليم حافظ.
وبين النغمات الرشيقة لنوتة على إسماعيل، كُتبت شهادة الميلاد الموسيقية لعدة فرق، أولها الشراكة مع الأخوين على ومحمود رضا في تأسيس فرقة رضا للفنون الشعبية مع نهاية الخمسينات، حيث كان علي إسماعيل هو رئيس الفرقة الموسيقية ومؤلف موسيقى كل الرقصات والتابلوهات الاستعراضية، وطاف معهم أغلب دول العالم، وظل يعمل بها حتى وفاته، ومن أهم أعماله الموسيقية :"رنة الخلخال" ،" و"الرقصات الصعيدية"، و"حلاوة شمسنا"، و"الأقصر بلدنا"، كما لحن علي إسماعيل جميع الأغاني والموسيقي التصويرية لأفلام فرقة رضا، وهي "أجازه نصف السنة" ، "غرام في الكرنك ".
وفى ذروة الوهج الموسيقى لعلي إسماعيل في الخمسينات، نجح على إسماعيل فى تأسيس فرقة الثلاثي المرح "وفاء وصفاء وسناء"، تلك الفرقة التي أحدث ظهورها علامة فارقة في تاريخ فرق الغناء الجماعي في مصر، وذلك بتقديم الأغاني الشعبية الخفيف التي تجذب أسماع الجماهير، وفتح الطريق كاملا لجيل كبير من كتاب الأغاني من أمثال، صلاح جاهين، ومرسي جميل عزيز، وعبد الفتاح مصطفى، وصالح جودت، فضلا عن كبار الملحنين مثل محمد ألموجي، وسيد مكاوي، ومنير مراد، وغيرهم .
ومن أشهر أغنيات الثلاثي : "العتبة جزاز" ، "يا أسمر ياسكر" ، "أهو جه يا ولاد"، "سبحة رمضان"، "حلاوة شمسنا"، و"البحر بيضحك ليه".
كان وضع الموسيقي التصويرية للأفلام المصرية، أبرز المحطات إن لم يكن أهمها في مسيرة على إسماعيل، حيث وضع الموسيقى لنحو 350 فيلما، بعضها تم تصنيفه ضمن روائع السينما المصرية، ومنها" الأرض، بين القصرين، معبودة الجماهير، يوم من عمري، الأيدي الناعمة، السفيرة عزيزة، ألمظ وعبد الحامولي، الشموع السوداء، أدهم الشرقاوي، حكايتي مع الزمان"، وغيرها.
وطنيات علي إسماعيل كانت كفيلة بتجسيد معاني الانتماء في وجدان المصريين، في أصعب لحظات الحرب، وأهنأ لحظات السلم.
البداية كانت مع فادية كامل رفيقة الدراسة أثناء العدوان الثلاثي على مصر، حيث دوت أغنية "دع سمائي" فى جنبات بورسعيد والسويس والإسماعيلية، وكانت أقوى فى وقعها من مدافع الإنجليز، حتى أنهم قصفوا دار الإذاعة لإسكات هذا النشيد الحماسي الذي كتبه الشاعر كمال عبد الحليم، لتهزم موسيقى على إسماعيل مدافع بريطانيا العظمى خلال العدوان.
أما رفيق الدراسة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، فقد قام علي إسماعيل بتلحين أغانيه الوطنية التي تمجد ثمار ثورة 23 يوليو 1952، ومن بينها:"صورة، المسئولية، إحنا الشعب، أحلف بسماها وترابها، بالأحضان، وغيرها".
وفى حرب أكتوبر المجيدة، عانقت موسيقى على إسماعيل أفراح النصر، بالعديد من الأعمال ملحنا وموزعا، مثل "الله أكبر..بسم الله"، و"رايحين شايلثين في إيدنا سلاح"، وغيرها.
حصد على إسماعيل العديد من الأوسمة، وحظي بالكثير من مظاهر التكريم، منها:- وسام العلوم والفنون عام 1961 م، الجائزة الأولي عن موسيقي فيلم "أجازة نصف السنة"عام1964م، شهادة تقدير من المهرجان العالمي التاسع بصوفيا عام 1969م، جائزة عن موسيقي فيلم "الأرض"، الجائزة الأولي عن موسيقي فيلم "حكايتي مع الزمن"، جائزة الدولة التشجيعية لاسمه عام 1975 م.
وعن عمر 52 عاما، رحل علي إسماعيل بشكل مفاجئ في 16 يونيه 1974م، لكن تظل أعماله الموسيقية خالدة في عالم الألحان.